جدار مخيم عين
الحلوة عقاب لبناني جديد للاجئين

الثلاثاء، 22 تشرين الثاني، 2016
شرعت السلطات اللبنانية،
منذ أيام، ببناء جدار إسمنتي عازل حول مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة
صيدا جنوب لبنان، لأسباب قالت القوى الأمنية اللبنانية إنها "أمنية بحتة".
وأشارت مصادر إعلامية
وسياسية لبنانية، إلى أن بناء الجدار يتم تحت إشراف ضباط من الجيش اللبناني، وسوف يستغرق
إنجازه 15 شهرًا، وسيعزل تشييده نحو 80 ألف فلسطيني داخل المخيم عن المناطق اللبنانية
المجاورة.
وذكرت المصادر
ذاتها، أن مخطط تشييد الجدار أعد قبل سنوات قليلة، ويقضي بتطويق كامل تراب المخيم،
مع إقامة عددٍ من أبراج المراقبة لجنود الجيش اللبناني في نقاط موزعة، وملاصقة للأحياء
السكنية التابعة للاجئين.
ولاقت عملية تشييد
الجدار اعتراضًا شعبيًا داخل المخيم، وبدأ ينتشر تعبير "جدار العار"، حيث
سيلتف حول كامل مساحة المخيم البالغة نحو كيلو متر مربع.
وقال رئيس لجنة
اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني بلبنان، صلاح صلاح: إن تشييد الجيش اللبناني للجدار
حول مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين ألقى بظلال "مأساوية على اللاجئين داخل
المخيم وخارجه".
وأكد صلاح لـ"فلسطين"،
أن خطوة تشييد الجدار تأتي في إطار السياسة التي تتبعها السلطات اللبنانية تجاه المخيمات
في الجنوب اللبناني منذ عام 1991، من سياسة حصار وتضييق شامل، وذلك تحت ذرائع وحجج
أمنية.
وشدد على أن هذا
الإجراء اللبناني الجديد لا يُعد إلا خطوة تعسفية جديدة تجاه الفلسطينيين، ويذكّر بنهج
وعنصرية إقامة الجدران العازلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في الضفة
الغربية ومدينة القدس المحتلتين.
وذكر أن الذريعة
سابقة الذكر للسلطات اللبنانية "كلام فارغ، ولا يقبله العقل، ويُرد عليه بنموذج
فلسطينيي سوريا، والذين كانوا يعيشون في ظلال أوضاع مريحة للغاية لكنهم لم يقبلوا بسوريا
كوطن لهم من دون فلسطين".
وقال صلاح:
"الفلسطينيون أنفسهم هم من قاوموا فكرة التوطين والوطن البديل وأفشلوا هذا المشروع،
رغم موافقة السلطات اللبنانية عليه وقبوله في منتصف الخمسينيات"، مشددًا على أن
من لا يقبل بالتوطين لا يجدر مقابلته بالحصار والتضييق.
ولفت إلى أن الجدار
أيضًا يأتي كحلقة من حلقات وسياسات لبنانية منفذة فعليًا على أرض الواقع نحو اللاجئين،
تجرعوا عبرها "المُر" طيلة سنوات اللجوء، والتي تتمثل في المنع من العمل
إلا في نطاقات ضيقة، والحرمان من التملك، والمنع من التحرك والسفر وغيرها.
وأشار صلاح إلى
أن السلطات اللبنانية تنفذ سياسة حصار الفلسطينيين والتضييق عليهم من بوابة "ألا
يستريح الفلسطينيون مطلقًا في مكانهم"، مبينًا أن السلطات اللبنانية "مصرة
على وضع المخيمات تحت نظام الضغط الدائم، والتحكم فيها"، مشيرًا إلى أن
"جدار عين الحلوة"، سيؤثر بصورة مؤكدة على العلاقات المترابطة بين الشعبين
الفلسطيني واللبناني.
وأضاف صلاح: إن
"استمرار التضييق على اللاجئين ومخيماتهم، من شأنه أن يدفع بمزيد من موجات الهجرة
سيما من قطاع الشباب والأسر الجديدة الصغيرة، وإن حصول المزيد من الهجرة فعليًا يعني
بصورة أو أخرى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي باتت تعيش في أجواء مريحة ومستقبل معروف
خالٍ من تصورات ومطالب حق العودة".
سجن صغير
من جهته، شدد مدير
مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان في لبنان، محمود الحنفي، على أن "جدار عين الحلوة"،
لا يمثل حلًا أو طريقة ناجعة لأي مبرر شُيد من أجله.
وقال الحنفي لـ"فلسطين":
إن مخيم عين الحلوة سيكون بعد الانتهاء من تشييد الجدار حوله، تمامًا مثل السجن الصغير،
الذي له مداخل كنقاط عسكرية، لا يسمح عبرها بالدخول أو الخروج إلا بعد الحصول على إذن
مسبق.
وأضاف: "لا
يليق بلبنان ونحن في القرن الحادي والعشرين أن تبني هذه الجدر تحت أي مبرر من المبررات،
وليأخذ الجيش اللبناني دوره في حفظ الأمن والاستقرار وهو مقدر عندنا ولكن من دون أن
تمس حقوق اللاجئين وحريتهم وألا تضاف أعباء على ما يعانون".
هذا ولاقى بناء
الجدار حول مخيم عين الحلوة من قبل السلطات اللبنانية ردود فعل رافضة من قبل عدد من
الشخصيات والرموز اللبنانية، حيث كتب البروفيسور في العلوم السياسية والناشط أسعد أبو
خليل على صفحته في فيسبوك أنه "المشروع الصهيوني في داخل مسخ الوطن، لبنان".
وأضاف أن
"كل طرف أو حزب لبناني يسكت عن هذا المشروع الحقير ولا يدينه بأشد العبارات ويطالب
بوقفه فورًا، إنما هو مشارك حكمًا في نشر الفكر والممارسة الصهيونيّة في لبنان"،
مؤكدًا أن "هذه مناسبة لرفع الصوت ضد السجن الذي يضع اللبنانيّون فيه الشعب الفلسطيني".