القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

«الفصائل» تعيد البوصلة إلى فلسطين.. عين الحلوة بعد «المعركة»: قوات فصل وشائعات

«الفصائل» تعيد البوصلة إلى فلسطين.. عين الحلوة بعد «المعركة»: قوات فصل وشائعات


الخميس، 27 حزيران، 2013

كالفطر تنمو الشائعات في مخيم عين الحلوة. يصحو أهله على واحدة وينامون على أخرى.

وبعدما كان قياديو الفصائل الوطنية والإسلامية يسعون لحماية أمن المخيم من أي فلتان أمني، بعدما كادت التطورات تهدده في وجوده، صارت مهمتهم الجديدة إطفاء مفاعيل الشائعات المتناسلة.

يقول أحد هؤلاء «يا ليت التطور التكنولوجي لم يصل إلينا». لم يعد باستطاعة القيادات لا اللحاق بمواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم تناقل الأخبار بسرعة قياسية.. ولا التحكم بها.

فجر أمس، أدت شائعة تشير إلى نية الجيش اقتحام «مخيم الطوارئ» لاعتقال من شارك في الاشتباكات الأخيرة إلى موجة نزوح بين الأهالي في «الطوارئ» و«التعمير». حمل الرجال أولادهم وحملت النساء ما قل وزنه، وركضوا باتجاه المناطق الأكثر أمناً. الشائعة أرفقت بشائعة مضادة تشير إلى سماع تكبيرات في مساجد المخيم تدعو للجهاد ضد الجيش. قبل أن يتبين أن ما حصل لا يعدو كونه صادراً عن أحد الشبان في المخيم، في الوقت الذي كاد «التعمير» يفرغ من سكانه.

وحتى يقتنع الخائفون أن لا شيء مما سمعوه صحيحاً، أخذ ذلك وقتاً وجهداً كبيرين من اللجنة التي شكلتها الفصائل لحماية المخيم من التحول إلى ورقة بيد المتصارعين على ساحة صيدا.

موجة الشائعات لم تقف عند حد. تردد أيضاً أن «سرايا المقاومة» و«التنظيم الشعبي الناصري» قررا مهاجمة المخيم. قبل ذلك قيل إن عبد الرحمن شمندور قد قتل في «التعمير»، أو أن فلاناً وجد مقطعاً إرباً أو أن أحمد الأسير صار متوارياً في قلب المخيم...

يخلص المسؤول السياسي لحركة «حماس» في منطقة صيدا والمخيمات أبو أحمد فضل إلى أن طرفاً ثالثاً لا يريد لهذه التهدئة أن تستمر. يوافقه «قائد شهداء الأقصى» اللواء منير المقدح هذا الرأي، إضافة إلى أحد المشايخ العاملين على خط الوساطات.

ذلك «الطرف الثالث» يحمّل أيضاً مسؤولية إطلاق شرارة المعركة بين الجيش وبقايا «فتح الإسلام» و«جند الشام» في التعمير يومي الأحد والاثنين الماضيين على خليفة أحداث عبرا.

يرفض أحد القادة الميدانيين الذين شاركوا في الاشتباك اتهامهم بافتعال المشكلة من خلال المبادرة إلى إطلاق النار على الجيش. يؤكد أنه حين بدأت المعركة «كنا مجتمعين مع ممثلي القوى الإسلامية». ويضيف: «بعدها كان من الطبيعي أن ندافع عن أنفسنا وعن أولادنا».

يبدو القائد الميداني مقتنعاً بما نقلته له «لجنة التهدئة». يردد أن «لا مصلحة لنا بإقحام المخيم في الصراع الصيداوي». ويضيف: «لو كان لدينا مشروع قتال أو دعم عسكري للشيخ أحمد الأسير لخرجنا من المخيم».

نادراً ما شاهد أهل عين الحلوة عضواً في «حماس» ممتشقاً سلاحه علناً. بعد أحداث «التعمير» وتوافق «الفصائل» على نشر مجموعات فصل، صار الأمر عادياً. مسلح من «حماس» إلى جانب مسلح من «عصبة الأنصار» يقفان في النقطة العسكرية التي هجرتها المجموعات التي اشتبكت مع الجيش. هؤلاء لم يتواروا عن الأنظار إنما ابتعدوا أمتاراً عدة إلى الخلف، حيث تجمع بعضهم قرب منزل هيثم الشعبي.

في الاجتماع الذي عقد ليل أمس الأول، تقرر وضع نقطة أمنية أخرى في منطقة البساتين ـ السكة، يتولاها الجيش الشعبي التابع للمقدح.

يعول «عقلاء المخيم» على ترسيخ القوة الأمنية بما يحولها إلى قوة فاعلة قادرة على لجم أي حالة تهور مستقبلية يمكن أن تصدر من هنا أو هناك. كما يؤكد منير المقدح أنه برغم الجراح، كل المخيم يرفض استدراجه إلى معركة ليست معركته.

حالة الغضب على «حزب الله» و«سرايا المقاومة» و«التنظيم الشعبي الناصري» لا يمكن إخفاؤها في المخيم. صحيح أن قيادات الفصائل لم توقف التنسيق مع هذه الأطراف، إلا أن الناس، أو معظمهم، مقتنعون أن «السرايا» شاركت في الهجوم على المخيم.

أمس، كان عين الحلوة على موعد مع التعازي بالمدنيّيْن اللذين قتلا أثناء الاشتباك. مناسبات كهذه عادة ما ترافقها موجات غضب، إلا أن مصلحة المخيم بدت فوق ردود الفعل. ظلت الانفعالات محصورة بالعتب على الجيش مع لوم شديد على استخدامه الأسلحة الثقيلة في قصف المخيم.

أي غريب يدخل إلى عين الحلوة سيواجه بأحد سؤالين: هل شاهدت الدمار الذي لحق بالأبنية أو هل أنت مسؤول عن التعويضات للمتضررين من القصف؟

السؤالان يعبران عن احتجاج ضمني على النظرة السائدة بأن المخيم مجرد صندوق بريد متفجر. «الفصائل الفلسطينية» صارت حاسمة في منع تكرار ما حصل ليل الأحد الماضي. لذلك قررت إعادة استحضار عناوين القضية الفلسطينية كحق العودة والقدس والأسرى في اللقاءات والحوارات التي تعقد. يريد هؤلاء أن يذكروا مجدداً أن «البوصلة تقود إلى فلسطين وليس إلى أي اتجاه آخر».

المصدر: ايلي الفرزلي – السفير