القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

اللّاجئون الفلسطينيّون: سننصب الخيم!

اللّاجئون الفلسطينيّون: سننصب الخيم!

الخميس، 04 شباط، 2016

الأمور تتّجه نحو التّصعيد. الوعود بإمكانيّة «الحلحلة» قريباً لن تجدي نفعاً. إمّا تراجع «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) عن قراراتها المُجحفة، وإمّا رفع منسوب «الرّفض».

لا بوادر تشي بالتّراجع «الأمميّ». اتُّخذ القرار بالتّضييق على الفلسطيني. في الدّاخل، في الخارج، لا فرق. قرّر الممسكون بالقرار والأموال تقليص خدمات الاستشفاء. الطّبابة. وضع خمسين تلميذاً في غرفةٍ واحدة. حرمان اللاجئين مما يُسمّى «بيوتاً». إعادة الإعمار بالقطّارة. عدم إعطائهم بدلاً عن إيجار المنازل. إجبارهم على دفع جزء من قيمة فاتورة الاستشفاء. تقسيم المرضى إلى درجات. الذّلّ على أبواب مستشفيات «الهلال الأحمر» قبل تقرير مصير المريض. باختصار، قتل الفلسطيني «عالهدا».

أمس، وقف اللاّجئون جسداً واحداً. توجّهوا شطر بيروت. اتّخذوا خطوةً رمزيّة تحمل أبعاداً. مدخلان رئيسيّان، الشّرقي والغربي، أغلقا بالكامل. لا لدخول الموظّفين. لا لولوج السيارات. قفوا هنا. فلتشعروا بمعاناتنا، وَلو مؤقّتاً.

لستّ ساعات شُلّت حركة «الأونروا». انطلقت صرخات التّحذير الهادئة في المكان. «سنصل إلى الاعتصام المفتوح»، قال عضو المكتب السياسي لـ «الجبهة الديموقراطية» علي فيصل. هدّد بنصب الخيم أمام المقرّ. تلك الخيم الّتي اعتاد كثرٌ منهم المبيت فيها ريثما يتمّ تأمين «اللّمّيّة». الغضب مجدّداً على المنظّمة. على قراراتها الجائرة. غير المبرّرة. قراراتٌ إجرائيّة؟ جيّد. إذا كانت كذلك فلتتراجعوا عنها. سياسيّة؟ عندها، لكلّ حادثٍ حديث.

يقتلونهم ببطء وهم مصرّون على السّلميّة. قراراتهم مجحفة، وهم مصرّون على التّظاهر بـ «احترام». سقف الأمور إغلاق مكاتب، منع دخول موظّفين، سيّارات، نصب خيم أمام المراكز، اعتصامٌ مفتوح. ذاك أقصى ما يملكون، أو ربّما أقصى ما قرّروا أن يستخدموه في الوقت الرّاهن.

شمالي في عمّان

منذ أسبوع، أكّد عضو اللّجنة التنفيذية لمنظّمة «التّحرير الفلسطينية»، رئيس دائرة شؤون اللاجئين زكريا الآغا من العاصمة الأردنية عمّان أنّ «العجز في ميزانية الوكالة لا يعالج بتخفيض الخدمات بل من خلال البحث عن مصادر تمويل أخرى لسدّ هذا العجز». كان المدير العام للوكالة ماتياس شمالي حاضراً. ووافق شمالي، الّذي لا يزال متواجداً هناك، على «خصوصيّة الوضع الفلسطيني في لبنان». بالتّأكيد، ردّ بكلمة «صحيح» على حقيقة عدم وجود أي جهة أخرى غير «الأونروا» تقدّم الخدمات الصحية وغيرها للّاجئ الفلسطينيّ في لبنان.

فلسطينيّاً، ماتياس غير مرضي عنه. أكثر العارفين بـ «البير وغطاه» أصبح الوجهة الّتي تُصوّب الشّتائم نحوها. ليس الأمر تبلّياً. هو ردّ فعلٍ طبيعيّ من قبل «المتعلّق بقشّة».

الوحدة سيّدة الموقف

لا «شحّ» في الأموال سوى على «ظهر» اللاجئ. هنا، تقطع الدوّل يدها لتشحذ عليها. يُدرك الفلسطينيّون جيّداً أنّ المسألة تتعدّى غياب التّمويل. أصبح الحديث عن قتلٍ سياسيّ أكثر قبولاً من الكلام عن ضياع الدولارات. إذاً، الضّغط سياسيّ. المحاربة بتفاصيل الحياة اليوميّة. إذا لم أستطِع قتلكَ بالرّصاصة، أقتلكَ باللّقمة. بالتّعليم الفاشل. بالمنزل البارد.

الجيّد في الأمر، أنّ الفلسطيني يعي ذلك. مصــــطلحات الوحدة الّتي تصدح من خطاب الغاضــــبين إيجابيّة الطّابع. «كلّنا هنا، يدٌ واحـــدة». تكرّرت العبارة أكثر من مرّة. جسرٌ ممدود من بيروت إلى غزّة، إلى القدس، إلى الضّفّة.

يتزامن هذا الأمر مع إيجابيّة بدأت بوادرها تصدح جنوباً، في فلسطين. ليس عابراً أن نرى حديثاً عن الوحدة الفلسطينيّة. وما طلب حركة «حماس» في غزّة منذ أيّام عدّة إجراء انتخابات جديدة في البلاد إلّا مؤشّراً على الأمر. بعد عشر سنواتٍ على وصول الحركة إلى السّلطة، وسيطرة حركة «فتح» على الضفة الغربية، ظهر خطاب المطالبة بـ «وضع حدّ للانقسام الفلسطيني».

شيءٌ من الوحدة، غضب، عتب، تصعيد، سلميّة. باختصار، هذا هو وضع اللاجئين الفلسطينيّين اليوم. على «الأونروا» في بيروت أن تعي أنّ أبوابها قد تشهد بعد أيّام نصب خيم. وحتماً، سيتوجّب عليها اتّخاذ خطوات سريعة. الوعود ما عاد تكفي. إعادة الحقوق لأصحابها هو التّرميم الوحيد. والأمر بات ملحّاً، وملحّاً للغاية.

المصدر: السفير