القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تعاون لبناني - فلسطيني لإطلاق منتدى «إلغاء التمييز المزدوج»

تعاون لبناني - فلسطيني لإطلاق منتدى «إلغاء التمييز المزدوج»
 

الثلاثاء، 20 كانونالأول، 2011

نويل تيان، هي فتاة مكفوفة تملؤها الحيوية. كانت أولى الواصلات إلى «المؤتمر الوطني للنساء ذوات الإعاقة»، الذي عقد في بيروت أمس. حرصت، مع رفيقة لها في «رابطة الجامعيين اللبنانيين للمكفوفين»، ألا يغيب شيء عنهما من المؤتمر، الذي تشارك نويل فيه كرئيسة لرابطتها، لتمثل عبر كلمتها، النساء المعوقات في لبنان. تجلس بهدوء إلى طاولة الحضور، بعدما وعدها منظمو النشاط بأن يصطحبها أحدهم إلى منصة المشاركين حين تبدأ جلسة الافتتاح.

تتلمس تيان ورقتين بيضاوين «نقشت» عليهما مداخلتها بطريقة «برايل»، تتحدث عن واقع المرأة المعوقة في لبنان، وعن تهميشها المزدوج، مرة لكونها امرأة، ومرة أخرى لكونها ذات إعاقة. تخرّجت نويل من «الجامعة اللبنانية»، في العام 1996، حاملة لإجازة في اللغة الإنكليزية وآدابها، لكن الطريق نحو العمل لم يكن سهلاً.. فبعد تطوعها في التعليم لمدة سنة في «مدرسة بعبدا للضرير والأصم»، كان عليها أن تقبل بوظيفة سكرتيرة في إحدى دوائر وزارة المالية، حيث يعمل والدها. وهكذا، تتحول شهادة الإجازة إلى ورقة تعلق على حائط، لتأخذ الوظيفة الرسمية نويل نحو تنسيق المواعيد، والمراسلات المكتبية، والإجابة على الهاتف. تقول: «لا يوجد تطور يذكر في الوظيفة، آمل أن أتقدم إلى وظيفة رئيسة دائرة، لكني أنتظر الفرصة المناسبة».

إلى مكان عملها اليومي، تصطحب نويل جهاز كومبيوتر محمولاً، مزوداً ببرامج ناطقة، باللغتين العربية والإنكليزية، تتواصل من خلاله مع مهامها الوظيفية. بطبيعة الحال، لم تؤمن لها الدائرة الرسمية غير المكيفة للأشخاص المعوقين تلك البرامج، أو الكومبيوتر المجهز... ولم تساعدها في وصولها اليومي المنتظم إلى عملها. كان على نويل أن تتخطى كل تلك العوائق المجتمعية والمادية بنفسها، وأن تكسر الصورة النمطية نحو المرأة المعوقة.. تلك النظرة المتوارثة التي لا تزال تعتبر أن المشكلة تكمن في الشخص المعوق لا في المجتمع الذي يحول دون اندماج ذلك الشخص فيه.

نويل استطاعت ذلك بجهد يومي كبير، لكن آلاف النساء المعوقات في لبنان من لبنانيات وفلسطينيات لم يستطعن، وما زلن يعانين من عوائق موروثة وأخرى مصطنعة. عوائق تحول حياتهن إلى معاناة مستمرة. ولتغيير ذلك الواقع، وفق المنظمين، أتى المؤتمر أمس، بجهود «المنتدى الأوروبي للإعاقة»، و«مشروع مساواة»، و«المنظمة العربية للمعوقين»، تحت عنوان «نحو غد جديد في ظل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، ليفتح ثغرة في جدار العزل لتأسيس «المنتدى اللبناني للنساء ذوات الإعاقة».

تناول المؤتمر عبر أوراق عمل ومداخلات «التحديات أمام النساء المعوقات»، وموقعهن «في خطاب الحركات النسائية»، وإمكانيات التوجه نحو «المنتدى» المنشود. وحضر جلسته الافتتاحية وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، والوزير السابق سليم الصايغ، وعقيلة رئيس مجلس النواب رندة عاصي بري، إلى جانب قياديين في الأجهزة الأمنية، وممثلي جمعيات ومؤسسات الإعاقة اللبنانية والفلسطينية. وقد تميز المؤتمر بدعوة مشتركة من «الجمعية الوطنية لحقوق المعاق في لبنان»، و«لجنة المرأة المعوقة في مؤسسة الشهيد أبو جهاد الوزير لتأهيل المعوقين»، بالشراكة مع «الشؤون». ويأتي ضمن «مشروع مساواة لدعم مبادرات المناصرة الذاتية وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة».

ي المؤتمر، لفت رئيس «الجمعية الوطنية لحقوق المعاق» نواف كبارة إلى «تحول أساسي لمقاربة قضايا الإعاقة من المفهوم الطبي والرعائي نحو الحقوقي بعد نحو خمس سنوات على صدور الاتفاقية الدولية حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، مؤكداً على أهمية مصادقة المجلس النيابي اللبناني على الاتفاقية الدولية، التي تضمنت في مادتها السادسة حقوق المرأة المعوقية، وبعدما صادقت 109 دول عليها. وتحدث رئيس «مؤسسة أبو جهاد الوزير» عبد أسعد، حول المؤسسة التابعة لـ«منظمة التحرير الفلسطينية»، وبرامجها في التوظيف والتأهيل والتوظيف. وتناولت المديرة العامة لـ «المنظمة العربية للمعوقين» جهدة أبو خليل واقع النساء المعوقات، منطلقة من دراسة لها، استهدفت عدداً منهن، مشيرة إلى «بعد ثالث، يتلخص في حرمانهن من الحقوق داخل المنزل، والعزل داخل الأسرة». وتوقفت عند تركيز «مشروع ساواة» على أهمية بناء قدرات النساء المعوقات في مختلف أنشطته من تدريب وتأهيل ومنح مقدمة.

من جهته، قدّر أبو فاعور العمل اللبناني الفلسطيني المشترك، آملاً أن يتم التوقيع مع «الأونروا»، خلال أسبوعين، «على مذكرة تفاهم مشتركة مع الشؤون». وأكد أبو فاعور على أهمية البحث في حقوق النساء المعوقات، لافتاً إلى أنهن «يمثلن نسبة 38 بالمئة من حاملي بطاقة الإعاقة في لبنان، وأن نسبة 42 بالمئة منهن يستفدن من الخدمات الرعائية المتخصصة، ونسبة 44 بالمئة من الخدمات المتاخمة». ولفت أبو فاعور إلى أن «الاتفاقية الدولية ليست عالقة في أدراج المجلس النيابي، بل هي من ضمن 69 مشروع قانون مختلف عليها سياسياً. وأن الابداع اللبناني الذي تفتق عن معجزة في تمويل المحكمة الدولية لن يعدم وسيلة لحصول معجزة أخرى توصل الاتفاقية إلى المصادقة عليها في البرلمان». ولفت أبو فاعور إلى إنجاز مرسوم البناء فـ «لن يكون هناك بناء في أي منطقة غير مستوف للشروط»، وذلك إلى خطة النقل، التي تتضمّن حقوق الأشخاص المعوقين.

واعتبرت بري في كلمتها أن أبرز الإشكاليات في قضايا المرأة المعوقة تكمن في العادات والموروثات الاجتماعية تجاهها، والعنف ضدها، حيث تتعرض المرأة المعوقة للعنف ما بين 4 و10 أضعاف، أكثر من المرأة غير المعوقة، في وقت يساوي حجم العنف الموجه للأشخاص المعوقين ككل أربعة أضعاف العنف تجاه غيرهم، لافتة إلى «وجود علاقة تبادلية بين العنف والإعاقة». وطالبت بري بالتصديق على الاتفاقية الدولية، مشيرة إلى أهمية «تثقيف المرأة المعوقة على حقوقها، وحفظ حقها في حرية إنشاء وإدارة الجمعيات، وتوعيتها حول كيفية استخدام الآليات القانونية لنيل حقوقها، وإشراكها في اتخاذ القرارات».

المصدر: جريدة السفير