برميل البارود يحط رحاله على أبواب المخيمات الفلسطينية
الأربعاء، 20 حزيران، 2012
فجأة ومن دون سابق انذار، عاد وضع المخيمات إلى الواجهة، كما عادت العلاقة بين المخيمات والجيش اللبناني إلى دائرة التوتر الشديد الذي ينذر بعواقب وخيمة، لاسيما ان استمرار التحرشات بحواجز الجيش الواقعة على أبواب مخيمي نهر البارد وعين الحلوة منذ نهار الجمعة الماضي يوحي وكأن الامور تكاد تخرج عن السيطرة بالرغم من الاتصالات الكثيفة التي تجريها مخابرات الجيش مع القادة الفلسطينيين المؤثرين من دون الوصول إلى نتائج حاسمة، بل على العكس تماما فان الامور تتطور بصورة دراماتيكية كما ينتقل التوتر من مخيم إلى آخر في ظل رفع السقف الفلسطيني الذي لم يكتف بالمطالبة بلجنة تحقيق في احداث البارد، انما وصلت به الامور إلى حد المطالبة برفع التدابير العسكرية المتخذة على مداخل المخيمات ومخارجها، مع الاشارة إلى أنّ هذا التدبير معمول به منذ أكثر من خمس سنوات.
وتطرح هذه الاحداث المتنقلة، التي كان آخرها الاعتداء على حاجز للجيش من قبل شبان فلسطينيين امام مدخل درب السيم من جهة مخيم عين الحلوة، أكثر من علامة استفهام حول التوقيت والخلفيات والجهة المحركة للورقة الفلسطينية، ومدى ارتباط هذا التحريك بالوضع الهش في الشمال وطرابلس، مع الاشارة إلى أنّ مخيمات البداوي ونهر البارد تشكل الامتداد السياسي والحيوي لمدينة طرابلس التي لم تعرف الهدوء منذ الثاني عشر من أيار الماضي، كما لعكار التي تشكل الحديقة الخلفية الواسعة للمعارضة السورية وللجيش السوري الحر.
وفي هذا السياق، تجمع مصادر سياسية وأمنية على التحذير من خطورة ما يحصل، خصوصا ان الاجراءات التي ينفذها الجيش اللبناني في الدخول والخروج من المخيمات الفلسطينية عموما ليست بجديدة، ولم يطرأ عليها اي تشديد في الاونة الاخيرة، ما يعني بان خلفيات الاحداث هي سياسية بامتياز، وهي جاءت في اعقاب تطورات اقليمية وداخلية بارزة ليس اولها التقارب الفلسطيني – الفلسطيني في غزة ولا آخرها الحرب المفتوحة في سوريا، مرورا بالحملة الداخلية المركزة على الجيش اللبناني، والتي تهدف للنيل منه ومن دوره في حفظ السلم الاهلي من جهة ومراقبة المخيمات وضبطها من جهة ثانية.
وتتساءل المصادر عمّا إذا كانت المخيمات يمكن أن تتجرأ وتتطاول على الجيش لو لم يفعل ذلك الكثير من النواب والشخصيات السياسية المحلية، وهل كانت لترفع سقف مطالبها وتملي شروطها لولا الهجمات التي تعرض لها الجيش في عكار وطرابلس والعديد من المناطق؟ وبالتالي هل كانت الامور وصلت إلى هذا الدرك لو لم يحاول الاذاريون تفريغ دور الجيش من اهميته؟
واستنادا إلى المعطيات المتوافرة، تعرب المصادر عن خشيتها من تصاعد الامور وانفجارها دفعة واحدة، خصوصاً أنّ ما يحصل يرتبط بشكل او بآخر بالأزمة السورية وتطوراتها الميدانية بعدما خرجت الامور عن السيطرة، وبالتالي فان الخشية تكبر من تفجير الساحة الفلسطينية اللبنانية لأهداف لم تعد خافية على احد ليس اولها حرف الجيش عم مهامه الاساسية في حفظ الامن وضبط الحدود مع سوريا، ولا آخرها توريط الساحة الداخلية في انزلاقات لا تحمد عقباها، وكل ذلك وفق اجندة غربية فائقة الدقة في شكلها ومضمونها، بحيث يصح القول ان لبنان دخل فعلا مدار الاستحقاقات الكبرى من بوابة الامن المترجرج اولا وسقوط الدولة ثانيا، وهذا ما بدأت معالمه بالظهور مع رضوخ الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي لضغوط الشارع.
المصدر: النشرة