زعيتر يوقع كتابه الأوائل على درب فلسطين في مخيم عين الحلوة
الجمعة، 13 تموز، 2012
تحوّل حفل تكريم سكرتير عام التحرير في جريدة "اللـواء" الإعلامي هيثم زعيتر، الذي أقامه رئيس "رابطة آل رباح" المهندس جمال رباح في مقر الرابطة في مخيم عين الحلوة الى مناسبة أجمعت فيها القيادات الفلسطينية بمختلف انتماءاتها الوطنية والإسلامية والفاعليات على رفض الدخول إلى التجاذبات الداخلية اللبنانية. تقدّم المشاركين: مسؤول "الحركة الإسلامية المجاهدة" وإمام "مسجد النور" الشيخ جمال خطّاب، قيادة "عصبة الأنصار الإسلامية" الشيخ أبو عبيدة، الشيخ أبو طارق السّعدي والشيخ أبو شريف عقل، ممثل "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" الشيخ شوكت شبايطة، رئيس "جمعية السبيل الخيرية" الشيخ يوسف طحيبش، أمين سر فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في منطقة صيدا محمود العجوري، أمين سر لجنة المتابعة في مخيم عين الحلوة عبد مقدح، وممثلون عن فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" و"تحالف القوى الفلسطينية" و"القوى الإسلامية" و"اللجان الشعبية" ولجان الأحياء وفاعليات.
بعد ترحيب من وئام رباح، وكلمة المهندس جمال رباح، تحدث الشيخ جمال خطاب فقال: لقد تسنى لي أن أقرأ جزءاً هاماً من كتاب الأستاذ هيثم زعيتر "لحظات من عمري في فلسطين"، حيث دهشت بأسلوب الكتابة، فبالإضافة إلى نعمة الحنين للوطن والصورة الإنسانية لأي إنسان عندما تطأ قدمه وطنه، الذي لم يولد به، والذي حرم من زيارته فأتيحت له هذه الزيارة، ذكرني بالأدباء، ولو كان صحافياً، فإنه يكتب بلغة الكتابة والأدب، قد تكون مهنة الصحافة كتابة تنشر العامية، فقدت الكثير من روعتها والكثير من نماذج الأرقام وخصوصيتها ومعانيها اللائقة، ولذلك عندما تقرأ في كتابه الأول "لحظات من عمري في فلسطين"، تجد أن أسلوب الأدب في الصحافة قد عاد ليظهر من جديد، وهذا ما يُفسّر ما كان يُسمّى هدف الصّحافة، لأن الصحافة هي أيضاً هدف، لذلك تجد في هذا الكتاب بالإضافة إلى مسألة مهمة أنك تقرأ فيه تفاصيل فلسطين - أي عندما تمر بمعلومة تجد فيها شيئاً وافياً من المعاني والمعلومات والمواهب التي تكتسبها وبعض التفاصيل، وحتى بعض المعلومات الجغرافية عن فلسطين، بإمكانك أن تجد كل ذلك في هذا الكتاب.
أما الكتاب الثاني، وهو كتاب "الأوائل على درب فلسطين"، فمن المعلوم أن الصورة عن الفلسطيني هي بشعة، ينظر الكثيرون إليه على أنه إنسان مجرم، إنسان قاتل، إنسان جاهل، إنسان لا يقرأ، إلى غير ذلك من الصّفات. لكن إذا نظرنا إلى الكثير من الشخصيات التي بنت في لبنان وأسست فيه، نجد أن لهذا الفلسطيني شهاداته، لقد كانت نكبة فلسطين نعمة على لبنان، لأن أبناء فلسطين هم من ساهموا بإعمار لبنان، سواء في الزراعة أو الصناعة أو التجارة، بالإضافة إلى التدريس في الجامعات التي تخرّج منها مبدعون، فالكثير الذي يوصف بأنه الرجل المميز هو فلسطيني، كما ذكر الأستاذ هيثم زعيتر عن سعيد خوري، مؤسس شركةCCC ، فالفلسطيني بحاجة لأصول التعامل، وأولادنا ليسوا بحاجة إلى الإساءة والظلم والقهر.
لذلك، فإن كتاب "الأوائل" يُسلّط الضوء على نُخب كثيرة وأوائل كُثر، وهذا الشّعب معطاء قدّم للأمة العربية كلها، والشعب الفلسطيني كان يفي كلّ ما بإمكانه، فلذلك علينا أن نعرف قدر الشعب الفلسطيني، وأن لنا حقوقاً، وإذا كان هناك بعض الأخطاء علينا أن نُعالجها.
* ثم تحدث الإعلامي هيثم زعيتر، فقال: نحن هنا في مخيم عين الحلوة، مخيم الصمود والبطولة، المخيم الذي كان في مثل هذه الأيام من العام 1982 يتصدّى للاحتلال الإسرائيلي، عندما كان الاحتلال على مشارف العاصمة بيروت، المخيم الذي لن يكون نهر بارد ثانٍ ولا ثالث ولا رابع، هو مخيم عين الحلوة، عين حلوة لمن يُحب الشعب الفلسطيني، وعلقم لمن يُحاول الاعتداء عليه.
إن "الأوائل على درب فلسطين" فكرة لإلقاء الضوء على إبداعات الشعب الفلسطيني، التي تنوّعت بشتى المجالات: الفدائية والعسكرية والسياسية والعلمية والثقافية والاقتصادية والإعلامية والمدنية، والأسرى والشهداء والجرحى والمعتقلين، بتناغم بين المقيمين في أرض الوطن واللاجئين داخله، والمشتّتين في أصقاع المعمورة، لأن النضال الفلسطيني حلقات متّصلة، من أجل أن نستحق وطناً اسمه فلسطين، فهل النضال الذي قدمناه من أجل فلسطين كافٍ؟
هو كافٍ، ولكن حتى نستحق وطناً أقسم به المولى عزّ وجل، يجب أن نُحافظ على هذا النضال، والحفاظ عليه يكون بوحدتنا الداخلية، لأن شر البليّة هو نخر السّوسة من داخلنا، ووحدتنا الداخلية تكون بتحصين مجتمعاتنا وصفوفنا، لا أن نترك المجال لضربها من قبل العملاء والإرهابيين واللقطاء والمستغلّين والمصطادين في الماء العكرة، وحتى المخبرين، عندما يكتبون عليهم أن يكتبوا الحقيقة ولا يشوّهوا المعلومة، حتى لا نقع أسرى معلومات وبلاغات يدفع الكثير منا ثمنها حتى الآن.
في هذا المخيم ما نتوق إليه هو الحفاظ على كرامتنا إلى يوم عودتنا، ومهما انتشرنا في أصقاع المعمورة، نقول إننا أبناء بلداتٍ نقيم في عين الحلوة، على أمل العودة إلى فلسطين، ولكن هذا الواقع يحتاج إلى تحصين داخلي، لو نظرنا بين الفصائل الفلسطينية لوجدنا أن الخلافات داخل كل فصيل - وللأسف أكثر منها بين فصيل وآخر، ولو بدأنا بنقاط الالتقاء لوجدنا الكثير منها، علينا تقوية موقفنا بتكامل فيما بيننا، وليس بتناقض، بل بتنافس شريف على حب فلسطين، وليس استغلالاً لفلسطين، لأنه بوحدتنا الداخلية يُمكن أن نتحاور مع الجميع، وأن يبدأ الحوار من نقاط تكون قابلة للتنفيذ وليس أن يتم الاستغلال فقط بضمان أن الفلسطيني هو مساير لهذا الواقع، لأنه ليس باستطاعة إنسان أن يُطيل بعمر إنسان أو أن يُقصّر من عمره، المولى عزّ وجل هو من يكتب البداية والنّهاية. ولو كان غالبية المسؤولين والقيادات اللبنانية يلتزمون بتنفيذ ما يقولونه في الجلسات الخاصة، وليس كما يعلنون من مواقف لكسب الصوت الناخب فقط، لكانت أقرت الكثير من الحقوق للفلسطينيين.
إننا ندعو جميع الفصائل وبمشاركة فلسطينية موحدة إلى حوار مشترك مع الدولة اللبنانية، وأن تكون هناك قرارات للتنفيذ وليس كما تم في العام 1991، حيث لم تنفذ الوعود، بينما هناك قوانين تصدر مرة للعملاء وأخرى للقتلة والمجرمين، الذين يتسابق مسؤولون في الدولة اللبنانية وبمواكب وحراسات رسمية على اخراجهم ومواكبتهم ودفع الكفالات عنهم، لماذا؟ لأن لهم "عزوة"، وهم بحاجة إلى أصواتهم الانتخابية.
كلما توحّدنا كلما قويت شوكتنا، وكلما تكاتفنا وتجانسنا معاً، يُمكن أن نحقق هدفنا بالعودة وأن نستحق وطناً اسمه فلسطين، وبانتظار ذلك على الدولة اللبنانية أن تباشر إلى اصدار قانون عفو عن المطلوبين الفلسطينيين بتهم تمت فبركتها وفق "تقارير" وأحكام غيابية، وإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية، لأن الفلسطيني هو في طليعة من رفض التوطين، حين كانت بعض الدول العربية لا تُعارض بل وافقت على صهرهم في بوتقة الاقتصاد والحياة الداخلية لبلدانها.
ونحن نتعرض بين الحين والآخر للكثير من المشاكل، مرة من العدو الإسرائيلي وجواسيسه المنتشرة التي تعبث فيما بيننا، ومرة من الآفات الاجتماعية المتغلغلة داخل مجتمعاتنا، وآخرى من بعض المجموعات التي تُوصف بالإرهاب، إن الفلسطيني في لبنان منحاز إلى الشعب اللبناني الأبيّ، والدولة اللبنانية والجيش اللبناني الوطني، والقوى الأمنية، وسيدافع عن لبنان في موجه أي عدوان أو مؤامرة، لأن أي ضرر في لبنان هو ضررٌ للقضية الفلسطينية، وملهاة عن القضية الأساس، قضية فلسطين.
وما يتضرّر منه أي فلسطيني يتضرّر منه الآخر، لأنه عندما تقع جريمة وعندما يقع أمر يُشار إلينا بالبنان أن هذا فلسطيني، لا يقولون طلال أبو غزاله فلسطيني ولا سعيد خوري فلسطيني، بل يقولون هذا الشخص المتّهم بالإجرام هو فلسطيني، هذا ما يريده منا المجتمع الدولي، وضعنا في دائرة الإرهاب، نحن لسنا إرهابيين، نحن أصحاب حق، نحن أم الثورات، وأبو الثورات، فمن رحم الثورة الفلسطينية انطلقت جميع الثورات، بل من صلب الثورة الفلسطينية انطلقت جميع الثورات: إسلاميةً، وطنيةً، قوميةً، أمميةً، ومن لا يكون له غطاء أو موطئ قدم على الساحة الفلسطينية لا وجود له، أي شعار حمل، هم بحاجة إلى الخيمة الفلسطينية التي تظللهم.
في هذه المناسبة أشعر بفخرٍ كبير لأنني بين أهلي، هنا في المكان الذي ولدت فيه من أبوين فلسطينيين أرضعاني حليب حب فلسطين، وعشت وأنا أشاهد والدي يُعتقل لأنه كان يناضل بالكلمة والعلم والكشاف، لأن حب فلسطين كان مغروساً فينا جميعاً، وكثر من الموجودين لهم تاريخ ناصع في هذا المجال.
المصدر: القضية