القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

بعلبك: 180 عائلة فلسطينية تنزح إلى مخيم الجليل..مأساة إنسانية تغيب عنها «هيئة الإغاثة» و«الأونروا»

بعلبك: 180 عائلة فلسطينية تنزح إلى مخيم الجليل..مأساة إنسانية تغيب عنها «هيئة الإغاثة» و«الأونروا»



الأربعاء، 08 آب، 2012

بات مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين قرب بعلبك، مكتظاً بأهله وبنحو تسعمئة نازح جديد. وللحصول على حصة نوم على قسم من فراش إسفنجي لساعات معدودة، يتناوب النازحون الجدد مع أهل المخيم في مأساة إنسانية لم تشهد من قبل. ذلك في ظل غياب «الأونروا»، و«الهيئة العليا للإغاثة»، وحضور ضعيف جداً لبعض المنظمات الدولية.

وتتزايد أعداد تلك العائلات النازحة من العاصمة السورية وريفها مع كل ساعة، حيث كان من الصعب على لجان الإحصاء في مخيم الجليل إعطاء رقم ثابت، دائما كان الجواب ينتهي بعبارة «حتى هذه اللحظة. 180 عائلة نازحة، وفق إحصاء الساعة الثانية من بعد ظهر أمس، وفدت من مخيم اليرموك، وجوبر، والمعضمية، وسيدة زينب، والتضامن، والحجر الأسود إلى مخيم الجليل خلال الأيام العشرين الماضية.

مخيم الجليل لم يكن يتسع لأهله، فتمددوا مرغمين إلى خارج المخيم. وهو ثكنة عسكرية أنشئت للجنود الفرنسيين وخيلهم. عاش فيه الفلسطينيون مرغمين لسنين طويلة، واضطروا إلى زيادات في البناء حيث أمكن. وقسموا الغرفة إلى اثنتين كي تتسع للعائلات المتزايدة. كما بنوا في طرقه وأزقته. وباتت الممرات الداخلية ضيقة لا تتسع لمرور شخصين، حتى أضحى من أكثر الأماكن السكانية كثافة في العالم. فكيف إذا فرض عليه استقبال 180 عائلة جديدة فجأة (نحو 900 شخص) والحبل على الجرار. معظم العائلات النازحة لجأت إلى أقارب لها، أو أقارب أقاربها، فتحت الغرف الضيقة أمامها. والذي كان لديه منزل أهله في المهجر، أعطى مفاتيحه للجان الشعبية كي تؤوي النازحين.

في مخيم الجليل، شقة من غرفتين ومطبخ وحمام لا تزيد مساحتها عن 33 مترا مربعاً، تعود لعائلة «جمعة»، حشرت فيها ست عائلات مؤلفة من 31 شخصا. إحدى الغرف ليس فيها شباك، ولا تهوئة. والرطوبة فيها عالية. زوّدت العائلات الست بعشر فرش إسفنجية لا تتسع لها الغرفتان، ما أجبرها على استخدام السقيفة «تتخيتة»، لمنامة الشباب من عمر 14 سنة وما فوق. أما عن كيفية نوم الآخرين، فتقول زينب سعيد أبو راس «نضطر إلى إجراء مناوبة في النوم بين الرجال والنساء، حيث نقسم الليل إلى قسمين. أما الباقون فينامون راس وكعب».

حملت رقية شحادة صحنا بلاستيكيا، بداخله القليل من البيض والبطاطا، بغية إطعام ابنها الصغير بدل وجبة الحليب. وفجأة هجم عليها طفلان في السابعة من العمر، ليشاركا طفلها في وجبة الطعام. ولأن معظم النازحين يصومون، تبرز المشكلة في وجبة الإفطار، وفي كيفية تنظيمها بالرغم من فقر الوجبة. على أرض الغرفة الصغيرة يجلس 31 شخصاً بينهم اكثر من 20 طفلا. تصفت آمنة الحال بأنها «اشتباك غذائي».

في المخيم، غياب كامل لتقديمات «الأونروا» الإغاثية. وتقتصر خدماتها على عدد من التقديمات عبر مراكزها الصحية، بالإضافة إلى الاستشفاء عبر الوكالة، ولكن على حساب «الهلال الأحمر القطري». كما برز كذلك، غياب الدعم من التنظيمات الفلسطينية، سواء عبر «منظمة التحرير»، أو عبر «تحالف القوى الفلسطينية». كما يمكن تسجيل دور المتابعة للجان الشعبية، بالاتصالات مع الجمعيات الدولية والمحلية، و«الأونروا»، بغية توفير المساعدات. وقد تمكنت اللجان من تأمين 300 فرشة، و270 وحدة غذائية، و25 غازا صغيرا، وبعض أدوات المطبخ ومواد التنظيف. وبالرغم من وجود لجنتين شعبيتين في المخيم، (واحدة لمنظمة التحرير، والثانية لفصائل التحالف)، إلا أنهما اتفقتا على تشكيل لجنتين لمتابعة أوضاع النازحين، «لجنة إحصاء»، و«لجنة إغاثة واتصالات». وقد تمكنت اللجنتان من مسك الملف بكامله، حرصا على عدم استغلاله بالسياسة من جهة، ومساواة النازحين بعضهم ببعض من جهة أخرى.

امين سر اللجنة الشعبية التابعة لـ«منظمة التحرير» عمر قاسم، أعلن أنه «تم الاتصال بالصليب الأحمر الدولي»، الذي قدم مساعدة على عجل، عبارة عن 90 وحدة غذائية. كما تم الاتصال بمنسقية تيار المستقبل في بعلبك. فقدمت مئة وحدة غذائية، و25 غازا صغيرا (هبة من دولة الإمارات)». وحاولت «جمعية الاتحاد الإسلامي» استغلال توزيعها مئة حصة غذائية، عبر رفع لافتة مؤيدة لـ«الثورة السورية»، كتب عليها «من الشعب النمساوي إلى الثورة السورية»، فبادرت اللجان الشعبية إلى رفض الاستغلال السياسي. وأوقفت عملية التوزيع. كارم طه أمين سر اللجنة الشعبية لـ«فصائل التحالف»، حمّل المسؤولية المباشرة لوكالة «الأونروا»، في «تقصيرها في مدّ يد المساعدة للنازحين الفلسطينيين من سوريا، لأن كل المنظمات والجمعيات التي تهتم باللاجئين السوريين، ترفض التعاطي مع الفلسطيني باعتبار أن الأونروا، هي المسؤولة عنه». وسأل طه: «أين هي خطة الطوارئ التي يفترض أن تلجأ إليها الوكالة في حالات مشابهة؟». وأكد «وجود مشكلة فعلية في مسألتين، الإيواء اللائق بالحد الأدنى، وتجديد الإقامة المحددة وتغريم الفلسطيني المخالف». وقال طه: «إننا بصدد فتح مدارس الأونروا أمام العائلات النازحة، إذا ما زاد العدد، واستمر إهمال الوكالة. ولن نعطي لبدء العام الدراسي أواسط أيلول المقبل أي اعتبار لأن إيواء أهلنا أهم من كل شيء». وأضاف: «سنذيع بيانا باسم اللجان الشعبية، ندعو فيه أهل المخيم لأن يعمدوا إلى مساعدة أهلهم النازحين، عبر من يطبخ طبخة فليطبخ اثنتين، واحدة لعائلته والثانية يقدمها لعائلة نازحة».

وأبدي أبو جهاد، عضو قيادة «حركة فتح» ومسؤول في اللجان الشعبية أسفه «للدور السلبي الذي تتخذه الأونروا في التعاطي مع قضية إنسانية بحجم مأساة العائلات النازحة». وقال: «لقد تحولنا إلى شحاذين أمام المنظمات والجمعيات الأهلية»، كاشفاً أن «مسؤول الأونروا في البقاع، رفض إعطاءنا خيماً بالاستناد إلى قرار من لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، تخوفاً من إنشاء مخيمات نازحين جديدة». وأشار إلى أنه إذا ما حصلت اللجان الشعبية على خيم، فإنها ستقيمها على أراض تابعة لـ«منظمة التحرير» بجوار المخيم. وأكد أن «اتصالات مع سفارة فلسطين تجري بغية الطلب من السلطة الفلسطينية تأمين ما أمكنها من مساعدات للنازحين». ولفت أبو جهاد إلى «ضرورة الإسراع ببت التمديد للعائلات النازحة من قبل الأمن العام اللبناني، حتى لا تفرض عليها غرامات مالية».

المصدر: عبد الرحيم شلحة - السفير