تفاصيل المخطط الصهيوني لإنهاء "الأونروا"
وطمس حق العودة

الأربعاء، 13 أيلول، 2017
يحاول العدو الصهيوني استغلال الظروف الدولية
والإقليمية لإنهاء عمل "الأونروا" بشكل نهائي، وهذه المحاولات قديمة جديدة
من كون أن هذه الوكالة تمثل رمزاً وشاهداً حياً على قضية اللاجئين ونكبتهم، وعقبة أمام
أي مشاريع سياسية مستقبلية قادمة، فالتراجع المستمر من "الأونروا" في تقديم
خدماتها للاجئين في مناطقها الخمس، هو خير دليل على وجود تلك المساعي، وهو نتيجة واضحة
لجهود العدو دولياً في منع التمويل لها؛ فالعدو لن يستطيع إنهاء عمل الوكالة دفعة واحدة،
بقدر ما أنه يستطيع ذلك تدريجياً، عبر تخفيض متواصل لخدماتها المقدمة للاجئين.
يؤكد العديد من المعطيات المتوافرة إلى
أن مصيراً جديداً تُحاول الولايات المتحدة والعدو الصهيوني رسمه لإنهاء عمل "الأونروا"
وإحالتها إلى التقاعد، حيث فتحت دعوة رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، لتفكيك
"الأونروا"، ومطالبته المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي،
بتبني أجندة صهيونية واضحة في هذا المجال، فصلاً جديداً من سعي الكيان إلى التخلص من
أحد أهم الملفات في إطار ما يعرف بـ"الحل النهائي"، أي حق العودة، ومصير
اللاجئين الفلسطينيين.
وسعى نتنياهو، من خلال تحريضه ضد
"الأونروا"، لدى المسؤولة الأميركية المعروفة بمواقفها المؤيدة لأجندة الكيان،
إلى استحضار خطابه المعروف ضد الوكالة، بزعم أنها تشكّل تكريساً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين،
وأنه "يتم في مؤسساتها تحريض واسع النطاق ضد "إسرائيل"، لذلك حان الوقت
لتفكيك "الأونروا" ودمج أجزائها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة
للأمم المتحدة"، بحسب ما قال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته، في موقف
أبلغه لهيلي خلال زيارتها الأراضي المحتلة الأسبوع الماضي.
ولم يخف نتنياهو الهدف الرئيسي من وراء
هذا المطلب والدوافع الحقيقية له، التي تتلخّص برفض فكرة وجود وكالة خاصة للاجئين الفلسطينيين،
مدعياً أنه لا سبب لوجود وكالة خاصة بهم، لا سيما أنه تم توطين غالبية اللاجئين الفلسطينيين. وتحاول حكومة العدو من وراء طرح هذه الفكرة في المرحلة
الحالية بالذات، استثمار الأجواء العامة التي تبثها السفيرة الأميركية هيلي داخل الأمم
المتحدة، وربط الفكرة بـ"صفقة القرن" التي يصف بها الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، مشروعه غير الواضح لتسوية دائمة، في إطار مبادرة لتسوية شاملة مع الدول العربية.
ويسعى نتنياهو من وراء إطلاق التداول بهذه
الفكرة إلى خلق ديناميكية هدفها الأساس، ليس التقليل من "حجم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين"
فحسب، بخاصة في ظل موجات اللجوء السوريين، وإنما أيضاً موجات اللاجئين المتدفقين إلى
أوروبا، وطي ملف حق العودة كلياً.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية
كشفت مؤخراً عن أن الكيان بدأ بحملة سياسية بالشراكة مع الإدارة الأمريكية لتغير التفويض
الممنوح لـ"الأونروا" التابعة للأمم المتحدة.
ووفقاً للصحيفة، فإن مسؤولاً من وزارة خارجية
العدو قام قبل أسابيع بزيارة الولايات المتحدة وعرض حلولًاً طرحها الكيان في هذا الإطار،
فيما لفتت إلى أن وفدًا آخر سيتوجه قريباً لواشنطن للمهمة ذاتها.
وفي السياق ذاته، يسعى الكيان، على الدوام،
إلى تقليص عدد اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء الوكالة. ففي إطار المفاوضات الفلسطينية مع العدو، دعا وزير
الخارجية الصهيوني الأسبق، سيلفان شالوم، في 7/11/2005، إلى نقل صلاحيات "الأونروا"
إلى السلطة الفلسطينية. واعتبر الزعيم السابق لجزب ميرتس، يوسي بيلين، في
23/6/2008، في مداخلة له في معهد كارنيجي الأميركي، أن حل "الأونروا" واستبدالها
بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين هو الطريق الصحيح لمعالجة موضوع اللاجئين. كما أطلق العدو، في أيلول / سبتمبر 2012، حملة ديبلوماسية
ودعائية بغرض إغلاق الوكالة بزعم أنها عقبة أمام أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين". وكذلك، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية
في شباط / فبراير 2012 عن مساع لإلغاء صفة لاجئ، بشكل قانوني، عن أبناء اللاجئين الفلسطينيين
الذين طردوا من وطنهم إبان نكبة عام 1948.
وبحسب "القناة العبرية السابعة"،
فإن نائب وزير الخارجية "الإسرائيلي"، تسيبي حوتوبيلي، التي تزور الولايات
المتحدة منذ السبت الماضي، تعقد لقاءات مع مسؤولين أميركيين مختلفين من أجل تحقيق أهداف
الكيان في تغيير مهام الأونروا، وإعادة تعريف مهمة المنظمة الدولية من جديد.
ووفقاً للقناة، فإن حوتوبيلي اجتمعت مع
نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان، وبحثت معه قضية "الأونروا" وضرورة
تغيير تعريفها وعملها بشأن قضية اللاجئين وإنهاء دورها تجاههم أو تعديله.
وأشارت إلى أن حوتوبيلي اجتمعت بمسؤولين
من الكونغرس وجهات سياسية أميركية أخرى، طالبةً منهم التدخل بشأن الأموال التي يتم
التبرع فيها للأونروا وطرق صرفها، وكذلك المناهج الدراسية التي تشرف عليها وإلغاء نفي
وجود "إسرائيل" في تلك المنهاج.
الجهود التي يبذلها العدو لإنهاء
"الأونروا"، تدل على أنه يدرك جيداً أن وجود هذه الوكالة الدولية أمر من
شأنه أن يحافظ على قضية اللاجئين، وأن الطريق الوحيد لإنهاء حق العودة يبدأ من إنهاء
عمل وكالة "الأونروا"؛ لذا هناك أهمية لوعي خطورة مساعي حكومة نتنياهو، التي
تسعى لاستغلال الظروف السياسية الدولية والإقليمية لتمرير هذا القرار. والإدارة الأمريكية، إذا ما وجدت فرصة ترى فيها
عدم إمكانية نشوء أي تحرك للفلسطينيين في سياق إنهاء عمل "الأونروا"، فإنها
ستعطي الضوء الأخضر لإنهاء عملها، والتساوق مع ما يريده الكيان، الذي يرى في استمرار
الوكالة خطرًا محققًا على مشاريعه لاسيما السياسية منها، ولاعتقاده أن وجود الوكالة
الأممية يُثبت بصورة مباشرة حق اللاجئين، ويشير إلى حقهم في العودة.
المصدر: وكالة القدس للأنباء