زارت غزة والتقت هنية ومسؤولين في "حماس" وعائلة الجعبري
بهية الحريري: لتحقيق العدالة للفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة
الثلاثاء، 11 كانون الأول، 2012
في زيارة هي الأولى لها الى الأراضي الفلسطينية، زارت عضو كتلة "المستقبل" النائب بهية الحريري قطاع غزة، على رأس وفد صيداوي. وأكدت أن "هذه الزيارة هي تعبير عما حلم به كل عربي وعربية، بأن تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني الشقيق، من خلال استعادة أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".
وحفلت زيارة الحريري أمس، والوفد الصيداوي الذي ضم رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، منسق عام تيار "المستقبل" في صيدا والجنوب ناصر حمود، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، رئيسة اللجنة اللبنانية ـ الفلسطينية للحوار والتنمية في صيدا ومخيماتها مايا مجذوب، وعضوي المجلس البلدي لمدينة صيدا اسكندر حداد وعبد الله كنعان، وهبة حنينة عن مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة، ورافق الوفد ممثل حركة "حماس" في لبنان علي بركة، بلقاءات مع عدد من المسؤولين في حركة "حماس" والمجلس التشريعي والجامعة الإسلامية، وجولة على عدد من عوائل الشهداء، وبعض المنشآت والمرافق والأبنية، التي استهدفها العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وتوجت الحريري زيارتها الى غزة بلقاء رئيس الحكومة اسماعيل هنية.
وصلت الحريري والوفد المرافق الى غزة عن طريق معبر رفح، قرابة الثانية عشرة ظهراً، بعدما أقلتهم طائرة خاصة الى مطار العريش، وفور وصولها، أدت صلاة شكر لله على أرض فلسطين، وكان في استقبالها على المعبر في الجانب الفلسطيني وزيرة شؤون المرأة جميلة الشنطي، عضو المجلس التشريعي النائب عن "حماس" هدى نعيم، وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" آمال حمد، وعضوي قيادة "حماس" سامي أبو زهري وفوزي برهوم، وأمين عام مجلس الوزراء ووزير التربية السابق محمد عصفور، ورئيس بلدية غزة، ووفد من رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية في غزة.
وجالت الحريري والوفد المرافق على معرض حي عن العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وعاينت بقايا سيارة القيادي في كتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري، الذي اغتيل في بداية العدوان واطلعت على نماذج من الصواريخ والقذائف التي استخدمها العدو الإسرائيلي في العدوان على غزة، وجالت على معرض صور عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل خلال العدوان الأخير، بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ.
وفي قاعة الشرف على معبر رفح، رحبت الوزيرة الشنطي بالحريري والوفد المرافق، قبل اصطحابهم في جولة، بدأت من خان يونس الى دير البلح، وصولاً الى مدينة غزة، ولا سيما الأحياء التي استهدفها العدوان الإسرائيلي الأخير فيها، وخصوصاً حي الشجاعية.
وكانت محطة الوفد الأولى في غزة، في منزل عائلة الشهيد الجعبري، حيث التقت الحريري والدته وشقيقه وعدد من أفراد العائلة، ثم عرجت على مقري وزارة الداخلية ورئاسة الوزراء وملعب فلسطين، الذين دمروا في العدوان على القطاع، قبل أن تتوقف أمام أنقاض منزل عائلة الدلو، التي استشهد 11 من أفرادها، في مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال في العدوان الأخير .
وزارت الحريري والوفد المرافق الجامعة الإسلامية في غزة، والتقت هيئتها الإدارية والأكاديمية، حيث ألقى رئيس الجامعة كمالين شعث، كلمة ترحيبية بالحريري والوفد اللبناني، وردت الحريري بكلمة، أعربت فيها عن "سعادتها واعتزازها بأن تكون في غزة، وفي صرح تربوي وأكاديمي"... وكان اللقاء مناسبة لتبادل الأفكار حول سبل التعاون، من أجل تعزيز صمود الطلاب الفلسطينيين في القطاع .
وقدم شعث درعا تقديرياً للحريري باسم الجامعة، وقنينة زيت من نتاج زيتون الجامعة في غزة، ومن ثم جالت والوفد على عدد من أقسام الجامعة، وتوقفت في بعض الورش الفنية، الخاصة ببعض الأعمال اليدوية والصناعات الحرفية.
وتوجهت والوفد الى مقر المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث كان في استقبالهم النائب الأول لرئيس المجلس أحمد بحر، وعدد من أعضاء المجلس، حيث رحب بحر بالحريري وأعضاء الوفد، وقدم الى كل منهم كوفية فلسطينية، ثم عقد اجتماع مشترك في قاعة المجلس، حيث أكد بحر "أهمية التضامن اللبناني والعربي مع الشعب الفلسطيني"، مشيداً بـ"احتضان لبنان وصيدا خصوصا، للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة والمحقة، وبدعمه الدائم لصموده ومقاومته، ثم قدم للحريري درعاً، هو عبارة عن خارطة فلسطين .
الحريري
وخلال جولتها في غزة، قالت الحريري أمام الصحافيين الذين رافقوا الوفد في جولاته: "إن هذه الزيارة هي تعبير عما حلم به كل عربي وعربية، بأن تحقق هذه القضية العادلة التي تضافرت جهود الأجيال من الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية، وجعلتها القضية العربية الأولى، وإن الوطن العربي بأكمله يتطلع الى تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني الشقيق، لإستعادة أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين"، موضحة "أنني كنت على اتصال مع الأخوة في "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، من أجل أن نأتي الى هنا، ونكون معهم في تلك الأيام الصعبة، التي أضيفت الى سنوات طويلة من الاحتلال والعدوان والدمار والاعتقال والشتات، كما عاشت أيضاً كل من مصر ولبنان والأردن والجولان المحتل، وشعرنا بالعزة والانتصار من صمود هذا الشعب في مواجهة العدوان".
وقالت: "لقد اخترت هذا اليوم، العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، وهو اليوم العالمي لشرعة حقوق الإنسان، والذي صدر في الزمن نفسه الذي انتهكت فيه شرعة حق الإنسان الفلسطيني، في أرضه ووطنه ودولته وسكينته، مما جعل هذا الإعلان وصمة عار لواضعيه". وهنأت "الشعب الفلسطيني الشقيق، على ما حققه في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام، في اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وجعلته الأمم المتحدة بعد طول انتظار، يوماً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، كعضو مراقب في الأمم المتحدة".
ولفتت الى "أننا هنأنا في العام الماضي، الدول الـ107 التي اعترفت بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأونيسكو، وهذا القرار يسجل للسيدة إيرينا بوكوفا المدير العام للأونيسكو، وقد اعتبرنا يومها أن المقدسات الإسلامية والمسيحية أصبحت في عهدة الدولة الفلسطينية في الأونيسكو، وأن تأتي كل هذه المناسبات في الذكرى الـ25 لانطلاقة حركة "حماس"، التي يسعدنا أن نكون معهم على أرض فلسطين، حيث سمعنا منهم بالأمس أن الوحدة الفلسطينية هي القضية الأولى لدى الشعب الفلسطيني بكل فصائله، وأن في تلك الوحدة الفلسطينية ما يعيد الثقة الى الشعوب العربية بنفوسهم، وبقضيتهم التاريخية، من أجل استعادة فلسطين، وعودة اللاجئين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
أضافت: "إنني أحمل اليكم أطيب التحيات من أهلكم في صيدا، الذين تعرفونهم ويعرفونكم، صيدا التي كنا معاً في السراء والضراء، وعلى مدى عقود طويلة، قبل النكبة وبعدها، لتكون صيدا عاصمة الأخوة اللبنانية ـ الفلسطينية، كما حملني الرئيس سعد رفيق الحريري، الى أهله في غزة، وفي عموم فلسطين كل الحب والتقدير، متمنياً أن تجد كل الشعوب العربية التي تعاني من الظلم والاستبداد، طريقها نحو الحرية والتقدم واحترام حقوق الإنسان"، مشيرة الى "أنني كسفيرة لليونسكو للمرأة والفتاة العربية، أدعو كل المنظمات العربية الأهلية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، الى استحداث آلية لندعم من خلالها تعليم المرأة الفلسطينية على أرضها، بما تستحقه من علوم ومعرفة، وأنا على ثقة بأننا قادرون، إذا توافرت الإرادات الطيبة، أن نعيد الثقة الى نفوسنا، والثقة في ما بيننا وبين العالم، ونعيد الى شرعة حقوق الإنسان مصداقيتها وقيمتها، بعد أن يأخذ كل فلسطيني وفلسطينية على أرض فلسطين، وفي الشتات، حقه في العودة والدولة، لتعود القدس قبلة الى جميع المسلمين والمسيحيين، والعيش الكريم بسلام".
وتابعت "إن وجودنا هنا اليوم، من أجل أن نقول كلمة واحدة، إن هذا الصمود وهذا النصر وهذا الإصرار، لا بد أن يصل الى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وجئنا لننقل رسالة أساسية في اليوم العالمي لشرعة حقوق الإنسان، هي رسالة واضحة، بأن الحق لا بد أن ينتصر في النهاية، ودعم صمود غزة بعد النصر الذي تحقق أخيراً، ودعم الديبلوماسية أيضاً، التي وصلت الى قبول فلسطين كدولة مراقبة في الأمم المنتحدة، بعد قبولها كعضو كامل العضوية في الأونيسكو، فكل هذه الأمور مجتمعة، تؤكد على أحقية هذا الشعب وحقه في دولته ووطنه، وفي سكنه، وفي كرامته، وفي استقراره، ونحن نبارك لـ"حماس في الذكرى الـ25 سنة لانطلاقتها، ونتابع بدقة الكلام الذي قاله (رئيس المكتب السياسي لـ"حماس") الأخ خالد مشعل في الزيارة الأولى الى غزة، وتأكيده على المصالحة الوطنية، ولذا نقول للفلسطينيين، إنهم سيبقون القضية المركزية الأولى لكل الشعوب العربية، في توقها الى الحرية والديموقراطية والعدالة" .
هنية
واختتمت الحريري زيارتها الى غزة، بلقاء رئيس الحكومة اسماعيل هنية، الذي رحب بـ"الحريري والوفد المرافق"، مشيراً الى أنه "لا يسعني، باسمي وباسم الحكومة، وباسم شعبنا الفلسطيني، وباسم المقاومة الفلسطينية، إلا أن أرحب بالأخت النائب بهية الحريري، والأخوة الكرام في الوفد المرافق، من رجالات وبنات لبنان، وكذلك اخواننا من الشعب الفلسطيني القادمين من لبنان، وصحيح أن يلتقي لبنان بفلسطين عبر بوابة غزة، فهو لقاء التاريخ والحاضر والمستقبل إن شاء الله، والدم اللبناني امتزج بالدم الفلسطيني، ولبنان رغم صغر جغرافيته، إلا ان قلبه كان كبيراً، واتسع لكل أبناء شعبنا الفلسطيني منذ النكبة العام 1948، وهذا هو لبنان، وفيّ واصيل بعروبته ومواقفه وقوميته، وبكل مكوناته وطوائفه، وكيف ضم هذا اللجوء الفلسطيني، واحتضن المقاومة الفلسطينية، منذ أن خرجت من الأردن في السيعينات، الى أن وقع ما وقع، وخرج الثوار الفلسطينيون من لبنان، وما يزال لبنان وفيّ لكل الشعب الفلسيطني، لذلك كله، أعبر عن تقديري العالي لهذه الزيارة، وأهدي اليكم هذا النصر، لأنه ليس نصراً فقط لغزة، وإنما لكل الأمة العربية، ولكل الدول العربية، ولأحرار العالم، ولكل من يقول لا للاحتلال الإسرائيلي على هذه الأرض المباركة".
ورداً على أسئلة الصحافيين، حول رأيه بما يجري في سوريا، وكلمته الى أهاليها، قال: "أوجه الى الشعب السوري تحية خاصة، وهو شعب احتضن "حماس" والمقاومة الفلسطينية"، كما احتضن أيضاً اللجوء الفلسطيني، حيث يوجد هناك أكثر من نصف مليون فلسطيني، يعيشون في مخيمات اللجوء في سوريا، سوريا وفية، وشعبها عظيم، لكن اليوم تقلبت الأمور على هذا الشعب من قبل حكامه ومسؤوليه، وأنا أحيي الشعب السوري، والثورة السورية، التي وقفت معنا حتى في أثناء المعركة على غزة، حيث وجدنا أن الشعب السوري الثائر لم ينس غزة، ورفع لافتات التضامن مع غزة، وأعلن وقوفه الى جانب غزة، والى جانب التصدي لهذا العدوان، على الرغم من سقوط عشرات الشهداء من أبناء هذا الشعب السوري يومياً، وهو لم ينس الجرح الفلسطيني، ولم ينس غزة، ولم ينس الشعب الفلسطيني، الذي كان يتعرض للعدوان".
ووجه "تحية الى الشعب السوري"، مؤكداً "أننا نقف دائماً مع الدولة ومع النظام، حين وقفوا مع المقاومة، ومع الشعب السوري، ولكن حينما يتحول النظام الى قاتل لشعبه، لا يمكن أن نكون إلا الى جانب الشعوب، لأننا نحن أيضاً حركة ولدت من رحم الشعب الفلسطيني، لذلك أحيي الشعب السوري، وأدعو الله عز وجل، أن يحقن الدماء، وينال الشعب السوري حريته وكرامته، وتزول هذه الغمة عن الشعب السوري".
وأوضح بـ"شأن المصالحة الفلسطينية، أن لا شك في أن الأجواء التي سادت الساحة الفلسطينية، خلال المعركة وبعدها، هي اجواء ايجابية ومبشرة، ومستوى الحديث عن المصالحة هو مستوى جيد، ونحن ندفع بهذا الاتجاه، ونعتقد أن أول ثمرة يجب أن نقطفها بعد نصر المقاومة، هو نصر تحقيق المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية، وأملي كبير في أن نستثمر هذه الأجواء، وننهي الانقسام، ونستعيد وحدة شعبنا الفلسطيني، لأننا نعرف أن هذا الانقسام هو شيء استثنائي في تاريخ شعبنا، وهو لا يسر أحداً من أبناء الأمة، وخصوصاً الذين يقفون الى جانب قضيتنا وجانب شعبنا، وأملنا أن نحقق هذه المصالحة، بهمة الناس جميعاً إن شاء الله".
المصدر: المستقبل ـ رأفت نعيم