"القيادة العامة" تحت مجهر
"حزب الله" بعد متفجرة الرويس

السبت، 05 تشرين الأول، 2013
خلال إطلالته الأخيرة عبر شاشة
"المنار"، أعلن السيد حسن نصر الله أنه و"بفضل الله وبعونه وجهود
المخلصين فقد توصّل "حزب الله" الى نتائج حاسمة حول الجهة التي تقف خلف
متفجرة الرويس" وأن هناك "مجموعات تكفيرية تقف خلف هذه الجهة تعمل في
إطار المعارضة السورية وتنطلق من الأراضي السورية أيضاً"، رافضاً حينها
الدخول "في لعبة الأسماء والأفراد والأماكن" وهو الأمر الذي ترك أكثر من
علامة استفهام لدى الرأي العام اللبناني.
بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على
كلام نصر الله، خرجت وسائل الإعلام "الممانعة" وكعادتها لتصطاد في الماء
العكر ولتتهم بعض أبناء بلدة عرسال بالوقوف وراء التفجير بالتعاون مع "جبهة
النصرة" وأكثر من ذلك فقد خرج أحد جهابذة هذه "الممانعة" في اليوم
التالي، ليفك طلاسم كلام نصر الله ويحدد بالهوية والأسماء العناصر المسؤولة عن
التفجير وأماكن تواجدها إلاّ انه نسي أن يذكر نوعية الطعام الذي تناولته هذه
العناصر قبل تنفيذ الجريمة.
"هل فعلاً نحن مخترقون؟ ومن
هي الجهة التي تخترقنا؟". أسئلة رددتها قيادة "حزب الله" الأمنية
بعد ساعات قليلة على وقوع متفجرة الرويس إذ لا يُمكن لأي شخص, أو جهة, أن يجول
بسيارة محمّلة بالمتفجرات داخل أحياء الضاحية الجنوبية من دون أن يملك تفاصيل
دقيقة ومعلومات أكيدة حول طبيعة المنطقة والمكان الذي ينوي التفجير فيه وهذا
بالطبع يحتاج إلى أمرين لا ثالث لهما، إمّا أن يكون واضع العبوة قد دخل إلى
المنطقة المستهدفة أكثر من مرّة قبل أن يضعها وتعرّف على أحيائها والطرق التي تصل
مناطقها بعضها ببعض، وإمّا أن تكون هناك جهة تعرف طبيعة المنطقة وتتردد اليها بشكل
منتظم هي من ساعدت الجهة المنفذة على إدخال السيارة المفخخة في ذلك اليوم.
المعلومات تؤكد أن "حزب
الله" وضع يده فعلاً على طرف الخيط الذي يوصله إلى تحديد الجهة التي تقف وراء
متفجرة الرويس لكن هذا بالتأكيد لا يعني أنه تمكّن من تحديد هويّة الأسماء او
المناطق التي ينتمي إليها هؤلاء وما إذا كان من بينهم لبنانيون كما أسلف، وهذه
المعلومات حصل عليها بعد أسابيع على وقوع المتفجرة من خلال تحقيقات ومتابعات
ميدانية بين مسؤولين أمنيين في الحزب وبين جهات حليفة له تخللها لقاءات مكثّفة في
إحدى "الكافيتيريات" على طريق المطار، وليتبين لاحقاً أن مسؤول أمن
"القيادة العامة" التابعة لأحمد جبريل في بيروت المدعو أبو راتب، قد
ألقى القبض على عناصر تنتمي إلى المعارضة السورية، ليفرج عنهم لاحقاً لقاء حصوله
على مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي.
بعد حصول "حزب الله"
على هذه المعلومات أخضع المسؤول المذكور لمراقبة شديدة على يد جهازه الأمني
المميّز المعروف بـ"الأمن المضاد" أفضت في نهاية الأمر إلى التأكد من أن
للمدعو أبو راتب علاقات بمجموعات جهادية وسلفية معارضة للنظام السوري ونتج عن هذه
العلاقات بيعه لهذه الجهات مجموعة متطورة من الأسلحة والصواريخ كانت استلمتها
جماعة جبريل من الحزب قبل حرب تموز بأسابيع قليلة الامر الذي اضطر فيه الأخير إلى
إرسال مجموعة من القياديين العسكريين لديه، لإجراء فحوص وتدقيق على كل مخازن السلاح
التابعة للقيادة العامة في لبنان في كل مواقعها في البقاع وبيروت والجبل.
وتجزم المعلومات بأن ضباطاً
عسكريين من "حزب الله" قاموا منذ اسبوعين تقريباً بإحصاء كميات الصواريخ
وأنواع الأسلحة الموجودة لدى جماعة جبريل وسجّلوها في كشوف، ووثقوها بالصور من أجل
ضمان عدم انتقالها مجدداً من مخازنها إلى المعارضة السورية، وأن التقارير المفصّلة
التي وضعت على طاولة الحزب لاتخاذ القرار المناسب حول مستقبل هذا السلاح سواء
سيترك في عهدة القيادة العامة تحت المراقبة أو سينتقل إلى مخازن سلاح "حزب
الله" مجدداً قد أدخل الخوف والشك إلى قلب أبو راتب الذي عمد في الأسابيع
الماضية إلى التقليل من إقامته في منزله الثاني الواقع في الضاحية الجنوبية ليلازم
بشكل يومي منزله في مخيم برج البراجنة بعد أن رحّل عدداً من أبنائه إلى دول
أوروبية عبر مطار بيروت.
المعلومات تُفضي إلى أن أجواء من
عدم الثقة تسود العلاقة بين "حزب الله" و"القيادة العامة"
خلال المرحلة الراهنة على عكس المرحلة السابقة التي كان يتعامل فيها الحزب مع
جماعة جبريل بنوع من الاطمئنان والثقة الزائدة خصوصاً مع اكتشاف الأول مجموعة
كبيرة من الاختراقات الأمنية داخل هذه الجماعة في لبنان وهو ما يُعد ضربة جديدة
لحلف تبيّن أن ما كان يجمعه في الأصل أقل بكثير مما يفرّقه، لكن "حزب
الله" اليوم يجد نفسه مضطراً الى التغاضي عن الخيانات التي يتعرّض لها على يد
"الحلفاء" إلى أن يأتي يوم ويجد نفسه في حِلّ من هذا الاضطرار.
المصدر: علي الحسيني – المستقبل