الكهرباء في المخيمات الفلسطينية
في لبنان

خاص لاجئ نت
يطل علينا بين الحين والآخر تصريح عنصري
من هنا وهناك، يتهم فيه المخيمات بسرقة الكهرباء وعدم دخول الجباة إليه..
فيما يلي شرح تأريخي لقضية الكهرباء
والجباية في المخيمات.
لم تكن المخيمات الفلسطينية في لبنان منذ نشأتها
وحتى مطلع السبعينيات من القرن الماضي تستفيد من الكهرباء في لبنان، إذ لم تكن الدولة
اللبنانية تسمح بتزويد المخيمات بالكهرباء أسوة بالهاتف، حيث كانت تعتمد تلك المخيمات
في الإضاءة على الوسائل البدائية مثل الشمع وبعض المصابيح التي تعتمد على الغاز أو
الكاز وغيرها.
في بداية السبعينيات من القرن الماضي، بدأت شركة
كهرباء لبنان بإنشاء شبكات كهربائية في المخيمات الفلسطينية وتزويد العائلات التي ترغب
بالاستفادة من التيار الكهربائي بعد تركيب عدادات كهربائية في المنازل المستفيدة بقوة
خمسة أمبير لكل منزل، وانتظمت عملية الجباية في تلك المخيمات من قبل موظفي جباية شركة
كهرباء لبنان أسوةً بالمناطق اللبنانية الأخرى حتى مطلع القرن الواحد والعشرين، حيث
تسببت الزيادة الديموغرافية الكبيرة في المخيمات (العائلة الواحدة تفرع منها عدة عائلات)
بعد هذه السنوات الطويلة من النكبة وأصبح المسكن الواحد يتكون من عدة طبقات لاضطرار
اللاجئين إلى التوسع العامودي بسبب ضيق مساحة المخيمات ومنع اللاجئين من التملك خارجها
بعد العام 2001، فكان اللاجئون الفلسطينيون يتقدمون إلى شركة كهرباء لبنان بطلبات لتزويدهم
بالتيار الكهربائي وبتركيب عدادات جديدة لديهم بعد الحصول على إفادة سكن من مدراء خدمات
الأونروا في المخيمات ومن اللجان الشعبية، ولكن المشكلة كانت عند شركة كهرباء لبنان
بسبب محدودية عدادات الكهرباء لديها وعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات المتزايدة للمخيمات
الفلسطينية من الطاقة الكهربائية، فقد ينتظر مقدم الطلب للحصول موافقة بتزويده بالتيار
الكهربائي وعلى عداد كهربائي سنوات دون نتيجة أو أفق بالحل.
هذا الواقع دفع الكثيرين من السكان إلى التعدي على
شبكة الكهرباء والحصول على الطاقة الكهربائية بشكل غير قانوني بسبب المماطلة والتأخر
في تركيب العدادات في المنازل، كما ان شركة الكهرباء نفسها بدأت بإعادة تغيير العدادات
القديمة في الكثير من المخيمات بعد العام 2000 بعدادات جديدة مصنوعة في فرنسا تحت مبرر
أنها دقيقة الصنع ويصعب على المستهلكين التلاعب بها، ثم توقفت فجأة ولم تستكمل عملها
بهذا المضمار.
بقي تقصير شركة الكهرباء عن تزويد المستهلكين الجدد
بعدادات جديدة على حاله، كما أن كميات الطاقة التي يزود بها كل مخيم لم تعد كافية لتلبية
حاجات الزيادة السكانية الكبيرة، مما زاد الأحمال على محولات الكهرباء وعلى الديجنتيرات
المتوافرة في المخيمات، والتي أصبحت تحترق وتتعرض للأعطال بشكل دائم، وأصبحت عملية
صيانتها وإعادة تأهيلها مكلفة جداً، مما جعل شركة الكهرباء تتخلى بشكل تدريجي عن القيام
بدورها بالصيانة بسبب كثرة الأعطال، فضلاً عن المصاعب التي تواجهها بسبب ضيق المساحات
والأزقة في المخيمات وعدم الإمكانية لتركيب أعمدة جديدة وشبكات مناسبة تتناسب وكميات
الطاقة المطلوبة (مخيم برج البراجنة نموذجاً).
هذا وتوقف موظفو الجباية من الدخول إلى المخيمات
بعد ان قامت شركة كهرباء لبنان بتلزيم الجباية إلى أفراد من القطاع الخاص، الذين يحصلون
على نسبة مئوية من الجباية كلما كانت جباياتهم مرتفعة، وباعتبار أن عدد العدادات في
كل مخيم أصبح محدوداً في مقابل المنازل التي تستفيد من الطاقة الكهربائية، لم يعد مجدياً
للجباة.
أمام هذا الواقع المعقد اضطرت اللجان الشعبية ولجان
الأحياء في المخيمات إلى سدّ الفجوة، من خلال محاولة تنظيم شبكات الكهرباء والسعي للتوزيع
العادل للطاقة بين الأحياء، لكنها جهود متعثرة بشكل دائم وتحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة
لإصلاح الأعطال الداخلية، فضلاً عن المشاكل التي تواجههم مع الشركة في حال كانت الأعطال
خارجية أو تحتاج إلى محولات كهربائية كبيرة تتناسب وكميات الطاقة المطلوبة.
أما الجباية، فقد تولتها في بعض المخيمات اللجان
الشعبية وفق اتفاق مع شركة الكهرباء تقوم بموجبه اللجان الشعبية بتسديد مبالغ
مقطوعة للشركة، وذلك في وقت كانت فيه سرقة الكهرباء في لبنان تحصل علناً ومن دون
رادع قانوني أو أخلاقي. وقد نشرت الجهات المعنية في بعض المخيمات صوراً لفواتير
الكهرباء المدفوعة للشركة.
إن المخيمات الفلسطينية في لبنان تحتاج إلى تغيير
النظرة النمطية السائدة في أوساط بعض الساسة اللبنانيين، على أنها بؤر أمنية خارجة
عن القانون وأن العجز في موازنة الدولة اللبنانية وفي قطاع الكهرباء بشكل خاص سببه
استهلاك المخيمات الفلسطينية للكهرباء دون سداد المستحقات، وهذا الأمر يتطلب الآتي:
1- العمل
على إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمحولات والديجنتيرات من قبل شركة كهرباء لبنان
حصراً في المخيمات الفلسطينية وتركيب عدادات كهربائية في جميع المنازل في المخيمات
بشكل منتظم.
2- تنظيم
الجباية الدورية لاستهلاك الكهرباء من المستهلكين وعدم ترك المبالغ تتراكم بشكل كبير
تعيق المستهلك عن السداد لاحقاً.
3- التنسيق
مع المرجعيات السياسية الفلسطينية في لبنان من أجل ضمان وترتيب العلاقة بين شركة كهرباء
لبنان وبين المخيمات الفلسطينية وآليات التعامل المستقبلي للحصول على التيار الكهربائي
والالتزامات المالية والقانونية تجاه المخالفين.
4- توقّف الناعقين بالتصريحات العنصرية عن
الكلام بدون أن يعرفوا حقيقة الأمر، فهذا لا يساهم في العلاقات الأخوية والوطنية
بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.