المرجعية الفلسطينية الموحدة تتتظر عزام الاحمد
السبت، 14 كانون الثاني، 2012
منذ مدة طويلة، طُرِحت على طاولة البحث فكرة تشكيل مرجعية موحدة للفصائل الفلسطينية في لبنان، سياسياً وأمنياً. ممثلو الفصائل باشروا بالعمل على إنجاز هذه المهمة. وهذه المرة، يؤكدون أن المرجعية ستبصر النور، لأنها تحت مظلة المصالحة الجارية بين فتح وحماس في القاهرة.
ينتظر مسؤولو الفصائل الفلسطينية حضور عزام الاحمد، المشرف على شؤون «الساحة اللبنانية» في حركة فتح الى بيروت وذلك لاعلان تشكيل «المرجعية السياسية الموحدة » للفصائل اولاً، وحلّ الخلاف القائم بين نائب الكفاح المسلح محمود عيسى « اللينو» وقائد المقر العام لفتح منير المقدح ثانياً.
المرجعية التي يقول مسؤولو الفصائل إنها ستبصر النور مع زيارة الاحمد، ستكون «الممثل الشرعي والوحيد» للاجئين الفلسطينيين امام الدولة اللبنانية، وستكون المسؤولة المباشرة عن الاذرع العسكرية التابعة للفصائل كافة. لكن هل سيلتزم الاطراف المعنيون جدياً بتشكيلها هذه المرة؟ ففي السابق لطالما حكيّ عن تشكيل مرجعية موحدة للفصائل وذلك لابعاد الفلسطينيين عن الخلافات اللبنانية الداخلية. وكلما «غيّمت» بين فتح وحماس في الداخل الفلسطيني، كانت «تشتّي» في لبنان فَرطاً لعقدها مفاوضات تشكيل «المرجعية». حالياً يبشّر مسؤولو الفصائل التابعة لتحالف القوى ولمنظمة التحرير الفلسطينية بأن «الخبرية» جدية وسقف هذه المرجعية وما سينجحها هي المصالحة التي تمت بين فتح وحماس في القاهرة. في انتظار وصول الأحمد من ألمانيا، بدأ مسؤول الجهاد الاسلامي في لبنان ابو عماد الرفاعي بوضع مسودة لهيكلية المرجعية ومهامها وصلاحياتها، وذلك على مستوى مخيمات لبنان كله. التصور الأول لمهام هذه المرجعية كما يقول مشاركون فيها يقضي بتوحيدها التمثيل الفلسطيني عند المطالبة بتحسين أحوال اللاجئين الاجتماعية والسياسية والامنية امام السلطة اللبنانية. ويقول الرفاعي في اتصال لـ«الأخبار» ان هذه المرجعية «ستجبر الحكومة اللبنانية على التجاوب معنا وعدم المماطلة بمطالبنا بحجة اننا منقسمون، بحسب ما كان يتم التعامل معنا في السابق». توحيد المرجعية سينسحب على كل شيء، اذ ستتوحد اللجان الشعبية في المخيمات ايضاً، ولن يعود هناك لجان تابعة لتحالف القوى وأخرى لمنظمة التحرير. وكما اللجان الشعبية، كذلك الأمنية التي سيتم توحيدها وتدعيمها بالعناصر من الفصائل المشاركة فيها.
ما ساهم بتسريع تشكيل هذه المرجعية هي الاحداث الاخيرة التي حصلت في مخيم عين الحلوة، والتخوف من تدهور الوضع الامني هناك الى حد تحويل المخيم الى نهر بارد اخر. ويقول مسؤول آخر في تحالف القوى الفلسطينية ان «التصعيد الذي شهده المخيم والحديث عن توجيه ضربة الى منطقة الطوارىء سرّعا خطوات تشكيل المرجعية السياسية للتخفيف من التوتر». هذا على المستوى الميداني. أما على المستوى السياسي، فإن التقارب بين فتح وحماس مركزياً خلق الجو المؤاتي لتشكيل المرجعية.
المرجعية المنتظرة التي يُقال إنها ستبصر النور قريباً جاءت نتيجة لعملية اخذ وردّ طويلة بين الفصائل نفسها، وبين الفصائل والاجهزة الامنية اللبنانية، وخصوصاً المدير العام للامن العازم اللواء عباس ابراهيم، منذ ان كان مساعداً لمدير الاستخبارات في الجيش.
في بداية المفاوضات، أسقطت فصائل «التحالف» المعارضة لمنظمة التحرير اقتراح تشكيل مرجعيتين: واحدة امنية تضم كل الاذرع العسكرية للفصائل تكون ضمن قيادة الكفاح المسلح وذلك لضمان السيطرة على السلاح في المخيمات وخارجه، ويكون ارتباطها مباشرة بالاجهزة الامنية للدولة اللبنانية. أما الثانية، فسياسية لا تلزم قراراتها المرجعية الأمنية. وطالبت فصائل التحالف بأن تكون المرجعية سياسية، معتبرين ان الامن في المخيم هو «امن سياسي». وهذا الطرح نال رضى الجانب اللبناني. فاتفقت فصائل التحالف ومنظمة التحرير على تشكيل لجنة مصغرة تضم ممثلين عن ستة فصائل تضم فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية وحماس والجهاد الاسلامي، والقيادة العامة، لوضع تصور هذه المرجعية على ان يتم التداول أمانة سرها مداورة بين مسؤولي الفصائل كل ستة اشهر.
تجربة المرجعية الموحدة ليست جديدة على الفلسطينيين. فالاطراف الفلسطينية كانت قد شكلت اطارها فيما مضى، لكن تدهور الاوضاع الفلسطينية الداخلية والخلاف بين فتح وحماس بعد «حسم حماس العسكري في غزة اوقف عمل هذه المرجعية في لبنان، والتي كان يرأسها حينذاك عباس زكي (فتح) وينوب عنه اسامة حمدان (حماس)» يقول مسؤول فلسطيني بارز. لكن وبما ان «المصيبة تجمع»، عاد العمل بهذه المرجعية وذلك خلال أحداث مخيم نهر البارد، و7 ايار. فاجتمعت الفصائل ضمن هذه التشكيلة من أجل حلّ ازمة البارد، وابعاد المخيمات عن الازمات السياسية الداخلية اللبنانية. لكن «بعد انتهاء ازمة 7 ايار توقف عمل هذه اللجنة بشكل نهائي واليوم اعيد تفعيلها وذلك تحت سقف المصالحة التي تمت بين فتح وحماس في القاهرة»، على حد قول مسؤول بارز في «التحالف».
من جهتها تقول مصادر في فتح ان ما سيتم اطلاقه هو « قيادة سياسية موحدة لكل الفصائل الفلسطينية، اما المرجعية الرسمية فستبقى في منظمة التحرير». يضيف ان «القيادة الموحدة موجودة لكن على مستوى المخيمات، اما المنوي اطلاقه فهي قيادة سياسية موحدة لمسؤولي الصف الاول وستكون على مستوى لبنان بدل كل مخيم مخيم على حدة». اما بما يتعلق بالمصالحة بين «اللينو» والمقدح فيقول ان هذا «شأن فتحاوي داخلي والقيادة ستأخذ قرارها في هذا الموضوع وعلى الجميع الالتزام به». وعلى الصعيد نفسه يستغرب المسؤول الفتحاوي «اهتمام الاطراف الفلسطينية بهذه المصالحة، فاذا كان الامر خوفاً من تدهور الوضع الامني في عين الحلوة فلتتحمل الفصائل مسؤوليتها ولن يتمكن احد حينها من زعزعة امن المخيم. اما اذا ارادوا ان يحموا منير المقدح فهذه الطريقة لن تنفعهم». يضيف ان « قيادة فتح في صدد اتخاذ اجراءات ضد المقدح واذا لم يلتزم الرجل بقررات القيادة، فليترك الحركة».
المصدر: قاسم س. قاسم - الأخبار