تركيز اميركي على عين الحلوة بوصفه
التحدي الجديد

الخميس، 26 نيسان، 2018
لعل من ابرز محطات زيارة قائد القيادة
الوسطى الاميركية الجنرال جوزيف فوتيل،المثيرة للجدل والتساؤلات وفقا لبعض
المصطادين في الماء العكر،تلك التي قام بها الى الجنوب والاجتماعات التي عقدها،
ومحاولة ربطها ببعض الاحداث غير المرتبطة بجولته اللبنانية الروتينية، رغم ان
الفترة الماضية شهدت زيارة تفقدية لاحد كبار ضباط قيادته الى ثكنة محمد زغيب
للاطلاع على الواقع الميداني لمخيم عين الحلوة.
صحيح ان وفودا اميركية عسكرية
ودبلوماسية جالت مرارا عند الخط الازرق، الذي لم يبلغه الجنرال فوتيل، الا لن ظروف
زياراتها واهدافها تختلف بالكامل عن تلك التي قام بها الاخير، لعدة اسباب على ما
تؤكد مراجع عسكرية مواكبة:
-فهي جاءت في ظل التشنج القائم على
الحدود بين اسرائيل ولبنان مع استمرار تل ابيب في بناء جدارها العازل والذي نجحت
الضغوط الاميركية في نزع فتيله وتبنيها لوجهة النظر اللبنانية في هذا الخصوص.
-تعزيز الجيش لانتشاره في منطقة جنوب
الليطاني وفقا لمندرجات القرار الدولي 1701، بعدما كان سحب بعض تلكم الوحدات
للحاجة اليها على الحدود الشرقية وفي الداخل خلال الحرب العسكرية ضد التنظيمات
الارهابية.
-رسائل الدعم السياسية والعسكرية
بالجملة التي يطلقها الزوار الاميركيون واقرارهم بالشراكة العسكرية مع الجيش
اللبناني كحليف اساسي في الحرب على الارهاب، بعدما نجح في معمودية الحرب على
الارهاب مثبتا جدارة وكفاءة كبيرتين.
-اكتشاف القيادة الاميركية نتيجة
المتابعة الدقيقة لتطور قدرات الجيش اللبناني، ان الاوهام والاتهامات الاسرائيلية
باطلة من اساسها، فلا سلاح الجيش والهبات الاميركية وصلت الى ايدي مقاتلي حزب
الله، كما انه ليس هناك من تنسيق عسكري بين الطرفين حيث اثبتت الوقائع ان الجيش لم
يشرك احدا في معاركه وخططته لتحرير الارض واستردادها،وانه صاحب السيادة عليها على
ما اكد ايضا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بكل وضوح لا لبس فيه.
المصادر التي استغربت الضجة المثارة
حول الموضوع واعطائه اكثر من حجمه عبر ادخاله متاهة التحليلات ومحاولات الاستغلال،
وصفت ما يحصل بانه استمرار للحملة القائمة بين الحين والآخر تارة للنيل من المؤسسة
وطورا للتشكيك بموقفها الوطني، معتبرة ان الزيارة طبيعية جدا واتت في سياقها،
مشيرة الى ان الرسالة الابلغ جاءت تجاه اسرائيل، بعد صفعتي «روما2» السياسية،
وتصريحات مساعد وزير الخارجية الاميركية السفيلر دايفيد ساترفيلد من تل ابيب عن ان
الجيش اللبناني خط احمر.
واشارت المصادر الى ان الزيارة جاءت
مراعية تماما لقواعد السيادة اللبنانية وبالتنسيق الكامل مع القيادة العسكرية
اللبنانية التي وضعت برنامجها،طوال فترة الزيارة بما فيها الشق الجنوبي الذي اقتصر
على زيارة مركز التدريب الاميركي في الزهراني وقيادة اللواء الاول في ثكنة محمد
زغيب - صيدا للاطلاع على الاجراءات المتخذة حول مخيم عين الحلوة،الذي يشكل اليوم
التحدي الاكبر امام الجيش اللبناني وللوقوف على حاجات القطع العسكرية في تلك
المنطقة،كاشفة ان الصديق الاميركي لم ينقل اي رسائل تهديد،وهو لم يتطرق الى مسالة
السلاح الروسي او غيره،اذ بقي كلامه محصورا في اطار دعم الجيش ودوره في الحفاظ على
الامن،واستمرار هذا الدعم بكافة الوسائل، كاشفة ان المسؤولين الذين التقاهم
استشفوا من كلامه رغبة في لعب دور اضافي لجهة تبريد التوتر على الحدود الجنوبية مع
اسرائيل بما يخدم ويتفق مع المصالح اللبنانية، خصوصا ان تل ابيب تدرك جيدا العلاقة
القائمة بين الجيشين اللبناني والاميركي والمستوى الذي بلغته في ظل قيادة العماد
جوزاف عون.
اوساط مقربة من الثامن من آذار ربطت
بين زيارة فوتيل وانفاعته اللبنانية وبين زيارات قادة الميليشيات العراقية الى
الحدود،لطمانت اسرائيل بان الاميركيون حاضرون عبر ملائكتهم،مبدية خشيتها من ارتباط
الجولة بما يجري اعداده ضد حزب الله في الكونغرس من قوانين لنزع سلاحه،خصوصا ان
المطروح هذه المرة يحمل في طياته امورا عسكرية وامنية، معتبرة ان الزيارة لا يمكن
ان تكون بريئة وانها تحمل في طياتها طابعا استطلاعيا استخباراتيا، داعية الحكومة اللبنانية الى عدم
التساهل ازاء المطالب الاميركية.
اذا كان قطاع جنوب الليطاني قد احتل
الحيز الاكبر من الاسئلة والاستفهامات، فان لمخيم عين الحلوة الحصة الاسد من
الاهتمام الاميركي في المرحلة المقبلة، نظرا لما تشكله تلك البؤرة من خطر على
الامن القومي اللبناني في ظل الموقع الذي تحتله القوى المتطرفة داخله.
فايا تكن الآراء والاجتهادات،انتهت
الجولة الاميركية الى نتائج ممتازة، بحسب المتابعين لها والمطلعين على دقائقها،
معتبرين ان التقرير الذي سيرفع الى قيادة البنتاغون يراعي كل المصالح والمطالب
اللبنانية، وسيكون له الوقع الايجابي المطلوب لتامين الدعم والمساعدات الاضافية
للجيش اللبناني خصوصا على صعيد حماية الحدود.
وعليه تؤكد المراجع ان القيادة
العسكرية الاميركية تتعامل مع نظيرتها من الند للند في ظل الثقة المتبادلة
والاحترام القائم بين الطرفين وهو ما اثبتته التجربة خلال الاشهر الماضية، مضيفة
ان الجانب الاميركي لم ينقل مرة كلاما تحذيريا او تهديديا لا بالمباشر ولا
بالمبطن، بل كان دائما يشيد بالتعاون القائم والاستعداد لتقديم كل الدعم غير
المشروط لا سياسيا ولا عسكريا، وفقا للمصالح العليا للبلدين، مع ادراك وتقدير
القيادة الاميركية للظروف الداخلية اللبنانية ومعرفتها الدقيقة بامكانات الدولة
اللبنانية وحدودها على صعيد بعض الملفات،من هنا كان تحييد ها للجيش اللبناني عن
تلك الحسابات بعدما اثبت انه الاستثمار العسكري الافضل في المنطقة مع نجاحه في
تحقيق الانتصار الساحق ضد المجموعات الارهابية.
المصدر: موقع جريدة الديار