التقى الرئيس البيروفي
وألقى كلمة خلال "المنتدى الثالث لرجال الأعمال"
سليمان يشدد على سلام عادل
وشامل يعيد الفلسطينيين الى أرضهم

الأربعاء، 03 تشرين
الأول، 2012
اكد رئيس الجمهورية ميشال
سليمان "ان الليبرالية المتزنة وسياسة الانفتاح والديموقراطية الحقة وسلوك احترام
حقوق الآخر والاستقرار والسلام هي المسيرة الانجع لايجاد الحلول اللازمة للمصاعب"،
وشدد على اهمية "تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط يعيد للفلسطينيين حقوقهم
الشرعية ويسمح لهم بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم الأصلية، ولاسيما منهم من احتضنهم لبنان
كلاجئين منذ أكثر من ستة عقود".
مواقف الرئيس سليمان اتت
خلال كلمة القاها في المنتدى الثالث لرجال الاعمال في اميركا الجنوبية والدول العربية
في البيرو قال فيها: "يعقد اجتماعكم بالتزامن مع قمة بلاد أميركا الجنوبية والبلاد
العربية بهدف تفعيل التجارة والتبادل والتعاون وتنشيطها في شتى المجالات بين المنطقتين.
ومن ينظر في منطق هذا التبادل يرى أنه حامل، بطبيعة الحال، لنتائج واعدة، نظرا للتكامل
بين العالمين من نواحٍ عديدة، ربما أهمها الموارد الغذائية والنفط. وهنالك تشابه في
المصاعب التي نواجهها على جانبي المحيط، وهو النمو الديموغرافي السريع، وتاليا ازدياد
الشطور التي هي دون الـ 25 عاما، والتي تتدفق على أسواق العمل بزخم يفوق إمكاناتنا
لخلق فرص التوظيف، ما يضخم نسب البطالة ومستويات الفقر مع كل ما يستتبع ذلك من عواقب
سلبية على المجتمع.
من ناحية أخرى، إن معظم
بلاد المجموعتين تمتعت اخيرا بنمو مقبول إذا قيس بميزان الأزمة العالمية. لكنه غير
كاف للمضي في توجه يهدف إلى إنماء مستدام يطمح إلى رفاهية الشعوب وتحسين مستويات معيشتها.
نرى أن مجرد إطلاق آليات
التبادل بيننا يكشف مكامن النقص في هياكل الاقتصاد إذا وجدت. ويدفع حكما الى استعمال
رؤوس الأموال على النحو الأمثل وتاليا تحقيق مردود أفضل يغذي هذه الدورة بشكل تلقائي".
اضاف: "إن القطاعات
التي تحتاج إلى تعزيز أو تطوير أو تحسين هي عديدة، تتوازى بالأهمية والأولوية، ومنها
كل ما يتعلق بإنتاج الطاقة وتأمينها، وخصوصا الطاقة المتجددة غير الملوِثة، ومنها ما
يتعلق بالنقل، وهو شريان تبادل السلع والخدمات واليد العاملة. وهناك ضرورة لتعزيز القطاع
السياحي بكل مكوناته وتطوير المنشآت السياحية. أما الصناعة والزراعة فكلتاهما تحتاج
إلى جهود ماسة لنقل التكنولوجيا الحديثة التي تضمن تحسين الإنتاجية والتركيز على منتجات
ذات قيمة مضافة عالية. وذلك كله يتطلب بدوره تصويب الاستثمارات الهادفة إلى تطوير الجهاز
الإنتاجي بدقة وفاعلية. أما التجارة البينية فتبقى العمود الفقري وباب التبادل إلى
أسواق المنطقتين.
إن بلاد المجموعتين تستفيد
من مضمون اتفاقات تجارية مناطقية خصت الإعفاءات الجمركية وأمورا أخرى لتسهيل التجارة.
يجب الآن ربط هذه الاتفاقات الشاملة بعضها ببعض لتخطي حدود المنطقة عبر المحيطات لإدخال
تسهيلات قد تصل مستقبلا إلى تلاحم يفوق متطلبات منظمة التجارة العالمية، بصورة تدريجية،
وتحافظ في الوقت نفسه على خصوصيات اقتصاداتنا".
وتابع: "تحقيق هذه
الطموحات يتطلب تطوير الإطار القانوني محليا وداخل كل مجموعة كما يتطلب البدء السريع
بالمفاوضات لوضع الاتفاقات اللازمة. وهنا أناشدكم الاشتراك مع السياسيين في هذه المبادرة،
لتوضيح احتياجاتكم بالتفصيل، وحضهم على تلبيتها بعزم أقوى وأفعل مما عودتنا عليه البيروقراطيات
والإدارات. لا شك في أن هذه المسيرة تتطلب جهدا متناغما من جميع أفرقاء المعادلة الإنتاجية،
أي القطاعين العام والخاص، كما والنقابات والجمعيات والمجتمع المدني".
وأوضح: "أما الآليات
المطلوبة فتمر حكما من خلال وسائل التمويل. فلا بد مثلا من إنشاء مصرف استثمار كبير
يرسمل باشتراك الصناديق السيادية في المنطقتين والمصارف الكبرى والمؤسسات المالية.
إن دور هذه الآليات أساسي في توجيه رؤوس الأموال، ويجب إقرارها بسرعة نظرا إلى أنه
علينا أن نتوقع تدفقات مالية على البلاد النامية في الأمد القصير، مصدرها بلاد الغرب،
وسببها التساهل النقدي وضخ السيولة القائم هناك.
ومن الضروري كذلك النظر
في تقارب الأسواق المالية في المنطقتين، وربما ربطها بعضها ببعض، لإفساح المجال للشركات،
ولا سيما الصغيرة والمتوسطة منها، باللجوء إلى المستثمرين بشكلٍ مباشر لتلبية احتياجاتهم
التطويرية لرؤوس الاموال وللقروض. ولا مانع حينئذٍ حتى للدول، من طرح إصداراتها السيادية
على هذه الأسواق للاستفادة من رقعة سيولة أوسع وأعمق".
واشار الى "إن الاقتصاد
هو مجموع النساء والرجال الذين يشكلون مركبات المعادلة الإنتاجية. ولكنهم أيضا الهدف
الذي تتوق إليه السياسات التنموية. هم الفاعلون وهم المستفيدون، لأن التوصل إلى العيش
الكريم والرفاهية هو، في نهاية المطاف، المطلب الأول والأخير. هو يؤمن الحريات والديموقراطية
والأمن والاستقرار والمسيرة الحضارية. لذلك، من الأساسي والإلزامي أن لا تغيب عن عملية
إنتاج الثروة، الضروريات المجتمعية من تربية وتدريب ملائمين، من خدمات صحية شاملة،
ومن خدمات اجتماعية متكاملة تضم صناديق التقاعد وضمان الشيخوخة".
وقال: "نظريا، تحتل
الدول مركزا مميزا لمعالجة كل هذه المواضيع وعرض هذه الخدمات، ولكن لا مانع من أجل
تحقيق تقديمات فاعلة وأفضل، من إشراك القطاع الخاص، إذا ما كانت هذه المشاركة منتجة
لقيمة مضافة ملموسة تسمح بالحفاظ على أدائهم بمستويات رفيعة وبشكلٍ دائم. هذا المجهود
ضروري إذا ما رغبنا في تفادي ازدياد الفجوة الاجتماعية والحؤول دون تهديد مرتكزات السلام
في مجتمعاتنا. لهذا الغرض، علينا اعتماد سياسات ضريبية حكيمة تؤمن إعادة توزيع الثروة
الوطنية بصورة عادلة، من دون معاقبة الأرباح والعمل، وتتناغم بمرونة مع الدورة الاقتصادية،
فتثقل وطأتها في الظروف الاقتصادية المزدهرة وتخففها في فترات الانكماش. وإذا ما أغفلنا
القيام بهذا الجهد، فإننا نكون قد جعلنا بعض القطاعات المحورية في الاقتصاد عرضة للاعاقة.
ويجب أن يرافق هذه التدابير
ايضا، سياسة نقدية لا تقتصر على ضبط التضخم في الأسعار والمحافظة على استقرار أسعار
الصرف وقيمة العملة الوطنية الشرائية فحسب، بل تتعدى ذلك الى المشاركة في مكافحة البطالة
ودعم الإنماء وسائر المكونات الماكرو اقتصادية".
اضاف: "إن العديد
من دولنا غالبا ما عانت من تقلبات أسعار الصرف ونتائجها السلبية الأليمة أحيانا على
حياتنا اليومية، جراء القيود أو سمها المعاقبة التي فرضتها علينا الأسواق المالية الدولية
من دون أي اكتراث لمشقات المواطن. ولكنه غالبا ما حدث ذلك لافتقادنا سياسات اقتصادية
ذكية وملائمة، وسياسة سيادية حكيمة لإدارة الواردات والنفقات وضبط العجز في موازناتنا.
قوة العملات أو ضعفها مرآة لقوة الاقتصاد أو ضعفه. كما هي مرآة للثقة في سياسات الحكومات
والتوقعات المستقبلية لها".
وراى ان "لا شك برأينا
في أن سيدة هذه المسيرة بمجملها هي الليبرالية المتزنة وسياسة الانفتاح والديموقراطية
الحقة وسلوك احترام حقوق الآخر والاستقرار والسلام. الحفاظ على هذه العناصر كلها وتفعيلها
يتطلب أولا، احترام القانون محليا ودوليا، والامتثال لقرارات الأمم المتحدة، كما واحترام
مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وإلا
تبخرت الحضارة وعدنا الى شريعة الغاب. وهذا الخلل هو الذي نعاني منه في المنطقة العربية،
إذ تنتهك إسرائيل بشكل متواصل كل هذه القرارات والضوابط، كما تضرب عرض الحائط يوميا
في الأراضي المحتلة بالمبادئ والقيم المنصوص عنها في شرعة الأمم المتحدة والإعلان العالمي
لحقوق الإنسان".
ولفت الى "إنه لواقع
مرير فعلا أن نكون قد عانينا، ولا نزال، في منطقتنا العربية، منذ زمن طويل، من خلافات
ونزاعات وحروب كم كنا تمكنا، لو نجحنا في تفاديها، من تكريس طاقات مالية وإنسانية لتنشيط
أوضاعنا الاقتصادية وتقدم مجتمعاتنا."
واوضح "أن الاعتقاد
بأن النزاعات في البلاد العربية ناتجة من التنوع القائم في بعض مجتمعاتنا هو اعتقاد
خاطئ، إذ إنه مصدر غنى وإبداع، وقد تطورت حضاراتنا وعرفت الازدهار عبر العصور بفعل
مساهمة جميع مكونات هذه المجتمعات، ولاسيما المكون المسيحي المشرقي المتجذر في الأرض
العربية منذ أكثر من ألفي سنة متتالية. إن تهميش هذه المجموعات، أو أي مجموعة أخرى،
وإبعادها عن الحياة السياسية ومنعها من الاشتراك في صنع القرار ولعب دور سياسي مميز
كسائر الطوائف والمجموعات، يتنافى إذا ما حصل فعلا، مع مفهوم الديموقراطية الحقة، ومن
شأنه أن يفسد المسار الصحيح للتحولات التاريخية الحاصلة في عالمنا العربي، ونحن على
ثقة بأن الشعوب العربية لن تخطئ في تلمس خياراتها."
اضاف: "لا يمكن أن
يتعزز الأمل بإمكان تحقيق كامل هذه التمنيات والأهداف التي أشرنا إليها في هذا السياق،
إذا لم ننجح في تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط يعيد للفلسطينيين حقوقهم الشرعية
ويسمح لهم بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم الأصلية، ولاسيما منهم من احتضنهم لبنان كلاجئين
منذ أكثر من ستة عقود. أما رفض توطين هؤلاء اللاجئين في لبنان فلا ينطلق فقط من تعارض
هذا الأمر مع أحكام الدستور اللبناني ومقتضيات الوفاق الوطني بل من حقهم الطبيعي والإنساني
في العودة. فمنطق القوة لا مستقبل له. والعنف يولد العنف إذ سرعان ما يلجأ الفريق الخاسر
للانتفاضة على المنتصر كما ولو أن الانتصار بالظلم والإكراه يزرع في حد ذاته بذور نزاع
جديد، إلى ما لا نهاية، من جيل إلى جيل، كما يتبين ذلك من منطق التاريخ".
وشدد على "إن بناء
بيئة من العدالة والسلام والديموقراطية من شأنه وحده أن يسمح بتطبيق خطط نهوض تتطلب
بطبيعتها، إضافة الى تعقيدات المرحلة الراهنة سنوات من الاستقرار والعمل الهادئ والمستدام".
وختم : "فلنتعهد كل
على مستواه وفي مجال تأثيره ونفوذه، تجنيد كل الطاقات والقدرات للدفع باتجاه تحقيق
هذا الهدف النبيل خدمة لإنسانية الإنسان وخيره وهناء كل فرد من أفراد مجتمعاتنا ودولنا.
ولتبقى قنوات التواصل والتعاون قائمة بيننا إلى زمن مقبل طويل وواعد".
وبعد انتهاء الجلسة، صرح
الرئيس سليمان للصحافيين وقال: "سنقترح آليات عمل لجعل هذه القمة مفيدة، لانها
بالاضافة الى اهدافها التنموية والاقتصادية وتأمين العدالة الاجتماعية، فهي تجمع اولا
مجموعة كبيرة من الدول المسيحية واخرى من الدول الاسلامية، وهي الخطوة الاولى في العدالة
الاجتماعية في ظل ما نشهده اليوم من تعرض للديانات وردود الفعل المسيئة ايضا لهذا التعرض
ويجب وضع حد لها، ولعل هذا المنتدى يعطي صورة افضل وامل للبشرية على هذا المستوى".
وافتتح المنتدى بكلمة للرئيس
البيروفي تاسو هومالا شدد خلالها على "التكامل بين المنطقتين من الثروات الغذائية
وثروات الطاقة المتوافرة، وتفعيل القطاعات الزراعية والصناعية والتصويب على المنتجات
ذات القيمة المضافة العالية". كما لفت الى "وحدة الرؤية بين المنطقتين لجهة
النظرة الى القيم العالمية التي يجب ان تشكل منارة لمواقفنا الدولية".
تلاه الامين العام لجامعة
الدول العربية نبيل العربي الذي تحدث عن "ثلاثة تحديات تواجه العالم ولا سيما
دول العالم العربي واميركا الجنوبية، وهي: الازمة المالية الاقتصادية العالمية وازمة
الغذاء وازمة الطاقة والتغيير المناخي".
لقاء الرئيسين
وعرض سليمان مع نظيره البيروفي
في مقر اقامة الاخير، للعلاقات الثنائية ولمواضيع تتصل بأعمال القمة العربية ـ الاميركية
الجنوبية، وسبل تفعيل عملها في المجالات الحيوية المتنوعة.
وجرى التأكيد خلال الاجتماع
الذي حضره اعضاء الوفد الرسمي اللبناني، على تعزيز العلاقات بين البلدين على الصعد
كافة. كما تم الاتفاق على فتح مقرات للبعثات الدبلوماسية في كلا البلدين وتوسيع آفاق
التعاون الاقتصادي والتجاري والزراعي وقطاع البنى التحتية.
وتم التشديد على اهمية
تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين لتفعيل مختلف اوجه التعاون باعتبار البيرو بوابة
لبنان الى اميركا الجنوبية ولبنان بوابة البيرو الى بوابة العالم العربي.
وفاء سليمان
وفي اطار مرافقتها لرئيس
الجمهورية العماد ميشال سليمان، زارت السيدة الاولى وفاء سليمان كاتدرائية سان ـ جان،
حيث كان في استقبالها مديرة فرع المراسم والمشرفة المباشرة على الكاتدرائية إضافة الى
عدد من المسؤولين.
وعبرت في ختام زيارتها
عن "اعجابها بهذا الصرح العظيم الذي يعكس صورة رائعة لتاريخ المدينة البيروفية
ومكانتها الروحية والفنية خصوصا لجهة ما تحتويه من لوحات وايقونات قيمة وتماثيل ومنحوتات
للقديسين والرسل، إضافة الى ضريح فاتح مدينة ليما الاسباني فرانسيسكو بيزارو.
ثم استقبلت في مقر اقامتها
في فندق "ويستن" - ليما، عقيلة الأمين العام لجامعة الدول العربية السيدة
ناديا العربي، وتم البحث في وضع المرأة العربية بشكل عام وفي مصر بشكل خاص.
وكان رئيس الجمهورية وصل
وعقيلته والوفد المرافق الى ليما عاصمة البيرو، وكان في استقباله والسيدة وفاء وزير
الطاقة خورخي مينو ومدير المراسم في الرئاسة البيروفية، اضافة الى وزير الخارجية اللبناني
عدنان منصور الذي انضم الى الوفد الرسمي بعد وصوله من مقر الامم المتحدة في نيويورك،
وكبار الدبلوماسيين.
وبعد استراحة قصيرة في
صالون الشرف في المطار، توجه الرئيس سليمان والسيدة الاولى والوفد اللبناني الى مقر
الاقامة في فندق "وستن" حيث عقد اجتماعا لاعضاء الوفد والمستشارين لوضع اللمسات
الاخيرة على المشاركة اللبنانية في القمة الاميركية الجنوبية ـ العربية.
المصدر: المستقبل