الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ12لرحيل عرفات..
ويأملون في الكشف عن القتلة

الجمعة، 11 تشرين الثاني، 2016
يصادف اليوم الجمعة الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين
الثاني الذكرى السنوية الـ 12 لاستشهاد الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات. ويحيي الفلسطينيون
في مناطق عدة هذه الذكرى الأليمة، رغم أنه لم يعلن بعد عن أسماء منفذي جريمة تسميم
الزعيم، رغم أن كل أصابع الاتهام تشير إلى وقوف إسرائيل وراءها.
وأقيم احتفال مركزي تأبيني للرئيس الخالد في مدينة
رام الله، وذلك بعد افتتاح متحفه الرسمي بمشاركة عربية رسمية، على أن يحيي الفلسطينيون
في قطاع غزة الذكرى بطرق عدة، بعد إعلان حركة فتح التي كان يتزعمها الرئيس عرفات عدم
إقامة مهرجان مركزي، بسبب الرفض المتكرر السابق من قبل حركة حماس.
وشارك الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة زعيمهم
الراحل لحظات الفرح ببناء المؤسسات الفلسطينية، بعد عودته من المنفى عام 1994 بموجب
اتفاق اوسلو، وعايشوه أسوأ أيام الحصار والتدمير من آلة الحرب الإسرائيلية عند اندلاع
«انتفاضة الأقصى».
وكان الرئيس الراحل قد قضى نحبه في الحادي عشر من
تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2004 في مستشفى «بيرسي» العسكري في إحدى ضواحي العاصمة
الفرنسية باريس، الذي وصله من مقر إقامته في رام الله عن طريق الأردن، بعد مرض مفاجئ
ألم به، دفعه لفقدان الكثير من وزنه وصحته.
وجرى نقله للعلاج في المشفى الفرنسي، بطلب من فريق
طبي، فشل في تشخيص المرض، بعد الحصول على موافقة من إسرائيل، التي كانت تفرض عليه حصارا
في مقر المقاطعة، ضمن سياستها للتخلص منه، بعد اندلاع «انتفاضة الأقصى» في عام
2000، التي جاءت عقب انهيار مفاوضات السلام التي عقدت في منتجع «كامب ديفيد» في الولايات
المتحدة.
وعقب وفاته شكلت لجنة تحقيق فلسطينية، برئاسة توفيق
الطيراوي المدير السابق لجهاز المخابرات، لمعرفة أسباب الوفاة التي كان سببها الأساسي
التسمم، حيث اكتشف لاحقا مختبر طبي سويسري متخصص أن مقتنيات الرئيس الفلسطيني احتوت
على نسبة من مادة «البولونيوم» المشع، وهو ما دفع الجانب الفلسطيني لفتح قبره في مدينة
رام الله، وتمكنت فرق طبية من سويسرا وروسيا من أخذ عينات لتحليلها.
وحققت اللجنة المكلفة بالتحقيق مع الكثير من الشخصيات
دون أن تكشف عنها، حيث تحول إجراءات الاحتلال والتنقل بحرية من وإلى الضفة الغربية
من الوصول إلى الكثير من الشخصيات التي تريد اللجنة الحديث إليها، وهو من أكثر الملفات
التي أعاقت بعد مرور 12 عاما الإعلان عن المتهمين الأساسيين الذين يقفون وراء عملية
تسميم الرئيس عرفات.
ويمثل الرئيس الراحل رمزا وطنيا، وهو من مؤسسي حركة
فتح التي اطلقت الرصاصة الأولى في الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، وترأس لجنتها
المركزية لحركة فتح، حتى وفاته، وفي عام 1969 تولى رئاسة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير،
وهو المنصب الذي ظل يحتله حتى مماته أيضا. وشارك الرئيس الراحل في معارك الثورة الفلسطينية
في الأردن ولبنان، قبل أن يرحل مع رفاقه وعدد من مقاتليه الى تونس عام 1982، بعد الخروج
من بيروت التي حاصرها الجيش الإسرائيلي لنحو ثلاثة أشهر متتالية، ضمن اتفاق وضعه المبعوث
الانريكي فيليب حبيب، نص على خروج القوات الفلسطينية من لبنان.
ومن تونس أشرف الرئيس الراحل مع رفيق دربه خليل
الوزير «أبو جهاد» على «انتفاضة الحجارة» التي اندلعت في المناطق الفلسطينية في عام
1987، ومن ثم وافق على مشاركة ممثلين فلسطينيين ضمن وفد أردني في مؤتمر مدريد للسلام
في عام 1990، وقادت الى لقاءات سرية بين ممثلين رسميين عن منظمة التحرير وإسرائيل تحت
إشراف نرويجي، ليتكلل بعقد اتفاق «أوسلو» عام 1993، الذي وقع في البيت الأبيض، وأسس
لقيام سلطة فلسطينية في عام 1994، كان الرئيس الراحل أول من رأسها.
وتفيد المعلومات عن الرئيس الراحل أنه ولد في مدينة
القدس في 4 آب/أغسطس من عام 1929، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط
في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.ودرس في كلية الهندسة في
جامعة فؤاد الأول التي أصبحت جامعة القاهرة، وهناك ترأس اتحاد طلبة فلسطين، وكانت بداية
تعرفه على رفاق دربه الذين أسسوا حركة فتح فيما بعد، وهم خليل الوزير (ابو حهاد) وصلاح
خلف (ابو إياد) وفاروق القدومي (ابو اللطف) والرئيس الحالي محمود عباس (ابو مازن) ،
ومحمد النجار (ابو يوسف)، وغيرهم من مؤسسي الحركة الأوائل.
وتعد لحظة وصول الرئيس عرفات لمنصة الأمم المتحدة
كممثل للشعب الفلسطيني في عام 1974، نقطة تحول كبيرة في تاريخ القضية الفلسطينية، حين
أقر العالم بتمثيل المنظمة للفلسطينيين، وهناك قال جملته الشهيرة»جئتكم حاملا بندقية
الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي».
وخلال مسيرته النضالية نجا الرئيس الراحل من عدة
محاولات اغتيال إسرائيلية، أبرزها في عام 1985 حين نجا من غارة إسرائيلية استهدفت منطقة
«حمام الشط» في تونس، ووقتها أدت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
وفي ذكرى الرئيس الرمز أكد سليم الزعنون رئيس المجلس
الوطني لمنظمة التحرير، أن الشعب الفلسطيني «سيواصل المضي على درب الكفاح حتى هزيمة
الاحتلال واسترداد حقوقنا الوطنية المشروعة وتحقيق تطلعاته في العودة والاستقلال وإقامة
دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس».
ودعا المجلس الوطني الشعب الفلسطيني والأمة العربية
وأحرار العالم لـ «تعزيز وحدة أبناء شعبنا الصامد على أرضه لمواجهة الأخطار المحدقة
به وبمشروعه الوطني، حيث تتعرض مقدساتنا للخطر في القدس، إلى جانب العدوان المستمر
على أطفالنا وبيوتنا، ومقدراتنا الاقتصادية، كما يتعرض شعبنا في المخيمات في سوريا
الشقيقة لأخطار فادحة».
ودعا الفلسطينيين الى «التلاحم ورص الصفوف تحت راية
منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لكافة أبناء شعبنا أينما وجدوا، من
أجل تعزيز قوتنا ومواجهة الاحتلال وسياساته الجائرة، مجددا الوفاء لدماء الشهداء الأبرار
وتضحيات الجرحى ونضالات الأسرى».
وأكد أن الشهيد عرفات كان «الشهيد الحي طيلة حياته»،
مضيفا «هو الزعيم التاريخي الذي قاد شعبه في أحلك الظروف بشجاعة وحنكة واقتدار في كافة
مراحل الكفاح الوطني، مدافعا عن قيم السلام والعدالة، ومتمسكا بالثوابت القومية والوطنية
والدينية». وأكد أن التاريخ سيسجل أنه بالممارسة «كرس نهج الوحدة الوطنية، وأن فلسطين
كانت حلمه الأول والأخير، والدولة المستقلة بعاصمتها القدس، كانت هاجسه ومسعاه وقبلته».
من جانبها أكدت حركة فتح أن الرئيس عرفات «غرس بذور الهوية الوطنية في أرض الشعب الفلسطيني».
وأعلنت مجددا تمسكها في ذكرى رحيل الرئيس عرفات، بالثوابت الفلسطينية، وبحق الشعب الفلسطيني
بقيام دولته المستقلة بعاصمتها القدس. وقالت إن الشهيد أبو عمار يمثل «رمز استقلالية
القرار الوطني»، وأكدت أن عملية الاستقواء بقوى خارجية تعد «خيانة لروحه ومنهجه».
وفي بيانات عدة للفصائل الفلسطينية استذكرت سيرة
الرئيس الراحل، ووصفته بأنه يمثل «رمزا للوطنية الفلسطينية، وعنوانا للوحدة»»
وقالت هذه الفصائل إن رحيل الرئيس عرفات شكل خسارة
فادحة للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية ولكل الأحرار والشرفاء في العالم.
المصدر: أشرف الهور - القدس العربي