المخيمات بين التجويع والتجهيل
وسيناريو التفجير بهدف التهجير لشطب حق العودة

الأربعاء، 26 شباط، 2014
بعد جريمة اغتيال الشهيد معروف سعد،
نفذ المشروع التآمري الحرب العبثية بين أبناء الوطن الواحد، وبمشاركة القوى
الفلسطينية، إلى أن كان خروج الثورة الفلسطينية من لبنان (بتاريخ 28 آب 1982) بعد
اجتياح الاحتلال الإسرائيلي للبنان في حزيران من العام ذاته...
وبعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري (شباط 2005)، شهد لبنان سلسلة من التطوّرات والأحداث التي زادت الشرخ
المذهبي والطائفي والمناطقي بين اللبنانيين، وأيضاً بدخول العامل الفلسطيني...
ما يجري الآن هو «سيناريو» مُتجدد
لما جرى التخطيط له في مراحل سابقة ويستهدف ضرب الأمن والاستقرار في لبنان،
وبالتالي القضية الفلسطينية التي قدّم لبنان من أجلها الكثير، شهداء وجرحى ودمار،
لأن الهدف الرئيسي هو ضرب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم تنفيذاً للقرار
الدولي 194...
وفي محاولة لإنهاء هذا الملف، الذي
يعيق المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، فإن «سيناريوهات» عديدة أعدت، أفشل منها
البعض وما يزال البعض يجري العمل على تنفيذه، بمشاركة قوى فلسطينية ولبنانية
وعربية ودولية، والهدف هو، تأمين الراحة للعدو الإسرائيلي...
ووفقاً لمطلعين، فإن إحداث فتنة سنية
– شيعية في لبنان، لم يكتب لها النجاح حتى الآن لجملة من الأسباب، في مقدمها:
- وعي وحرص بعض القيادات على
إفشالها.
- عدم توازي القوة المسلحة لدى
الفريقين.
وبالتالي فإن الـ «سيناريو» هو إدخال
العامل الفلسطيني إلى آتون الخلافات اللبنانية – اللبنانية، وتحت عنوان النفخ في
البوق المذهبي، لتأجيج النعرات المذهبية تحقيقاً لهذا المخطط...
ويُلاحظ أن التركيز هو على زج العنصر
الفلسطيني في الخلافات الداخلية، بعدما نجحت القيادات الفلسطينية خلال الفترة
الأخيرة في تجنّب الدخول في آتون الخلاف الداخلي اللبناني – اللبناني...
في غضون ذلك، فإن حكومة المصلحة
الوطنية برئاسة الرئيس تمام سلام، وعلى الرغم من قصر فترة ولايتها المرتبطة
بالاستحقاق الرئاسي، وكثافة المهام الملقاة على عاتقها، وتراكم الملفات، فإنه
بإمكانها إنجاز الكثير مما هو مطلوب، إذا ما استمر بعض الوزراء التعالي على حسابات
قواهم السياسية، والعمل كوزراء لكل اللبنانيين.
ولعل الأولويات التي يطالب بها
المواطن هي تحقيق الأمن والاستقرار، ووقف مسلسل السيارات الانتحارية والانتحاريين،
الموت المتنقل في الشوارع، دون روادع ذاتية للمجرمين: مخططين ومنفذين...
والأخطر من كل ذلك، هو مواصلة
«العربدة» الإسرائيلية للأجواء اللبنانية والإغارة على مناطق بين لبنان وسوريا
لجهة البقاع، في وقت تتواصل فيه المناورات داخل مزارع شبعا، والإجراءات والدوريات
بالقرب من الشريط الشائك مع لبنان...
ويتضح أن هناك من يسعى إلى توسيع
دائرة الاستهداف في المناطق ذات الغالبية الشيعية، بعدما تم ضبط الأوضاع في مناطق
عدة من عدم القيام بردات فعل، ورداتٍ مضادة على بعض الأعمال الانتحارية، التي
ينفذها لبنانيون وفلسطينيون وسوريون، ونجح الحريصون على لجم الأمور. لكن يخشى في
المرحلة المقبلة تركيز التوتيرات في مناطق لا يمكن ضبط الأوضاع فيها من قبل
المسؤولين في «حزب الله» أو حركة «أمل»، وتحديداً في منطقة الضاحية الجنوبية، حيث
تقع على تخومها مخيمات: برج البراجنة وصبرا وشاتيلا والعديد من التجمعات التي يقيم
فيها فلسطينيون وعدد من السوريين، ولذلك يُلاحظ أن تركيز العمليات الانتحارية في هذه
المنطقة، يهدف إلى تحقيق مآرب ردات فعلٍ من أبناء الضاحية باتجاه هذه المنطقة،
وبالتالي فلتان الأمور واختلاط «الحابل بالنابل»، حيث ينفذ المتآمرون لتحقيق
مخططاتهم ومآربهم.
وأيضاً القيام بردات فعل لدى عدد من
الأهالي في مناطق جنوبية باتجاه عائلات عدد من الانتحاريين، كما جرى في منطقة
البيسارية تجاه عائلة هشام المغير (أحد منفذي الهجوم الإنتحاري في بئر حسن بتاريخ
19 من شباط الجاري)، والذي أكدت عائلته براءتها من الجريمة التي اقترفها. وكذلك
تداول أسماء على أنها لانتحاريين، بتعرّض منازل وسيارات عائلاتهم للحرق على أيدي
الشباب الغاضبين، ويتبيّن لاحقاً عدم صحة الإشاعة، ولكن بعد فوات الأوان!
«سيناريو» استهداف الجيش
وضمن الـ «سيناريو» التركيز على
استهداف الجيش اللبناني، بما تشكّله المؤسسة العسكرية من ضمانة الأمن والاستقرار
في لبنان، للبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية، بما فيهم الفلسطينيون
والسوريون، في محاولة للرد على نجاح المؤسسة العسكرية في توقيف وتفكيك الخلايا
الإرهابية، كما شبكات التجسس الإسرائيلية.
ويرمي استهداف المؤسسة العسكرية إلى
تحقيق جملة من الأهداف، بعدما فشل مخطط محاولة إيجاد انقسام أو شرخ في المؤسسة الذي
تشكّل صمام الأمان في لبنان، وذلك بفضل العقيدة الراسخة التي أرساها قائد الجيش
العماد جان قهوجي، والذي أثبت بمناقبيته وحكمته، قيادة مرحلة حساسة ودقيقة من عمر
لبنان، وذلك بشهادة جميع القوى على اختلاف توجهاتها السياسية، وكذلك قوى عربية
ودولية، أشادت ونوّهت بحكمته بقيادة المؤسسة العسكرية، وتجاوز مرحلة دقيقة تعصف
بلبنان، على الرغم من الحاجة الماسّة إلى تسليح المؤسسة العسكرية واستمرار الدورات
التدريبية، وتعرّضها لقصف كلامي من بعض السياسيين، لأهداف خاصة.
ما يخطط له، هو محاولة استهداف
الجيش، وتصويره وكأنه يحمي فريقاً على حساب فريق آخر، بينما ثبت أن الجيش واجه
الخلايا الإرهابية وشبكات التجسس الإسرائيلية، والتي لا تحمل جنسية ولا تستظل
بعباءة طائفية أو مذهبية، بل ما يجمعها هو محاولات ضرب الأمن والاستقرار في لبنان،
وتحقيق أجندات ومخططات خارجية.
والملفت أن هناك من يسعى إلى التركيز
على العامل الفلسطيني في أي حدث يحصل على الساحة اللبنانية، انطلاقاً من أن تسليط
الضوء على هذا الجانب، يغذي بعض النعرات المذهبية والمناطقية في لبنان، وبالتالي
يوجد أرضية سهلة لمحاولة ضرب الفلسطينيين في تجمعات سكنية أو المخيمات، أو
الاستمرار بتصوير المناطق الفلسطينية بأنها «بؤر أمنية» تأوي الإرهابيين
والمطلوبين إلى العدالة، وهذا يحقق أكثر من هدف يتجاوز الساحة المحلية.
توريط فلسطيني إقليمي
ولكن بفضل بعض الغيورين، لبنانيين
وفلسطينيين، وكما تم النجاح في مرحلة سابقة وأد الفتنة في مهدها، فإن بجهود مخلصة
يمكن لجم وإفشال هذا المخطط.
في ضوء ذلك، يتضح أن هناك من يسعى
إلى زج العنصر الفلسطيني في صراعات وعلى أكثر من ساحة وتحديداً باستهداف القوات
المسلحة في هذه الدول، ويتركز ذلك في 3 بلدان تشكّل دول الطوق مع فلسطين المحتلة
وهي: لبنان وسوريا ومصر.
- في لبنان: هناك مشروع لخلق صدام
بين متطرفين تحت راية فلسطينية أو قيادة فلسطينية لصدام مع الجيش اللبناني، وليس
المهم كم يكون من الفلسطينيين ضمن هذه المجموعات، المهم أن تكون تحت الراية
الفلسطينية، كما جرى في نهر البارد في أيار 2007.
- وفي سوريا: هناك من عمل على الصدام
بين الجيش السوري والفلسطينيين تحت عنوان دعم المعارضة والمسلحين في سوريا.
- وفي مصر: يتم التركيز على زج
مسلحين فلسطينيين في الصدام مع الجيش المصري، سواء بمناصرة «الإخوان المسلمين»، أو
ما جرى في سيناء، وكان من نتيجة ذلك تأزّم الأوضاع بين مصر وقطاع غزة.
هذا الـ «سيناريو» بالصدام بين
عناوين تستظل براية فلسطينية، تهدف إلى تأجيج مشاعر أبناء تلك الدول ضد الفلسطيني،
وتصويره بأنه يستهدف المؤسسة العسكرية فيها.
وهذا يستوجب أوسع تحرك عملاني
وميداني، وعلى أكثر من صعيد، وليس الاكتفاء باللقاءات والبيانات التي «لا تغني ولا
تسمن من جوع».
استهداف «أبو مازن»
وهذا الـ «سيناريو» هو أحد المخططات
الكبرى التي تلتقي مع استهداف سياسي، وعلى أكثر من صعيد بعد رفض الرئيس الفلسطيني
محمود عباس مقترحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحت عنوان اتفاق إطار يرمي
إلى إنهاء النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وبعد تعنت اليمين الصهيوني المتطرف
بقيادة بنيامين نتنياهو، والذي يستمر في بناء المزيد من المستوطنات وتهويد القدس،
وسط دعوات تطالب برفع الوصاية الأردنية عن المقدسات في القدس، والتي تهدف إلى وضع
اليد اليهودية على المسجد الأقصى والقدس، لإقامة «دولة إسرائيل اليهودية».
ويأتي ذلك مع اقتراب انتهاء المهلة
التي كان قد أعلنت القيادة الفلسطينية عنها كسقف للمفاوضات الفلسطينية –
الإسرائيلية، والتي تنتهي في نيسان المقبل، قبل اتخاذ القيادة الفلسطينية خيارات
متعددة، أصبح بالإمكان اعتمادها بعد الاعتراف بعضوية دولة فلسطين في «الأمم
المتحدة» (بتاريخ 29 تشرين الثاني 2012)، وهو ما يتيح لها الدخول إلى مؤسسات دولية
يمكن أن تتخذ قرارات، وتفرض عقوبات على الكيان الصهيوني.
ولعل بدء الاتحاد الأوروبي تنفيذ منع
استيراد المنتجات ودعم المشاريع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي
بوشر بها منذ بداية العام 2014، يشكل ضربةً قاسية إلى الاقتصاد الإسرائيلي، والذي
يُمكن أن يستتبع بخطوات أخرى، ومنها التوجه إلى محكمة الجرائم الدولية لمحاكمة
المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين والعرب.
وليس مستبعداً أن تكون من ردود الفعل
على الفشل الإسرائيلي في المفاوضات، تصدير الأزمة إلى أماكن تواجد الفلسطينيين،
وخصوصاً في لبنان، لما يشكلونه من ثقلٍ رئيسي، خاصة أن اللاجئين الفلسطينيين في
لبنان ما زالوا يؤكدون تمسّكهم بحق العودة ويرفضون شطب هذا الحق الذي ضمنه القرار
الدولي 194 الصادر عن «الأمم المتحدة».
وتتلاقى هذه التطوّرات مع تأكيدات
فلسطينية بأنه لا يُمكن أن يكون هناك حل واتفاق سلام دون أن تكون القدس الشرقية
عاصمة للدولة الفلسطينية، وبما يضمن حق عودة اللاجئين إلى وطنهم.
في المقابل، فإن المسؤولين
الإسرائيليين يسعون جاهدين إلى إزاحة الرئيس «أبو مازن» عن المشهد السياسي، كما
جرى مع الرئيس ياسر عرفات الذي دسّ له السم، وأعلن عن وفاته (11 تشرين الثاني
2004)، بعدما أعلن أكثر من مسؤول إسرائيلي أن الرئيس عباس أصبح عائقاً أمام السلام
في المنطقة وفقاً للمفهوم الإسرائيلي، في ظل تمسّكه بالثوابت الوطنية الفلسطينية،
وهو ما يلتقي مع وجهة نظر دول أجنبية ومسؤولين فلسطينيين طامحين للإضطلاع بدور على
الساحة الفلسطينية، لذلك فإن الساحة اللبنانية ليس ببعيد أن تكون مكاناً مناسباً
لتصدير الأزمات إليها. والفلسطينيون في المخيمات أو في التجمعات المنتشرة على
الساحة اللبنانية، هم في طليعة المستهدفين.
تحريك ملفات قضائية
كذلك، فإن الضغوطات وتشويه صورة
الرئيس «أبو مازن» تتشعب، فضلاً عن وصفه بأنه أصبح عائقاً أمام مسيرة السلام، فإن
ذلك يستتبع بخطوات عملانية ميدانية عبر قيام دول ترتبط باتفاقيات تعاون أمني مع الكيان
الصهيوني، بالاستفادة من سفاراتها وقنصلياتها ومنها في لبنان، لتحريك ملفات قضائية
وأمنية لعدد من المقربين من الرئيس الفلسطيني، على اعتبار أنه يدعم الإرهاب، وهو
ما جرى أيضاً في بعض البلدان التي يتمتع بها الكيان الصهيوني بنفوذ قوي، بهدم
تصميم صورة أمام الرأي العام الدولي، بأن الرئيس «أبو مازن» هو الداعم للإرهاب،
وهو ما عبّر عنه وزير خارجية الكيان الصهيوني أفغيدور ليبرمان بأن «عباس يمارس
الإرهاب الدبلوماسي».
الأسير في القلمون؟
بعدما سجلت خلال الفترة الماضية
ارتفاع وتيرة الانتحاريين عبر سيارات مفخخة، أو بتفجير أنفسهم بطرق عدة، فإن مصادر
أمنية تتوقع أن تستمر هذه الموجة، خاصة بعد تعيين إمام «مسجد بلال بن رباح»
المتواري الشيخ أحمد الأسر أميراً لـ «جبهة النصرة» في لبنان، والذي تشير المعلومات
إلى أنه يتخذ من منقطة القلمون في سوريا مركزاً لتواجده، حيث يدير عملياته بعدما
تحوّل من التأجيج السياسي المذهبي إلى العمل العسكري.
وتوضح المصادر أن الأسير يسعى إلى
محاولة استمالة الشباب الذين كانوا يؤيّدونه، بعدما إلتجأ الكثير منهم إلى «كتائب
عبد الله عزام»، وبعدما بدأ يفقد السيطرة عليهم.
وتبدي المصادر خشيتها من استغلال بعض
الشباب المندفع، والذي يتم التغرير بهم بأفكار متشنجة وبشحن عواطفهم وغرائزهم،
فيما في حقيقة الأمر ما يقومون به لا يمت للعقيدة بأي صلة، بل هو إحدى الوسائل
التي يعتمدها «التكفيريون» الذين يريدون زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان، وإشعال
نار الفتنة المذهبية السنية – الشيعية.
اللافت أن التركيز على الشباب،
وبينهم لبنانيين وفلسطينيين وسوريين، لم يعد مقتصراً على انتمائهم إلى المخيمات،
بل أنهم ينتشرون في مدن وتجمعات وضواحي يمكنهم من خلالها التنقل بسهولة أكثر من
لجوئهم إلى المخيمات، حيث يركز الـ «سيناريو» على استهداف الجيش اللبناني، وربما
يعود الأمر إلى نجاح القوى الفلسطينية بضبط الوضع داخل المخيمات وصعوبة الخروج من
المخيمات، فاستفرد هؤلاء بفلسطينيين يقيمون خارجها.
وترى المصادر أن من أسباب ارتفاع
العمليات الانتحارية، هو أن لبنان تحوّل من «أرض نصرة للعراق وأفغانستان» إلى «أرض
جهاد»، وهو ما أعلن عنه، حيث يتوافد إلى الساحة اللبنانية العديد ممن يريدون تنفيذ
عمليات انتحارية.
وهذه العمليات تتركز على شقين:
- الأول: يستهدف الجيش اللبناني،
رداً على الضربات القوية التي وجهها للخلايا الإرهابية.
- الثاني: البيئة الحاضنة لـ «حزب
الله»، بهدف القيام بردات فعل في مناطق ذات غالبية سنية، لإشعال وتيرة الفتنة
المذهبية.
ويُلاحظ أن بعض ردات الفعل وقعت في
الشارع، وخير مثال ما جرى في بلدة البيسارية الشباب الغاضب على إحراق منزل عائلة
هشام المغير (أحد انتحاري بئر حسن) بعدما أضرمت النيران في سيارة و«فان» يملكه
والده، الذي شجب ما قام به ولده، وأعلن التبرؤ من أفعاله.
ولكن الملفت أكثر أن «جماعة الأسير»
وزعت أسماء عدد من الشبان على أنهم من قاموا بعمليات انتحارية، وتبيّن أن بعضهم لم
يعرف مصيره بعد، وهو ما يخشى من إمكانية قيام هؤلاء بعمليات انتحارية في فترات
لاحقة. كما أن مخابرات الجيش واصلت مداهمة بعض الأماكن التي توافرت إليها معلومات
عن أنها تضم عناصر إرهابية، أو تم فيها تخزين، أسلحة ومنها منزل اللبناني محمود
خلف في صيدا القديمة، والفلسطيني مالك آغا، الذي ذكر أنه كان ينقل السلاح الى هذه
الخلايا.
بين عباس ونساء انتحاريات؟؟
أما بشأن الإرهابي نعيم إسماعيل
عباس، الذي نجحت مخابرات الجيش بتوقيفه (بتاريخ من 12 شباط الجاري) في منطقة طريق
الجديدة في بيروت، فإن سرعة المباغتة أدت إلى اعترافه بعدة أعمال إرهابية كان ينوي
القيام بها، ومنها السيارة المفخخة التي عثر عليها في منطقة كورنيش المزرعة،
وصورايخ الـ «كاتيوشا» التي عثر في منطقة السعديات، وكان من المقرر أن يتم بها قصف
«مجمع سيد الشهداء» خلال كلمة أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله في ذكرى
الشهداء القادة (16 من شباط الجاري)، فضلاً عن سيارة مفخخة كانت قادمة من سوريا
وتقودها إمرأة، مما يطرح التساؤل هل سنسمع في المستقبل عن عملية انتحارية تنفذها
إمرأة؟
وتشير معلومات أمنية إلى أن
المعلومات التي أدلى بها الشيخ عمر الأطراش بعد توقيفه (22 كانون الثاني 2014)
وكشف فيها أنه سلم سيارات مفخخة إلى شخص يُدعى نعيم عباس في منطقة قريبة من الطريق
الجديدة، وأنه يملك كراج سيارات في المنطقة، وبعد إجراء مخابرات الجيش اللبناني
مسحاً لكراجات السيارات في الطريق الجديدة، تأكدت معلومات لديها، أن نعيم عباس
يتخذ من «بناية الشاعر» كاراجاً للسيارات ويقيم في المبنى ذاته.
وبعد متابعات أمنية انطلاقاً من مخيم
عين الحلوة، وصولاً إلى الطريق الجديدة داهمت قوة من الجيش اللبناني المكان
المفترض لوجود عباس، واستطاعت تحديد مكانه عبر متابعة دقيقة على الهاتف الخلوي
الذي كان يحمله واستطاعت عبر أجهزة متطوّرة تحديد الشقة التي كان بداخلها، قبل أن
يطفئ هاتفه الخلوي، ويصعد إلى سطح المبنى في محاولة للهرب منه إلى مبنى آخر، ولكن
تم توقيفه، ولم يواجه الدورية بأية مقاومة.
وتوضح المصادر أن الأدلة والتسجيلات
والوقائع الموثقة، التي ووجه بها عباس، سواء لما كان يجري في منزله داخل مخيم عين
الحلوة، أو في الشقة في بيروت، وباستخدام رقمه الذي يتواصل به مع الشيخ الأطرش
وآخرين، أدت إلى سرعة انهياره والإدلاء بالاعترافات الهامة، ونجاح الأجهزة الأمنية
بتفكيك السيارة المفخخة، ومصادرة الصواريخ، وتوقيف السيارة المفخخة التي كانت قد
عبرت الأراضي السورية، قبل تنفيذ الأعمال الإرهابية.
وتشير المعلومات إلى أن من دوافع
خروج الإرهابي نعيم عباس إلى خارج مخيم عين الحلوة، أن العراقي «أبو أيوب»
الأنصاري الذي من المفترض أن يقوم بوضع اللمسات الأخيرة على السيارات المفخخة، قد
قتل على حاجز الجيش اللبناني في محلة الأولي (بتاريخ 15 كانون الأول 2014) بعدما
شهر قنبلة باتجاه عناصر الحاجز، حيث ردت حاميته بإطلاق النار باتجاهه، ما أدى إلى
مقتله، وبعد ساعات قليلة قتل اللبناني محمد الظريف والفلسطيني بهاء الدين السيد،
وشخص آخر أعلن أنه يُدعى إبراهيم المير، لكن لم يتبيّن حتى الآن وجود شخص يحمل هذا
الاسم، مما يشير إلى أنه قد يكون من رعايا إحدى الدول العربية، وذلك أثناء حاجز
طارئ للجيش اللبناني أقيم في منطقة مجدليون.
وبهاء السيد هو شقيق حسام السيد،
والذي أعلن عن مقتله (السبت 21 من شباط الجاري) في سوريا، وهو ذات الاسم الذي
استخدمه «أبو أيوب» الأنصاري لدى التعريف عن نفسه على حاجز الجيش اللبناني عند
الأولي، قبل أن يطلب منه العنصر على الحاجز أوراقه الثبوتية.
الاغتيالات الغامضة في عين الحلوة
إلى ذلك، فإن ما يقلق البال هو ما
يجري في مخيم عين الحلوة، خاصة بعد تزايد الاغتيالات الغامضة لأبناء من المخيم،
فبعد محمد السعدي (1 كانون الأول 2013)، ووسام أبو الكل (1 شباط 2014) اغتيل عبد
الله وحيد سرية (21 شباط 2014)، حيث وضعت هذه الأعمال في إطار محاولة استهداف
أبناء من المخيم لجر عائلاته إلى القيام بردات فعل، ما يؤدي إلى توتير الأجواء
وحدوث إشكالات واقتتال بين أبناء المخيم الواحد، وهو ما يحقق أجندات خارجية سواءً
مما يجري من توتيرات أمنية تهدف إلى شحن الأجواء والاحتكام إلى السلاح لكل من يريد
القيام بعمل أمني لحسابات متعددة، والمؤسف أنه لا روادع من المعنيين للرد بحسم على
هذه التجاوزات، التي إذا لم يتم تداركها فإن الأمور تفلت من أيدي العقلاء، خاصة
إذا ما استمرت موجة الاغتيالات وتشعبت، حيث بات المواطن لا يأمن على حياته وحياة
عائلته!
تجهيل وتجويع ومخطط للتهجير
وتنعكس هذه التوترات الأمنية في
المخيم، على الواقع التعليمي في مدارس «الأونروا»، وهو ما يساهم في تجهيل الطلاب
الفلسطينيين، وهذا ما يحقق المبتغى الصهيوني بتجهيل الطلاب الفلسطينيين، إضافة إلى
الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يئن تحت وطأتها الفلسطينيون، وهو ما يدفع
الشباب إلى مطالبة الدول الأجنبية بفتح أبواب الهجرة، وهذه من الأمور الخطيرة التي
تستهدف ضرب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهي تتم بأيدٍ لها ارتباطات بأكثر من
جهاز أمني أو دولة أجنبية.
وسجل تطوّر في مخيم المية، حيث جرى
إحراق سيارة محمود كعوش الملقب بـ «الفصيع» وسيارة السلوم، تبعه إطلاق نار من قبل
خالد كعوش الملقب بـ «الجنطا».
المصدر: هيثم زعيتر - اللواء