المية ومية.. هدوء ما بعد المعركة

الأربعاء، 09 نيسان، 2014
وسط إطلاق غزير للنار داخل مخيم عين الحلوة، شُيّع الناشط طارق الصفدي،
الذي استشهد في اشتباكات المية ومية، أمس الأول، أثناء تأديته واجبه الإنساني مع
النازحين من فلسطينيي سوريا إلى المخيم. وأصدرت «جمعية عمل تنموي بلا حدود - نبع»،
بيانا أشارت فيه إلى أن الصفدي «استشهد أثناء قيامه بواجبه الإنساني في مخيم المية
ومية، تجاه العائلات المهمشة من اللاجئين من سوريا». وجاء في البيان «إننا في
جمعية عمل تنموي بلا حدود نبع، ندين ونستنكر العمل اللاإنساني الذي أودى بحياة
العديد من الأبرياء، ومنهم شهيدنا المظلوم طارق أحمد الصفدي، الذي لم يألُ جهداً
في خدمة أهله في المخيمات و خارجها».
ودعا البيان أهالي المخيمات للوقوف صفاً واحداً في مواجهة حمام الدم الذي
وقوده الأبرياء، ولرفع الصوت عالياً بوجه الظلم المحدق بنا جميعاً كي تكــف يد
الإجرام عن تنفيذ مآربها و ممارساتها ضد المخيمات.
يوم أمس، مرّ هادئاً في مخيم المية ومية، ولم تسجل أي خروق أمنية وحوادث
أو إشكالات وردات فعل على اشتباكات أمس الأول بين «انصار الله»، التي يتزعمها
المسؤول الفلسطيني جمال سليمان، و«كتائب العودة»، والتي راح ضحيتها ثمانية قتلى،
بينهم المسؤول عن كتائب العودة أحمد رشيد واثنان من أشقائه، إضافة إلى سقوط عشرة
جرحى، بينهم أحد أشقاء رشيد.
الحياة لم تعد إلى طبيعتها في المية ومية، وظلت الحركة حذرة بانتظار جلاء
الموقف من قضية دفن القتلى، ومكان دفنهم، والجهة التي ستتولى تلك المهمة. وقام
الأهالي بتفقد مكان الاشتباكات في حين بقيت المدارس مقفلة. وعقدت الفصائل
الفلسطينية اجتماعا موسعا في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت بمشاركة السفير
الفلسطيني أشرف دبور، حيث جرت مناقشة تداعيات الاشتباكات الأخيرة وظروفها
وتداعياتها على المخيمات، إضافة إلى الارتباطات السياسية والأمنية التي تقف خلفها.
وأفادت مصادر فلسطينية أن المجتمعين خلصوا إلى ضرورة تبنى كل ما ورد في الوثيقة
الفلسطينية التي جرى توقيعها مؤخراً في عين الحلوة، وتجنيب المخيمات أي هزات
أمنية. كما جرى التوافق على مسألة دفن القتلى تباعاً.
وتميز يوم أمس بصدور بيانات وتوضيحات تنفي انتماء رشيد إلى المسؤول
الفتحاوي المطرود من الحركة محمد دحلان، الذي كان قد أعلن عبر مواقع التواصل
الاجتماعي نفيه أن يكون رشيد محسوباً عليه. كما نفى محمود عيسى الملقب باللينو،
المحسوب على الدحلان، أن يكون رشيد من أنصاره.
وكانت حركة «أنصار الله» قد أصدرت بياناً توضيحياً أمس، جاء فيه «أثناء
مرور سيارة الأخ جمال سليمان الأمين العام لحركة انصار الله، تعرض لكمين مسلح
ومحاولة اغتيال من قبل عصابات مأجورة ما أدى إلى استشهاد أحد مرافقيه واصابة آخر.
وقد تم الرد وتبادل النار مع المهاجمين. وحرصاً منا على مصلحة شعبنا نؤكد تمسكنا
بأمن مخيماتنا والمحافظة على وحدة الصف في مواجهة العدو الصهيوني».
واصدرت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بياناً بعد
اجتماعها في عين الحلوة «استنكرت فيه الاحتكام للسلاح في حل الخلافات الداخلية
ودعت إلى ضبط النفس ومحاصرة ارتدادات هذه الأحداث المؤلمة ومنع استغلالها لضرب
الهدوء والاستقرار الذي اتسم به مخيم المية ومية». واكدت على «ضرورة التمسك
والالتزام بالوثيقة الفلسطينية التي أطلقت منذ أيام من قبل جميع القوى والفصائل
الوطنية والإسلامية لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان وتعزيز العلاقات اللبنانية
الفلسطينية، كمحطة لتعزيز الأمن والاستقرار في المخيمات الفلسطينية باعتبارها جزء
من أمن واستقرار لبنان».
وحمّل «تحالف القوى الفلسطينية» في بيان له طرفي الاشتباك المسؤولية عن
قتل الأبرياء وإحداث حال من الهلع بين أهالي المخيم. وطالب جميع الفصائل والقوى
الوطنية والإسلامية الفلسطينية بالقيام بدورها في ضبط الأوضاع داخل المخيمات وعدم
السماح لأي جهة بالعبث بأمن المخيمات. وأكد التحالف تمسكه بالوثيقة الفلسطينية
مطالباً الجميع الالتزام بها وتنفيذها وعدم اللجوء إلى السلاح لمعالجة الخلافات
الداخلية.
وكان مجلس الأمن الفرعي في صيدا، قد عقد اجتماعا في السرايا الحكومي في
المدينة أمس، شارك فيه محافظ الجنوب بالحلول نقولا بو ضاهر، والنائب العام
الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج، ورؤساء الأجهزة الأمنية. وصدر عن
الاجتماع بيان دعا «كل الفصائل لفلسطينية في لبنان في المخيمات إلى وأد الفتنة
ووجوب التضامن والتكاتف، لاسيما في ظل الاوضاع السياسية والأمنية التي تحدث في
الدول العربية، والأمر الذي يستدعى اعتماد لغة العقل والهدوء والتروي وعدم
الانجرار وراء مخططات العدو الإسرائيلي التي تهدف الى زرع الفتنة وبث روح الشقاق
بين الاخوة». وأعرب البيان عن «ارتياح المجتمعين وتقديرهم للوثيقة التي وقعت عليها
الفصائل الفلسطينية التي صدرت عنهم والتي تؤكد وجوب الحفاظ على الأمن ومنع التقاتل
داخل المخيمات وبقائها عاملاً إيجابياً في استقرار الوضع الأمني العام».
المصدر: محمد صالح - السفير