القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

راشيا: عائلات فلسطينية وسورية نازحة ترفض ظروف الإقامة

ثماني ساعات في حافلة «مفوضية اللاجئين»
راشيا: عائلات نازحة ترفض ظروف الإقامة
 

الإثنين، 17 أيلول، 2012

انفجرت أم محمد بالبكاء، وهي تحتضن طفلها الصغير بين ذراعيها، أمام إصرار موظفي «المفوضية العليا للاجئين» التابعة للأمم المتحدة، على إجبار عدد من العائلات السورية والفلسطينية على الإقامة في مبنى مدرسة عين عطا الرسمية المهجورة، مصرّة على عدم النزول من الحافلة إلا بعد إعادة تلك العائلات ورميها عند نقطة المصنع الحدودية، لأنها ستعود إلى سوريا، معتبرة الموت على أرض وطنها، أفضل من العيش بمذلة، وبظروف غير لائقة بكرامة الإنسان وعزة نفسه. ودعت جميع من حولها إلى معاينة المكان الذي اختير لإقامتهم، متسائلة ما إذا كان المكان قابلاً للسكن بحيث تجتاحه المقاعد الدراسية ولا ندري نوعية الحشرات المعشعشة داخلها، خصوصاً أن المبنى مهجور منذ أواخر الثمانينيات، ولا يدخل إليه النور. ويفتقد كل الشروط الموضوعية لصحة الإنسان وسلامته العامة، فالمراحيض معطلة والنوافذ والأبواب محطمة، حتى أن جدرانه متشققة وقابلة لتسرب المياه. لذا، كما قالت «لن نقبل باحتقارنا وإذلالنا».

وكانت عائلات سورية وفلسطينية عدة نازحة، تراجعت عن موافقتها على الإقامة والسكن في مباني «مدرسة عين عطا الرسمية» المهجورة، إثر معاينة الغرف التي فتحت لاستقبالها في الطابق الأرضي من المبنى، واطلاعها على حالتها ومدى ملاءمتها لشروط الإقامة. وأصرّ فريق موظفي «المفوضية العليا للاجئين»، الذي رافق حافلة النقل التي أقلت النازحين من «مدرسة المناهل»، التي أقاموا فيها منذ شهور عدة، في مجدل عنجر في البقاع الأوسط، على ضرورة الإقامة في المدرسة لفترة معينة، ريثما تجد «المفوضية» البدائل السكنية الملائمة. إلا أن العائلات أصرت على العودة من حيث أتت، وعدم النزول من الحافلة، ما أدى إلى حصول نقاش لم يخلُ من الحدة بين الطرفين، لا سيما أن أعضاء الفريق غير مخوّلين الحسم بالأمر، إلا بعد موافقة «المفوضية» المعنية بذلك.

وبعد اتصالات حثيثة تولاها أعضاء الفريق مع الإدارة، امتدت لساعات عدة، تم إبلاغ العائلات أن إدارة المفوضية هي في حلّ من الاتفاق الذي جرى معها. وهي غير مسؤولة عنها في حال لم تلتزم شرط الموافقة على الإقامة في المدرسة المعنية، إن لجهة توفير السكن البديل أو لجهة تأمين المساعدات المالية أو العينية. كما أصرت الإدارة على تحميل تلك العائلات مبلغ مئة ألف ليرة لبنانية، في حال أصرّت على العودة على متن الحافلة التي أقلتهم إلى عين عطا، ما جعل العائلات توافق على تلك الشروط تحت ضغط الانتظار لمدة ثماني ساعات على مقاعد الحافلة.

وكان أعضاء الفريق وبلدية عين عطا قد تكفلوا للنازحين بإزالة المقاعد الدراسية من الممر المؤدي إلى الغرف التي خصصت لإقامة العائلات، وتحسين وضعية الغرف، واستبدال بعض النوافذ والأبواب وإجراء بعض الإصلاحات اللازمة في المراحيض، وتمديد خطوط مياه الشفة، وتوصيل التيار الكهربائي من الشبكة الداخلية ومن شبكة المولدات الخاصة التي تديرها البلدية، وتأمين بعض المستلزمات الضرورية في غضون ساعات قليلة، إلا أن العائلات أصرّت على موقفها الرافض، والعودة من حيث أتت على متن الحافلة التي أقلتهم إلى عين عطا، محملة إدارة «المفوضية» المسؤولية الكاملة عما يصيب العائلات من أذى نفسي وإنساني ومن التشرد مجدداً.

أما النازحة أم بديع التي أخذت تفتش عن أرقام هاتفية للتواصل مع بعثات دولية إنسانية، لوضعها في حيثية ما يجري من ضغوط على العائلات النازحة، اندفعت نحو القسم السفلي من مبنى المدرسة المخصص لإقامتهم. وقامت بالتقاط الصور له، بغية توزيعها على البعثات الدولية الإنسانية، باعتبارها لا تتمتع بالشروط المفروضة للسكن اللائق. وعبرت عن امتعاضها واستيائها من ذلك التعاطي بحق النازحين، مطالبة بتأمين بدل مادي شهري للعائلة تستطيع من خلاله استئجار سكن عادي ومتواضع كي تتمكّن من العيش بكرامة. وأوضحت أنها استطاعت تأمين غرفة ومنتفعاتها في إحدى القرى للسكن فيها.

ولكن يتطلب الأمر موافقة إدارة «المفوضية» لتأمين بدل الإيجار الشهري وهو لا يتعدى مئة دولار أميركي. أم بديع وصفت حالتهم بالمزرية، وقالت: «نأمل من البعثات الإنسانية الرأفة بأوضاعنا، والتعامل معنا كبشر، لأننا هربنا من الموت المحتم، فهل يريدوننا أن نتشرد في الشوارع في لبنان، ونتسكع على الأبواب». وتمنت «أن تستعيد سوريا وضعها الأمني المستقر، كي لا نكون عالة على أحد».

المصدر: شوقي الحاج - السفير