المطبخ
الخيري للنازحين: احد وجوه التكافل الاجتماعي في رمضان
.JPG)
الثلاثاء،
23 تموز، 2013
يجسد
المطبخ الخيري الذي أسسه "اتحاد المؤسسات الاغاثية" في صيدا وتديره
"جمعية التعاون الانساني" في مجمع النازحين السوريين في عبرا القديمة، احد
وجوه الخير في مساعدة النازحين من سورية في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة والفقر والعوز
وغياب الاحتضان اللبناني الرسمي.. والرعاية الدولية من المؤسسات والهيئات الانسانية،
ليحقق ثلاثة اهداف معا: تخفيف الاعباء الحياتية عن النازحين الى منطقة صيدا من خلال
تأمين وجبات يومية ساخنة، توفير فرص عمل للنازحين انفسهم على قاعدة "كسب قوت اليوم
ومساعدة الغير" وتحقيق التكافل الاجتماعي في شهر رمضان المبارك.
وفكرة
انشاء المطبخ الخيري جاءت على خلفية تفاقم احتياجات النازحين السوريين الى صيدا مع
ازدياد اعدادهم باضطراد، وقد دعم المشروع حملة "البنيان" الكويتية طوال شهر
رمضان المبارك، اذ تكفلت بدفع كل مصاريف شراء احتياجات الطعام، بعدما تم انشاء المطبخ
بكلفة تصل الى 17 الف دولار اميركي، اضافة الى فرن بكفلة 4 الاف دولار، ليتكاملان في
اعداد نحو 800 وجبة ساخنة يوميا تتضمن "أكلة" رئيسية: مثل رز على لحمة، وعلى
دجاج، صيادية، دجاج مشوي، لحم بعجين، لبن وعصير الجلاب او التمر او الليموناضة، توزع
على 800 شخص في مجمعات سكنية يقطنها النازحون في منطقة صيدا هي الايمان وسليمان عبرا،
الرحمة، الغفران، العلايلي، الاصلاح والفوار، اضافة الى الاوزاعي الذي تقدم له وجبة
واحدة كل اسبوع نظرا للعدد الكبير الذي يقطنه نحو 600 شخصا.
ويقول
المدير الاداري للمطبخ لؤي منصور "ابو خالد"، ان حملة "البنيان"
الكويتية تبرعت بدفع كامل تكاليف الطعام طوال شهر رمضان المبارك، ونحاول قدر المستطاع
الاقتصاد بالمصروف ولكن قيمة الوجبات اليومية تفوق الـ 1000 دولار اميركي"، مضيفا
"ان الفكرة تهدف الى تشغيل اليد العاملة السورية ولدينا في المطبخ نحو 11 عاملا
وعاملة، موزعين بين اعداد الطعام والشراب والطبخ الساخن وتوصيل الوجبات ويتقاضى كل
واحد منهم 20 دولار اميركي، اضافة الى تخفيف المعاناة عن النازحين من خلال تأمين الطعام
المجاني وخاصة في شهر رمضان المبارك لنجسد احد وجوه التكافل الاجتماعي في وقت فرقت
فيه الخلافات كل شيء حتى الاخوة".
واكد
منصور، ان الفكرة لاقت نجاحا كبيرا وهذا ما يشجعنا على الحفاظ على استمرارية المطبخ
بعد شهر رمضان ولكن بطريقة مختلفة، بحيث نقوم باعداد الوجبات الساخنة وفق مساعدات المتبرعين
وامكانياتهم المادية وكجزء من اهتمام "جمعية التعاون الانساني" برعاية واحتضان
النازحين من خلال اتحاد المؤسسات الاغاثية في منطقة صيدا"، داعيا كل الخيرين واصحاب
الايادي البيضاء الى مد يد العون والمساعدة كي يبقى المطبخ يعمل بكامل طاقته ويساعد
النازحين في لقمة عيشهم ويخفف عنهم اعباء الحياة ريثما يعودوا الى ديارهم سالمين.
خدمة
ونظافة
داخل
المطبخ، حركة لا تهدأ اشبه بخلية نحل دائمة العمل، ينهمك العاملون في اعداد الطعام،
يتصببون عرقا في ظل الرطوبة، يبذلون جهدا لانجاز كل شيء في موعده، فالتحضيرات تتطلب
وقتا، كذلك عملية الطبخ وتوزيع الطعام على الوجبات والتوصيل الى المجمعات السكينة للنازحين
قبل الافطار بقليل كي يأكلها الصائمون ساخنة.
ويقول
المشرف على المطبخ زهير زيدان "ابو محمد"، وهو من الشام وقد نزح مع زوجته
واولاده الاربعة الى صيدا منذ ثلاثة اشهر، كنت املك مطعما في قلب الشام ولكنني نزحت
بسبب الاحداث الامنية وعندما اقترحت الجمعية المشروع وافقت على الفور، لدي خبرة في
اعداد الطعام وهكذا استطيع ان اؤمن مصروف يومي واساعد اخواني من النازحين الذين هم
بأمس الحاجة الى العون في هذه الظروف الصعبة على كافة المستويات.
واضاف:
ان العمل في المطعم منظم وموزع، وعنواننا النظافة وخدمة النازحين، كل واحد مسؤول عن
تحضير شيء ليكتمل العمل في نهاية كل يوم، وكل الطعام والشراب نصنعه بايدينا، فلا نشتري
شيئا من الخارج الا مستلزمات الطبخ فقط، حتى عصير الجلاب او التمر نحن نصنعه يوميا
كي نوفر المال لاشياء اخرى، والحمد لله اننا مرتاحون لهذا العمل، نكسب قوت يومنا بعرق
الجبين ونساهم في خدمة شعبنا النازحين في الوقت نفسه.
عمل
ومساعدة
وتؤكد
العاملة الحاجة "ام احمد" عبد الرحمن التي نزحت مع زوجها اولادهما الاربعة
من "معضمية الشام" والتي تتولى عملية الطبخ الساخن على غاز كبير في حلة اكبر..
"ان كل شيء منظم ونحن نعمل الوجبات كأن العائلة هي التي تطبخ في منزلها"،
قبل ان تضيف "اننا نعمل الوجبات على الطريقة السورية ونحاول ان نكسب قوت يومنا
ونساعد في العمل، انني مرتاحة الضمير وهنا استطيع ان اخدم بلدي بطريقة مختلفة عن القتل
والتدمير".
اما
"الفران" احمد الدرة، الذي نزح عن الغوطة الشرقية مع عائلته منذ ثمانية اشهر،
فانه يواجه لهيب النار داخل فرنه وهو يعد اللحم بالعجين اليومي، بالقول "تهون
هذه النيران امام خدمة ابناء بلدي النازحين عنوة من جحيم الموت الذي لا يرحم، كل يوم
اخبز اللحم بالعجين في شهر رمضان المبارك واتقاضى أجرة، بينما قبل رمضان كنت أقدم المعجنات
بأسعار زهيدة قياسا على اماكن اخرى بدعم من الجمعية والاتحاد الذين وفروا معدات الفرن
هذا"، مضيفا "جميل ان يكون الانسان جريحا ويتألم ويحاول ان يساعد غيره بصمت
ويبقى الامل الاكبر ان لا تطول الازمة ونعود الى ديارنا، لنعاود حياتنا الطبيعية من
جديد بعيدا عن النزوح القسري".
تكافل
وتقديمات
بالمقلب
الاخر، فان العائلات النازحة اعتبرت ان هذه الوجبات الساخنة في رمضان جاءت لتخفف عنها
اعباء الشهر الفضيل، وتؤكد الحاجة مريم الشامي "ان هذا العمل المشكور لا يمكن
الا ان يقرأ على انه وجه رمضان الجميل بقيمه الانسانية والروحية وترجمة للتكافل الاجتماعي
الذي بتنا نفتقده كثيرا على مدار العام".
ويؤكد
المسؤول الاعلامي في "الهيئة الاسلامية للرعاية" غسان حنقير، انه قبيل بداية
شهر رمضان المبارك وتلمساً لحاجات النازحين السوريين، قام اتحاد المؤسسات الإغاثية
بتوزيع 2500 حصة غذائية مقدمة من الحملة الشعبية السعودية، لتتبعها 3000 وحدة غذائية
قامت الهيئة الإسلامية للرعاية بتأمينها من خلال تبرعات أهل مدينة صيدا ومؤسسات خارجية
لتغطية 5500 عائلة سورية نازحة المتواجدين في صيدا والجوار، على ان تستكمل في 15 رمضان
الدفعة الثانية من التوزيعات ليصار لتقديم 3000 حصة غذائية جديدة للعائلات السورية
النازحة في صيدا والجوار والتي بلغ عددها نحو 6000 عائلة يتواجد 500 منها في 6 مجمعات
يشرف عليها الإتحاد.
المصدر: البلد | محمد دهشة