تحييد السلاح الفلسطيني
عن الصراع الداخلي والحقوق المدنية للاجئين أبرز الملفات
لقاء سليمان ـ عباس يضمن
عدم الانزلاق في التجاذبات اللبنانية

الخميس، 04 تموز، 2013
ملفان أساسيان هما الحفاظ
على تحييد المخيمات الفلسطينية عن اي صراع لبناني داخلي، والحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين
في لبنان، كانا نجمي المحادثات الثنائية والموسعة التي أجراها الرئيس الفلسطيني محمود
عباس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال الزيارة الرسمية للبنان التي بدأها أمس وتستمر
حتى ظهر السبت المقبل. وأوضحت مصادر الوفد اللبناني المشارك لـ "المستقبل”، انه "تم
الاتفاق على تعاون مكثف بين الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية
ومخابرات الجيش اللبناني ووزارة الداخلية ، لضبط الوضع في المخيمات والحؤول دون تسرب
أي حالات فردية فلسطينية، تريد التدخل لمصلحة هذا الطرف اللبناني او ذاك في ظل الازمة
اللبنانية الحاصلة، وسيترجم هذا التعاون من خلال إجتماعات متلاحقة بين الجانبين خصوصاً
في ظل الاوضاع التي يعيشها لبنان والمنطقة”.
ولفتت المصادر إلى ان "رئيس
الجمهورية أكد للوفد الفلسطيني أهمية أن تبقى معالجة السلاح الفلسطيني ضمن إطار ما
أقرته هيئة الحوار الوطني، فكان جواب الرئيس عباس بأن الفلسطينيين على قناعة تامة بضرورة
تحييد السلاح الفلسطيني عن الصراعات الخارجية في المنطقة، سواء أكان في لبنان اوسوريا
او أي بلد آخر، وهذا ما حصل خلال أحداث نهر البارد، إذ لم يتحرك السلاح الفلسطيني في
البداوي، وكذلك في أحداث عبرا الاخيرة بحيث لم يتحرك السلاح في مخيم عين الحلوة، وبالتالي
فالسلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان وخارجها هو أمر سيادي، والفلسطينيون على
إستعداد لتطبيق أي قرار يتخذ بشأنه”.
كما أكدت مصادر فلسطينية
مواكبة للزيارة ان "هذه الجهود كانت قد بدأت قبل زيارة الرئيس عباس من أجل ضبط الحالات
الفردية التي كانت ترغب في زج الفلسطينيين في الصراع اللبناني الداخلي، بحيث كان التواصل
مع كل الاطراف اللبنانية والجيش اللبناني والقوى الإسلامية لمعالجة أي إنفلات فردي
قد يحصل، لكن الزيارة أتت لترسخ هذه الجهود بشكل أكبر من خلال وضع آليات عمل بين فصائل
منظمة التحرير والقوى الاسلامية، للتعاون مع الجيش اللبناني وتأكيد سياسة الحياد الايجابي
التي يريدها الفلسطينيون تجاه لبنان ودعم سلمه الاهلي”.
وحضرت الحقوق المدنية الفلسطينية
على طاولة البحث بشكل موسع، بحيث قدم وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي
مداخلة شرح فيها ملف العمالة الفلسطينية في لبنان، مميزاً "بين اللاجئين الفلسطينيين
المسجلين الذين يخضعون لقانون 129 الصادر في آب 2010، والذي بات بموجبه يمكن للعامل
ان يحصل على إجازة عمل مجانية (شرط ألا تخضع لقرار المهن الحرة في لبنان)، اضافة الى
بوليصة تأمين صحي مغطى تكاليفها من الانروا، وتعويض نهاية الخدمة من صندوق خاص في الضمان
الاجتماعي اللبناني، ولا يمكن لوزارة العمل اللبنانية إعطاء إجازة عمل لهؤلاء اللاجئين
في المهن الحرة التي لها نظام نقابي خاص ينظم شؤونها، وإن كان يحرص على إعطاء الاولية
للعامل الفلسطيني في حال كانت هذه المهن تعاني نقصاً في اليد العاملة اللبنانية، كمهنة
التمريض مثلاً. أما اللاجئون غير الفلسطينيين فهم يخضعون للقانون الذي ينظم عمل العمال
الاجانب في لبنان”.
واكد رئيس الجمهورية "أهميّة
عدم انزلاق الإخوة الفلسطينيين في التجاذبات والخلافات الداخليّة اللبنانيّة، وتحييد
أنفسهم عن التداعيات السلبيّة للأزمة السوريّة، في وقت يسعى لبنان الى المحافظة على
استقراره وسلمه الأهلي وتلافي الانقسام الداخلي، خصوصاً من طريق الالتزام بـ "إعلان
بعبدا” الذي توافق عليه أطراف هيئة الحوار الوطني وما زال يلقى تأييداً إقليميّاً ودوليّاً
واسعاً”. وشدد على "ضرورة العمل مع السلطة الفلسطينية لمتابعة قرارات مؤتمر وهيئة الحوار
الوطني الخاصة بالموضوع الفلسطيني من جوانبه كافة، ووضع آليّة لتنفيذها، سواء ما يتعلّق
منها بمعالجة المسائل الحياتيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة للاجئين، بالتعاون المفترض
مع وكالة الأونروا، أو ما يتعلّق بالسلاح داخل المخيّمات وخارجها”.
من جهته، أعرب الرئيس الفلسطيني
عن أمله في "النأي باللاجئين من الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا ولبنان، عن النزاعات
الداخلية”، مؤكداً "أننا لسنا طرفاً في أي نزاع أو صراع يقع هنا أو هناك”. وشدد على
"رفض التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد، كما أننا بأمس الحاجة الى دعم الجميع وتضامنهم
مع شعبنا الذي يسعى لنيل حريته واستقلاله”. واعتبر أن قرار السلاح الفلسطيني في لبنان
"بيد رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية، ونحن نطيع كل ما نؤمر به في هذا الموضوع وفي
غيره باعتبارنا ضيوفاً ومقيمين بشكل مؤقت”.
وكان الرئيس عباس وصل الى
القصر الجمهوري قرابة الثالثة من بعد ظهر أمس، في مستهل زيارة رسمية يقوم بها للبنان
بناء لدعوة رئيس الجمهورية الذي كان في استقباله عند المدخل الخارجي للقصر. وأقيمت
للرئيس الضيف مراسم الاستقبال الرسمية. وبعد مراسم الاستقبال، انعقدت قمة لبنانية ـ
فلسطينية تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية والمقاربات الكفيلة بدعم القضية الفلسطينية
في المحافل الدولية وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وآفاق عملية السلام في الشرق
الأوسط.
بعد ذلك، إنتقل الرئيس
سليمان ونظيره الفلسطيني الى قاعة مجلس الوزراء حيث عقدا لقاء موسعاً، حضره عن الجانب
اللبناني نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال سمير مقبل، ووزراء الخارجية
والمغتربين عدنان منصور، الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، العمل سليم جريصاتي، شؤون
المهجرين علاء الدين ترو والداخلية والبلديات مروان شربل، المدير العام لرئاسة الجمهورية
انطوان شقير، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الديبلوماسية السفير ناجي ابي عاصي، المدير
العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، المستشار العسكري لرئيس الجمهورية العميد عبد
المطلب الحناوي، ورئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اديب ابي عقل.
وشارك عن الجانب الفلسطيني
عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح” عزام الاحمد، نائب رئيس مجلس الوزراء زياد ابو عمرو،
وزير العمل أحمد مجدلاني، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة، سفير
دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور، مستشار الرئيس للشؤون الديبلوماسية مجدي الخالدي وأمين
سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات.
وفي ختام المحادثات جرى
تبادل للأوسمة، فمنح الرئيس سليمان الرئيس الضيف وسام الاستحقاق من الرتبة الاستثنائية،
وبدوره منحه الرئيس الفلسطيني وسام نجمة فلسطين، ثم كان تبادل للهدايا، وكلمة للرئيس
عباس في سجل الشرف، ثم توجه برفقة رئيس الجمهورية الى حديقة الرؤساء حيث زرع أرزة الصداقة
اللبنانية ـ الفلسطينية.
مؤتمر صحافي
بعد ذلك، عقد الرئيسان
مؤتمرا صحافياً مشتركاً في قاعة 22 تشرين الثاني، تلا سليمان في مستهله بياناً أوضح
فيه أن محادثاته مع عباس "مفيدة وضروريّة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان،
وفي ظلّ التحوّلات التاريخيّة التي تشهدها المنطقة، وتناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائيّة،
والمقاربات الكفيلة بدعم القضيّة الفلسطينيّة في المحافل الدوليّة، وأوضاع اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان، وآفاق عمليّة السلام في الشرق الأوسط. كما تم التأكيد على أهميّة
عدم انزلاق الإخوة الفلسطينيين في التجاذبات والخلافات الداخليّة اللبنانيّة، وتحييد
أنفسهم عن التداعيات السلبيّة للأزمة السوريّة، في وقت يسعى لبنان الى المحافظة على
استقراره وسلمه الأهلي وتلافي الانقسام الداخلي، خصوصاً من طريق الالتزام بإعلان بعبدا
الذي توافق عليه أطراف هيئة الحوار الوطني وما زال يلقى تأييداً إقليميّاً ودوليّاً
واسعاً”.
وقال: "ثمّنا في هذا المجال
الجهود التي بذلت لضبط أيّ تورّط من قبل جماعات فلسطينيّة مسلّحة بعينها في أحداث صيدا
الأخيرة، والتي عمل الجيش اللبناني من خلالها على فرض سلطة الدولة وهيبة القانون ومنع
الانزلاق نحو الفتنة، وقدّم التضحيات الغالية في هذا السبيل. وتمّ التأكيد على ضرورة
العمل معاً لمتابعة قرارات مؤتمر وهيئة الحوار الوطني الخاصة بالموضوع الفلسطيني من
جوانبه كافة، ووضع آليّة لتنفيذها، سواء ما يتعلّق منها بمعالجة المسائل الحياتيّة
والاجتماعيّة والإنسانيّة للاجئين، بالتعاون المفترض مع وكالة الأونروا، أو ما يتعلّق
بالسلاح في داخل المخيّمات وخارجها. كما تمّ التطرّق على وجه التحديد إلى مشكلة اللاجئين
الفلسطينيين الوافدين من سوريا، وسبل توفير الرعاية الإنسانيّة لهم، بانتظار تأمين
شروط عودتهم الآمنة والعاجلة إلى الأراضي السوريّة، إضافةً إلى أهمية استمرار التنسيق
والتعاون لمواجهة مخاطر التطرّف والإرهاب والأعمال المخلّة بالأمن. وفي ضوء الأزمات
والاضطرابات التي يشهدها بعض الدول العربيّة، اتفقنا على ضرورة إيجاد حلول سياسيّة
لهذه الأزمات، والعمل على إعادة ترسيخ مبادئ العيش المشترك ومستلزماته بين مختلف مكوّنات
مجتمعاتنا. كما بحثت مع الرئيس عباس في المعطيات المتوافرة بشأن الجهود الدوليّة الهادفة
الى إحياء عمليّة السلام في الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الحاجة إلى إيجاد حل سلمي عادل
وشامل لكل أوجه الصراع في الشرق الأوسط، وليس فقط بطبيعة الحال للشقّ الفلسطيني ـ الإسرائيلي
لهذا الصراع”.
أضاف: "أكدت في هذه المناسبة
حرص لبنان ـ وهو حرص الاخوة الفلسطينيين أنفسهم ـ على أن لا يأتي أي حل بصورة تتعارض
مع مصالح لبنان العليا ومرجعيّة مؤتمر مدريد والمبادرة العربيّة للسلام، وخصوصاً ما
ورد فيها من وجوب ضمان عدم توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي تتعارض أوضاعها
الخاصة مع مثل هذا التوطين. كما كرّرت للرئيس عباس دعم لبنان للمساعي الهادفة الى قبول
دولة فلسطين كدولة كاملة العضويّة في منظمة الأمم المتحدة”.
ثم ألقى عباس كلمة أشار
فيها إلى انه "تم التداول في مجمل الاوضاع التي تعيشها المنطقة وآثارها على مجتمعاتنا
العربية ودولنا. وموقفنا ممّا يحدث في سوريا ومصر وغيرها من الدول الشقيقية هو موقف
واضح لا لبس فيه، فنحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول او غيرها وهذه هي توجيهاتنا
لأبناء شعبنا. ونأمل تجنيب اللاجئين من أبناء شعبنا، الذين يعيشون في سوريا ولبنان،
والنأي بهم عن النزاعات الداخلية، مؤكدين في الوقت نفسه أننا لسنا طرفاً في أي نزاع
أو صراع يقع هنا أو هناك. فنحن من حيث المبدأ نرفض التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد
كما أننا بأمس الحاجة الى دعم الجميع وتضامنهم مع شعبنا الذي يسعى الى نيل حريته واستقلاله”.
وشدد على أن "وجود اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان هو وجود مؤقت، إلى حين عودتهم إلى ديارهم وليس فينا من يؤمن بالتوطين
إطلاقاً. ونحن نعوّل على حماية الحكومة اللبنانية لهم ولأمنهم، فوحدة الأراضي اللبنانية
وسيادتها هي مسألة مقدسة في نظرنا. ونتطلع دائماً إلى رؤية لبنان وهو ينعم بالأمن والاستقرار
والرخاء. ونقصد هنا السلاح الفلسطيني في لبنان، فهذا السلاح قراره بيد رئيس الجمهورية
والحكومة اللبنانية، ونحن نطيع كل ما نؤمر به في هذا الموضوع وفي غيره باعتبارنا ضيوفاً
ومقيمين بشكل مؤقت. فنحن هنا نتلقى الأوامر المتعلقة بسلامة لبنان من فخامة الرئيس
ومن حكومته لأننا حريصون كل الحرص على إستقرار لبنان وأمنه ووحدته”.
وأوضح أنه أطلع الرئيس
سليمان على "نتائج الاجتماعات المكثفة التي عقدناها في الايام الماضية مع وزير الخارجية
الاميركية جون كيري، وقدمنا كل ما يمكن من تسهيلات لإنجاح مهمته، والجميع يعلم أن الكرة
في الملعب الإسرائيلي وعليهم أن يثبتوا جديتهم في السعي الى السلام”، وقال: "نحن ملتزمون
بمرجعية السلام وهي القرارات الأممية وخطة خارطة الطريق التي تتضمن المبادرة العربية
للسلام. وفي هذا السياق، نؤكد تمسكنا بخيار السلام الشامل والعادل، الذي يؤدي إلى حل
الدولتين على أساس حدود العام 1967 والقدس عاصمة لدولة فلسطين. وهذا من أهم الشروط
إذ أنه من دون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين لا توجد دولة، وفق قرارات الشرعية الدولية
ومبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت العام 2002. كما أكدنا عزمنا على تحقيق
المصالحة الفلسطينية التي لا بديل عنها، فهي مصلحة وطنية عليا، وذلك من خلال العودة
إلى الشعب الفلسطيني مصدر السلطات ليقول كلمته الفصل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية
المقبلة”.
ودار حوار مع الرئيسين،
فسئل سليمان عن الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في لبنان، فأوضح أن "موضوع المخيمات الفلسطينية
كان مدار مع الرئيس عباس وشكرنا السلطة الفلسطينية على تمكنها من تحييد إدخال الفلسطينيين
في الصراعات الحاصلة في لبنان. هنالك فلسطينيون يشتركون فيها ولكن بشكل فردي غير منظّم
وغير رسمي”، مشدداً على أنه "من مصلحة الفلسطينيين كما من مصلحة اللبنانيين ألا يتدخل
الفلسطينيون في الأمور التي تحصل بين اللبنانيين. ونحن قد أخذنا على عاتقنا، كما الحكومة
الفلسطينية، عدم التدخل في الشأن السوري، فكيف بالأحرى بالنسبة إلى التدخل في شؤون
بعضنا البعض؟”. واشار الى ان "علاقة لبنان بفلسطين لم ولن تنبع من عضوية فلسطين في
الأمم المتحدة، ولكن هنالك مشكلة نواجهها وهي استغلال العدو لأي موضوع نقوم به لتوطين
الفلسطينيين، وهذا هو هدفه الأساسي ونحن نحاربه كما تفعل الحكومة الفلسطينية”.
وعن تنظيم العلاقات الثنائية
اللبنانية ـ الفلسطينية، بما يصون الحقوق المدنية الفلسطينية والأمن والسيادة في لبنان،
شدد عباس على أن "مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها يعود القرار فيه إلى
الحكومة اللبنانية وما تقرره. وهذا متفق عليه بين كل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت
لواء منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن هنالك أشخاص لا علاقة لنا بهم ولا نستطيع أن نعطيهم
الأوامر أو نوجههم. وما على الحكومة اللبنانية إلا أن تقرر ونحن علينا التنفيذ داخل
المخيمات وخارجها”.
وعن تحسين الاوضاع المعيشية
للاجئين، شدد سليمان على ان "هذا قرار إتخذته الحكومة اللبنانية وهيئة الحوار اللبناني،
كما اتخذ قرار لتنظيم موضوع السلاح لجهة سحبه من خارج المخيمات وضبطه في داخلها، ولكن
لم يطبق أي شيء بخصوص موضوع السلاح. أما بالنسبة إلى تحسين الأوضاع فهو أمر جارٍ وقد
أقرّ قانونان لغاية الآن مهمان بالنسبة إلى اللاجئين. وبالنسبة إلى مخيم نهر البارد
فمشكلة إعادة إعماره تعود إلى أن الأموال التي وعدنا بها لم تأتِ، ولبنان ليس لديه
الأموال الكافية لذلك والقاعدة التي وضعت آنذاك أنه بقدر ما يدفع الإخوان العرب أموالاً
تعطي المنظمات الدولية أموالاً مضاعفة، فإن هذا الأمر يتعثر للأسف ويجب علينا أن نعمل
معاً للحصول على هذه الأموال لإعادة بناء هذا المخيم، ولكن الدولة ملتزمة بذلك والأرض
موضوعة والمخططات موجودة ويكفي إيجاد التمويل بغية التنفيذ”.
وعن الفلسطينيين اللاجئين
من سوريا إلى لبنان، لفت عباس إلى إن "اللاجئين الفلسطينيين الذين قدموا إلى لبنان
بعد نحو سنة من بدء الأحداث في سوريا جاؤوا رغم أنوفهم. الآن كل همنا أن نعيد الأمور
مع الحكومة السورية إلى سابق عهدها من أمن وأمان في مخيم اليرموك حتى يعود هؤلاء الذين
خرجوا وبأقصى سرعة ممكنة. ونحن لا نريدهم أن يبقوا هنا أو هناك بل يجب أن يعودوا إلى
الملجأ الأول وإن شاء الله تكون الخطوة التالية عودتهم إلى وطنهم”.
وعن الأوضاع في مصر، قال
عباس: "نحن نقرأها كما تقرأونها، فالأوضاع صعبة ومعقدة وكل ما نستطيع قوله اننا نتمنى
لمصر السلام والأمن والاستقرار في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها. نحن لا نستطيع
أن نبدي رأينا في ما يجري لأننا لسنا أصحاب الرأي هناك. فنحن نراقب ونتمنى أن تسير
الأمور في خطها السليم لتبقى مصر سنداً للأمة العربية كما كانت”.
وكانت طائرة الرئيس الفلسطيني
حطّت في الثانية والنصف من بعد ظهر أمس على أرض مطار رفيق الحريري الدولي، حيث كان
في استقباله مقبل وترو إضافة الى عدد من الشخصيات واعضاء سفارة دولة فلسطين في لبنان
وفصائل منظمة التحرير والتحالف. وبعد استراحة قصيرة في صالون الشرف، انتقل الرئيس عباس
الى القصر الجمهوري في بعبدا.
تجدر الاشارة الى ان برنامج
لقاءات الرئيس الفلسطيني اليوم، تتضمن زيارة لرئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي في
السرايا، ثم يزور نصب الشهداء ويضع اكليلاً من الورد، ويلتقي بعد ذلك رئيس مجلس النواب
نبيه بري في عين التينة، ثم الرئيس المكلف تمام سلام في فندق "فينيسيا”، ومساء يلتقي
السفراء العرب المعتمدين في لبنان.
أما يوم غد الجمعة، فيزور
عباس في الحادية عشرة والنصف صباحا مقبرة الشهداء في شاتيلا، وفي الثانية عشرة ظهراً
يعقد لقاء خاصاً في سفارة فلسطين. ويختتم زيارته للبنان بلقاء عدد من الفاعليات اللبنانية
ومسؤولي الاحزاب.
خلوة ومأدبة عشاء
ومساء، أقام الرئيس سليمان
مأدبة عشاء على شرف الرئيس الفلسطيني سبقتها خلوة قصيرة بينهما، انضم اليها لاحقاً
رئيسا مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
وبعد انتهاء اللقاء، استقبل
الرئيسان سليمان وعباس المدعوين الى حفل العشاء وهم: الرئيس بري، الرئيس ميقاتي، رئيس
الحكومة المكلف تمام سلام، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء
سمير مقبل، الرؤساء امين الجميل، حسين الحسيني، ميشال عون وفؤاد السنيورة، وزراء ونواب
حاليون وسابقون، قادة اجهزة عسكرية وامنية، رؤساء واعضاء السلطة القضائية، وشخصيات
رسمية وسياسية وفعاليات.
وقال الرئيس سليمان في
كلمته: "اذ يقلقنا ويؤلمنا ما يجري في سوريا من أحداث في وقت ندعم عمليّة البحث عن
حلّ سياسي متوافق عليه للنزاع، فلا يلومنّنا أحد، إذا ما سعينا لحماية استقرارنا الداخلي
وتحصينه، وخصوصاً من طريق الاعتراض على أيّ خرق لسيادة لبنان وحرمة أراضيه من أيّ جهة
أتى، أو على أيّ تورّط في الأعمال العسكريّة على طرفيّ الحدود، لأنّ في تحييد لبنان
مصلحة عليا لجميع أبنائه”.
واوضح أن "من المتطلّبات
الإضافيّة الأساسيّة للاستقرار في لبنان، حسن صوغ العلاقات اللبنانيّة الفلسطينيّة
وتنظيمها، تغليب روح التوافق بين مختلف الفصائل الفلسطينيّة، واحترام القوانين اللبنانيّة
وقرارات الشرعيّة الدوليّة الخاصة بلبنان، والتنسيق مع الوزارات والإدارات اللبنانيّة
المعنيّة لتسجيل عمليّة نزوح اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان وتنظيمها وضبطها،
والتنسيق مع القوى الأمنيّة والشرعيّة اللبنانيّة لمواجهة مخاطر التطرّف والإرهاب والأعمال
المخلّة بالأمن، والالتزام بتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني لعام 2006 والتي أكدتها
قرارات هيئة الحوار الوطني منذ العام 2008”.
واعرب عن "الاهتمام بالمبادرات
الدولية الحثيثة لاعادة المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية”، مشدداً على ان "لا حاجة
الى تعديل المبادرة العربية للسلام التاريخيّة بأيّ شكلٍ من الأشكال، علماً بأنّ أيّ
تعديل مفترض لمضمونها يتطلّب في مطلق الأحوال قراراً جديداً يتوجّب اعتماده بالإجماع
من قبل القادة العرب، على مستوى القمة”.
من جهته، شدد الرئيس عباس
على ان "الفلسطينيين هم ضيوف في لبنان وهم تحت القانون”. وجدد "رفض التوطين، فوطننا
هو فلسطين، ولن نرضى عنها بديلاً، والوجود الفلسطيني في لبنان، هو وجود موقت، وسيأتي
قريباً ان شاء الله، اليوم الذي يعود فيه كل فلسطيني في الشتات لوطنه فلسطين”. وأكد
"وحدة الاراضي اللبنانية وسيادتها لانها مسألة مقدسة في نظرنا، ونعول على حماية الحكومة
اللبنانية لامن اللاجئين الفلسطينيين ورعايتهم في لبنان، ونتطلع دائماً الى رؤية لبنان
واحة من الامن والاستقرار والرخاء”.
ولفت الى انه "على الرغم
من الممارسات التعسفية الاسرائيلية، فإن الفلسطينيين لا زالوا يتمسكون بخيار السلام
العادل والشامل، المفضي لحل الدولتين على اساس حدود العام 1967 والقدس عاصمة لدولة
فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت العام
2002”.
المصدر: باسمة عطوي –
المستقبل