القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 17 حزيران 2025

بعد استهدافه بجدار الصوت.. مخيّم عين الحلوة إلى دائرة الضوء مجدداً

بعد استهدافه بجدار الصوت.. مخيّم عين الحلوة إلى دائرة الضوء مجدداً


الخميس، 14 أيلول، 2017

يوم الأحد الماضي فاجأ الطيران الحربي الإسرائيلي مخيم عين الحلوة وأهالي مدينة صيدا وجوارها بخرق جدار الصوت فوقهما، وذلك في سياق المناورات التي يجريها الاحتلال شمال فلسطين المحتلة منذ بضعة أيام، وقد تركت المفاجأة حالة من الهلع عند الأهالي، خاصة أن ذلك حصل ثلاث مرات متتالية بفاصل زمني قصير.

لا شك في أن خرق جدار الصوت بهذه الطريقة فوق مخيم عين الحلوة يحمل رسائل ودلالات إسرائيلية كثيرة، مع العلم أن المخيم منذ وقت طويل لا يشكّل خطراً مباشراً على قوات الاحتلال الاسرائيلي، فهو محاصر وبعيد عن الحدود، بل أكثر من ذلك هو يعيش حالة صعبة ومعقّدة، وعبارة عن كتلة بشرية تزيد على مئة ألف إنسان محشورين في مساحة لا تزيد على كلم مربع واحد تقريباً، فضلاً عن المشاكل التي تحصل بين الحين والآخر ويدفع ثمنها اللاجئ الفلسطيني.

الرسالة الاسرائيلية ربما أرادت أن تقول بلغة تعتمدها دائماً قوات الاحتلال: إن بقاء المخيم يعني بقاء القضية الفلسطينية وبقاء حق العودة، وإن رحيل المخيم يسهم في القضاء على القضية وعلى حق العودة.

وفي سياق حديثنا عن بقاء المخيم لتعزيز استمرار القضية الفلسطينية والتمسك بحق العودة ورفض التوطين أو الترحيل، فإن الحديث بدأ يجري في البلد مؤخراً، خاصة بعد انتهاء الوجود المسلّح لبعض المجموعات المسلّحة السورية، ولجبهة «فتح الشام» و «تنظيم الدولة» في جرود بلدات عرسال وراس بعلبك والقاع، عن ضرورة وضع حد لمخيم عين الحلوة باعتباره، بنظر البعض، بؤرة ملتهبة قد تصيب بالتهابها المحيط أو حتى البلد. وبالتالي لا بدّ من التخلّص من هذا «الالتهاب» حتى لو كان الثمن شطب المخيم أو حتى شطب القضية الفلسطينية. ويرى البعض الآخر أن المسألة يمكن أن تقارب بطريقة أخرى أكثر موضوعية، بحيث تُرسى حالة من الاستقرار والهدوء التام في المخيم تحوّله إلى نقطة مساعدة في استقرار البلد، ولا تجعله في أي وقت مصدر تهديد للبلد، وتسهم في الوقت ذاته في إبقاء روح القضية الفلسطينية حيّة، وحق العودة محفوظ للاجئين الفلسطينيين.

شهد المخيم أكثر من مرّة اشتباكات بين مجموعات متعددة في داخله، أضرّت بشكل أساسي بسكان المخيم، وبالقضية الفلسطينية، وبالعلاقات اللبنانية الفلسطينية. يحاول البعض أخذ ذلك ذريعة للإجهاز على المخيم بأي طريقة من الطرق، فيما يلجم البعض الآخر أي توجه يجعل القضية تتحوّل إلى خبر كان. يقود البعض يومياً حملة شيطنة عبر الإعلام لتصوير أن كل مشاكل لبنان الأمنية وغير الأمنية بسبب وجود مخيم عين الحلوة، وبسبب وجود مجموعات أو أفراد مطلوبين فيه. ويقود البعض الآخر حملة مضادة لتأكيد أن المخيم مستهدف، وصولاً إلى شطبه من المعادلة ومعه شطب القضية.

يدرك الجميع أن الوضع الصعب والمأساوي الذي يعيشه أبناء مخيم عين الحلوة كفيل بإنتاج إشكاليات لا تعدّ ولا تحصى. فالحصار المفروض على المخيم، الذي يمنع إدخال الكثير الكثير من المواد. والضغط السكاني الهائل في داخله، والمضايقات التي يتعرض لها اللاجئ داخل المخيم وخارجه، وحرمان الفلسطيني الكثير من حقوقه الانسانية، كل ذلك كان كفيلاً بتحويل المخيم إلى بؤرة حقيقية تهدد نفسها وكل ما يحيط بها. ولكننا نرى أنه على الرغم من كل ذلك فإن حجم المشاكل والإشكاليات التي تقع في المخيم، وهو يعيش هذه الظروف، تعتبر بسيطة ولا تذكر قياساً بمشاكل وإشكاليات تقع في مناطق تعيش حالة مختلفة جذرياً عن أحوال المخيم. لذا فإن المطلوب ليس النظر إلى المخيم كـ «بؤرة» مخيفة بقدر ما أن المطلوب هو التعامل مع المخيم من منطلق إنساني حقوقي يمنح الفلسطيني حقه القانوني في المجالات الانسانية والاجتماعية. بمعنى آخر، المطلوب هو التعامل مع المخيم من زاوية حقوقية إنسانية إجتماعية أكثر من التعامل والتعاطي معه من زاوية أمنية فقط باعتبار وجود بعض العناصر المطلوبة فيه. فإذا كان المطلوبون في المخيم عشرات، فإن المتمسكين بأمن المخيم وأمن لبنان وحسن العلاقة والجوار، والحريصين على حق العودة ورفض التوطين، وعلى قضيتهم مستمرة ومتوقدة، هم الأغلبية الساحقة من أبناء المخيم، ولا يجوز أن يؤخذ هؤلاء، وتؤخذ القضية الفلسطينية، ويؤخذ حق العودة ويستبدل بقرار ترحيل بسبب قلّة قليلة موجودة على الرغم من إراة الأغلبية. إن مقاربة هذا الملف تكون من خلال حوار مع فعاليات المخيم من ناحية، وتفعيل مسألة الحقوق الانسانية والاجتماعية من ناحية ثانية، والانتصار للقضية من ناحية ثالثة.

هناك من يحاول أن يعزل المخيم عن المحيط الجغرافي والبيئة المحيطة، وبالتحديد عن مدينة صيدا التي تتداخل مع المخيم بعلاقات اجتماعية ومصاهرة واقتصادية وغير ذلك، حتى يتحوّل المخيم إلى لقمة سائغة. وهناك من يعمل على إشعال الفتن وضرب المخيم من الداخل حتى يتحوّل إلى محرقة للجميع. العقلاء في المخيم وهم الأكثرية الساحقة، وأصحاب المسؤولية والقرار في مدينة صيدا، يجب أن يتنبّهوا لذلك ويمنعوا أي اصطياد في العلاقات بين صيدا وجوارها والمخيم وعمقه.

المصدر: الأمان اللبناني - وائل نجم