القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

القوى الاسلامية الفلسطينية والدولة اللبنانية: علاقة «مصالحة» من مطلوبين إلى حاجة امنية

القوى الاسلامية الفلسطينية والدولة اللبنانية: علاقة «مصالحة» من مطلوبين إلى حاجة امنية
 

الإثنين، 24 كانون الأول، 2012

فجأة فتحت الأبواب الموصدة أمام القوى الاسلامية الفلسطينية في عين الحلوة، ومن أوسع مداخلها السياسية والأمنية من صيدا إلى بيروت، وتبدلت صورة مسؤوليها من "مطلوبين للعدالة" إلى مرحب بهم تحت عنوان "الاعتدال" الاسلامي في ظل موجات التطرف النامية في أكثر من منطقة، بدء بـ "التكفريين" و"السلفيين" مرورا بـ "الجهاديين" و"القاعدة" وصولا الى "فتح الاسلام" و"جند الشام"، و"النصرة" وكلها جماعات "أصولية" متشددة يصعب التلاقي معها أو حتى التعايش أو التحاور أو التفاهم.

وفق مفهوم الدولة اللبنانية السياسي ومنظورها الأمني، فإنّ الاعتدال الاسلامي في عين الحلوة يمنع سيطرة التطرف والتشدد، وبالتالي يقطع الطريق على المشاكل والاقتتال وجر المخيم إلى أجندة غير فلسطينية، وقد شكلت "القوى الاسلامية" على امتداد عقد ونيف من الزمن رقما صعبا في معادلة المخيم السياسية لم يعد بالمقدور تجاهله، ففرضت نفسها "صمام أمان" و"ضمانة" في سحب فتيل التفجير في الكثير من القضايا الخلافية.. وبالتالي على الدولة بشقيها السياسي الآن والأمني سابقا التعامل معها بعيدا عن الأضواء سرا أولا ثم علنا الآن ويسجل لمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الدور البارز في هذا التحول إذ حين كان مديرا لمخابرات الجيش اللبناني في الجنوب دخل إلى عين الحلوة للمرة الأولى وكسر الحواجز الرسمية السياسية وفتح الباب لعلاقة آخذة بالتوطيد بما يخدم أمن المخيم واستقراره ومدينة صيدا على حد سواء، فيما كانت عصبة الأنصار الاسلامية تخرج من بوتقة التقوقع والانغلاق لتلحق بـ "الحركة الاسلامية المجاهدة" التي يترأسها الشيخ جمال خطاب والتي اعتمدت الانفتاح والحوار سبيلا لتكريس قوتها العسكرية.

وتؤكد مصادر إسلامية بارزة في عين الحلوة لـ "النشرة" أنّ الأهمّ في مقاربة القوى الاسلامية الآن ناهيك عن الحفاظ على أمن المخيم واستقراره ومنع تمدد الجماعات الأصولية المتطرفة وتحويل المخيم إلى قاعدة استهداف أمن الدولة أو دول الجوار وحتى قوات "اليونيفيل"، هو دورها المتصاعد في تطويق ذيول الفتنة المتصاعدة في مدينة صيدا بعد صعود نجم إمام مسجد بلال بن رباح أحمد الأسير والخلاف مع "حزب الله" وحركة "أمل" في منطقة لم تعتد مثل هذا الخطاب ولم تكن إلا صوتا للاعتدال والحوار والعيش المشترك يوم كان المدفع لغة التواصل بين المناطق والقوى اللبنانية في زمن الحرب البغيض، فلعبت دورا كبيرا بالوساطة، أعلن عن بعضه وكثيرا بقي طي الكتمان، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنّ القوى الاسلامية الفلسطينية لعبت دورا في إقناع الأسير بإلغاء لقاء إيماني كان ينوي تنظيمه في تعمير عين الحلوة قبل حصول الاشكال الأمني الأخير بأسبوعين بين أنصاره و"حزب الله" والذي أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى وخمسة جرحى نتيجة التداخل الطائفي في المنطقة، فتفادت بالالغاء وقوع الاشكال، ومنها أيضا إقناعه بتأجيل إعلان "كتائب المقاومة الصيداوية" وقبلها بفك اعتصامه المفتوح عند مدخل صيدا الشمالي قرب مستديرة "الكرامة" بمحاذاة مسجد بهاء الدين الحريري وبعدها عدم القيام بأي اعتصام مفتوح وسواه.

أمام هذه القراءة، يعتبر استقبال وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لوفد من القوى الاسلامية برئاسة الشيخ خطاب ثم السماح للناطق الرسمي باسم عصبة الأنصار الاسلامية الشيخ ابو الشريف عقل بإلقاء خطبة الجمعة في مسجد القدس في صيدا لمخاطبة الناس مباشرة للمرة الأولى بما يشبه المكأفاة على دورها الايجابي، فالدولة على قناعة بالحاجة إليها لتحصين الأمن ببعديه السياسي والديني في المرحلة الراهنة والمقبلة في ظل ارتفاع وتيرة الشحن المذهبي وتحديدا السني ـ الشيعي، بينما "القوى الاسلامية" كسرت طوق الحصار الأمني المضروب عليها "ظلما" منذ جريمة اغتيال رئيس جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية الشيخ نزار الحلبي في بيروت بانتظار الانتهاء من الطوق القضائي وهو ما يجري العمل عليه بعيدا عن الأضواء لاسدال الستارة على حقبة ماضية بسلبياتها وإيجابياتها على مختلف الصعد.

وجاءت الزيارة إلى الوزير شربل استكمالا لسلسلة زيارات قام بها وفد "القوى الاسلامية" إلى كل من رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور في مكتبه في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا، إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود وأمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد والنائب بهية الحريري في مجدليون وإمام مسجد بلال بن رباح أحمد الأسير، ممثل حركة "حماس" في لبنان علي بركة، ممثل "حركة الجهاد الاسلامي" أبو عماد الرفاعي في بيروت، السفير الفلسطيني أشرف دبور وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" فتحي أبو العردات ومسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية في السفارة الفلسطينية واللافت أنّ هذه الزيارات كانت تتمّ سابقا دون تغطية إعلامية، أما اليوم فقد تبدل المشهد مع تبدل النظرة إليها.

وأكد مصدر إسلامي شارك في الجولة أنها حملت عنوانا واحدا "العمل تعزيز الوحدة الاسلامية ووأد الفتنة المذهبية في ظل ارتفاع منسوب التوتير في أعقاب سلسلة من الاشكالات التي وقعت في مدينة صيدا، بينما قال الشيخ عقل أنّ الهدف العمل على تعزيز الوحدة الاسلامية عبر البحث عن القواسم المشتركة وعوامل الجمع لا التفرقة وصولا الى ابعاد شبح الفتنة المذهبية عن المنطقة في ظل المحاولات الحثيثة لايقاعها والـتأكيد على موقف القوى الاسلامية الواضح والحاسم برفض الفتنة والاقتتال في آن، وعلى الحرص على السلم الاهلي وأمن لبنان واستقراره وبأنه على مسافة واحدة من جميع القوى والاحزاب يتقرب من هذا او يبتعد عن ذاك بقدر الالتصاق بالقضية الفلسطينية.

وقد أكد الشيخ خطاب خلالها "أننا مع السلم الاهلي وعلى مسافة واحدة من الجميع ولن نكون إلا صمام أمان واستقرار لمدينة صيدا ومخيم عين الحلوة".

المصدر: النشرة