
الخميس، 19 حزيران، 2025
رغم استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، يشهد
مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان تراجعاً في وتيرة الحراك
التضامني الجماهيري الذي كان يميز بدايات العدوان. هذا التغير، الذي أثار تساؤلات
بين أهالي المخيم، يعود لعوامل معقدة فرضت أشكالاً جديدة من التضامن، يرى فيها
الناشطون فاعلية أكبر في المرحلة الراهنة.
من المسيرات الحاشدة إلى مبادرات متفرقة:
كان مخيم عين الحلوة، بصفته الأكبر بين المخيمات
الفلسطينية في لبنان، ساحة رئيسية للتعبير عن التضامن مع غزة. إلا أن عدة تطورات
محلية وإقليمية أدت إلى تراجع المشاركة في المسيرات والوقفات. هذه العوامل تشمل:
امتداد الحرب إلى الأراضي اللبنانية، إعادة طرح ملف "تسليم سلاح
المخيمات" بعد زيارة رئيس السلطة، تدهور الوضع الأمني الداخلي للمخيم، وتدهور
خدمات وكالة "الأ,نروا" الذي زاد من القلق المعيشي.
يوضح أبو حسام زعيتر، أمين سر اللجان الشعبية لتحالف
القوى في صيدا، أن الظروف الأمنية وانشغال السكان بملف السلاح قد قلّص من الحشود،
دافعاً بالتضامن نحو مبادرات بديلة كحملات التبرعات، مثل حملة "سهم
صمود" التي جمعت حتى الآن حوالي 20 ألف دولار. كما أشار إلى أن الانقسام
الفصائلي أدى إلى تشتت الجهود، حيث ينظم كل فصيل نشاطاته بشكل منفصل، مما قلل من
الزخم الجماعي.
الانقسام السياسي وضعف التعبئة يحدّان من
المشاركة:
من جانبها، ترى الناشطة "رشا" من مخيم عين
الحلوة أن التحركات الحالية تعكس الانقسام السياسي، حيث يحد الانتماء التنظيمي من
الوحدة في العمل التضامني. وقد تراجع عدد المشاركين في الوقفات بشكل كبير، من أكثر
من 300 شخص إلى أقل من 20 في بعض الأحيان، معظمهم من الشباب. وانتقدت رشا اقتصار
الهتافات على شعارات عامة دون توعية سياسية حقيقية، مشيرة إلى أن "كل فصيل
يتحرك في نطاق حيه فقط، ما أدى إلى شبه إلغاء للحركة التضامنية".
تحديات لوجستية ومخاوف مجتمعية:
يشير ناشط شبابي مستقل إلى أن الأزمات المادية تؤثر على
تمويل الفعاليات، مما دفع الناشطين لتمويلها فردياً. لذا، تحولت أساليب الدعم إلى
حملات ميدانية لجمع التبرعات وشراء المساعدات وإرسالها إلى غزة، باعتبارها أكثر
فعالية.
بدوره، لفت فادي البرناوي من لجان الأحياء إلى أن
المشاكل الداخلية بين العائلات، والتوترات الإقليمية، وتدهور خدمات "الأ,نروا"
فاقمت حالة الخوف وأضعفت الحراك. وأوضح أن حادثة مقتل شاب خلال مسيرة في بدايات
العدوان أثرت على عزوف الناس عن المشاركة، مما دفع لجان الأحياء للعمل على
التهدئة. كما لوحظ غياب ملحوظ للمستفيدين من "الأ,نروا" عن الوقفات،
خاصة بعد قرارات فصل المعلمين، مما عزز شعور "الخذلان".
رغم كل هذه التحديات والانقسامات، يبقى التضامن مع غزة
حاضراً في مخيم عين الحلوة، وإن اتخذ أشكالاً مختلفة. السؤال المطروح هو: هل يمكن
للحراك الشعبي أن يستعيد زخمه السابق، أم أن هذه العوامل ستستمر في تقويض العمل
الجماعي وشعور الانتماء؟