القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

شعب واحد ومصير مشترك.. فلسطينيو لبنان يقاسمون بيروت آلامها


السبت، 08 آب، 2020

منذ اليوم الأول لكارثة مرفأ بيروت، امتزج الدم الفلسطيني بالدم اللبناني، وهبّ اللاجئون الفلسطينيون لمؤازرة أشقائهم اللبنانيين بكل الوسائل والإمكانات المتوفرة لديهم، وساهموا في مئات عمليات الإنقاذ من بين الركام.

ولا يزال الفلسطينيون بجميع قطاعاتهم، يؤازرون نظراءهم ويقفون إلى جانبهم، وسخرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إمكانياتها كافة دعماً لطواقم الصليب الأحمر اللبناني في عمليات إخلاء وإسعاف المصابين، بمشاركة فرق من جمعيتي "الشفاء والنداء" الفلسطينيتين.

كما استقبل مستشفيا حيفا والهمشري التابعان للجمعية العشرات من المصابين اللبنانيين، حيث قدّما الرعاية الطبية اللازمة لهم.

كما شارك الدفاع المدني الفلسطيني في لبنان بعمليات البحث والإخلاء في مرفأ بيروت بجانب زملائهم من الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني اللبناني.

هذه الوقفة لقيت تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانية حول جهود الدفاع المدني الفلسطيني وجمعية الهلال الأحمر وأبناء المخيمات الفلسطينية.

وشكر ناجون لبنانيون من الانفجار المأساوي في مرفأ بيروت عناصر الدفاع المدني الفلسطيني على جهودهم في إنقاذ وإسعاف المصابين.

وسجل أحد الناجين، ويدعى عصام شمص، الذي لا يزال يتلقى العلاج في أحد المستشفيات، رسالة صوتية، عبر تطبيق "واتس آب"، قال فيها: إن إنقاذ عناصر الدفاع المدني الفلسطيني له من تحت الأنقاض، ساهم في الحفاظ على حياته.

وفي تعقيبه على هبة الفلسطينيين في مساعدة أشقائهم اللبنانيين، قال ياسر علي المختص في شؤون اللاجئين في لبنان: "الفلسطينيون هم مع هذا البلد وأهله، ولا يمكنهم إلا أن يكونوا كذلك. نحن نتضامن مع كل القضايا الإنسانية في العالم، فكيف إذا كانت الكارثة في بلد شربنا من مائه وأكلنا من طعامه وتعفّرنا بترابه".

وعدّ عليّ في تصريح خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن دور الفلسطينيين في لبنان في الإنقاذ يأتي من باب الواجب الطبيعي، "ونحن إذا ساعدنا في هذه الأعمال فإننا نساعد أنفسنا، فالمصيبة واحدة، ولا يمكننا إلا أن نكون كذلك".

وأشار إلى أن ثلاث جهات فلسطينية شاركت في عمليات الإنقاذ والإسعاف؛ وهي: جمعية الشفاء التي أرسلت 13 فريقاً من مختلف المخيمات (13 سيارة و100 مسعف)، والهلال الأحمر الفلسطيني الذي أرسل فرق الإسعاف وفتح مستشفى حيفا ومستشفى الهمشري.

كذلك تحرك فوجان من الدفاع المدني الفلسطيني، وشارك في عمليات الإنقاذ المتقدمة في المرفأ وفي الأبنية المجاورة، وفق علي.

وأكد أن هذا الجهد يأتي في إطار الدور الفلسطيني المتواصل والمتفاعل في لبنان منذ العام 1948، لافتا إلى أنه ليس جديداً على شعبنا، "ويأتي في إطار الواجب لخدمة أنفسنا، وليس من باب خدمة الآخر، فنحن واحد والمصيبة تجمعنا".

وأضاف أن أكثر من سبعين سنة قضاها الفلسطينيون في لبنان بحلوها ومرّها، جعلتنا شعبنا واحداً نتألم لجراح بعضنا، فالفلسطيني هواه لبنانيّ، واللبناني هواه فلسطينيّ. وإن الشعبين ليس لهما غنى عن بعضهما، كحال كل شعوب المنطقة المتضامنة مع القضايا العادلة والإنسانية".

وأشار إلى أن القوى الفلسطينية (الفصائل، والمنظمات المجتمعية) عرضت كل إمكاناتها تحت تصرف الإخوة اللبنانيين من خلال اتصالات مباشرة مع المسؤولين لتقديم الخدمات الممكنة.

كما أطلقت الجمعيات نداءات للتبرع بالدم، حيث تدفق "الدم" الفلسطيني من خلال آلاف المتبرعين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى جانب الوقفات التضامنية على أبواب المخيمات الفلسطينية من القوى الشبابية الفلسطينية.

وأوضح أن الجمعيات الخيرية الفلسطينية أطلقت مبادرات لجمع التبرعات النقدية والعينية من المخيمات الفلسطينية، لتسليمها إلى الجهات الشعبية اللبنانية.

من جانبه، قال الناشط الشبابي في لبنان فرج أبو شقرا: إن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ينظرون إلى الحادث الأليم الذي أصاب لبنان بأنه مصابهم، وذلك نظراً للعلاقة التاريخية التي تربط الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وأشار أبو شقرا، في تصريح خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إلى أن حالة الحزن والألم التي يعيشها لبنان، هي ذاتها التي تعيشها المخيمات الفلسطينية، وبالتالي كان اللاجئون السبّاقين في التعبير عن تضامنهم مع أهالي الضحايا في بيروت.

وحسب أبو شقرا؛ فإن الدور الفلسطيني في لبنان تمثل في ظل هذا الحادث، في أكثر من جانب؛ فعلى الصعيد السياسي كانت هناك اتصالات سياسية فلسطينية مع مختلف القوى اللبنانية عبرت عن الموقف الفلسطيني المتضامن والاستعداد لتقديم الدعم وفق إمكانات اللاجئين.

أما على الصعيد الإغاثي والإنقاذي؛ فقد كان الدور الفلسطيني سباقاً في هذا المجال، إذ سرعان ما هبّ الشباب الفلسطيني والمؤسسات الطبية والإسعافية والشبابية من مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان نحو العاصمة بيروت لتضميد جراحها، والتخفيف من آلامها، عبر حملة الإنقاذ التي كان لجمعية الشفاء الطبية دور طليعي فيها إلى جانب الهلال الأحمر والدفاع المدني، حسب أبو شقرا.

وفي السياق ذاته أكد الناشط الشبابي أن المجموعات الكشفية الفلسطينية والمؤسسات الشبابية تتجهز لتنظيم بحملة ميدانية واسعة في بيروت خلال اليومين القادمين من أجل رفع الأنقاض وبلسمة جراح أهالي الضحايا.

وأشار إلى أن نشطاء فلسطينيين أطلقوا -أمس- الحملة الفلسطينية للتضامن مع بيروت تحت عنوان "جرح واحد"؛ للتعبير عن الموقف الفلسطيني المنطلق من الواجب الديني والوطني والإنساني مع أشقائهم في لبنان، وقد أقيمت عدد من الوقفات التضامنية في بعض المخيمات الفلسطينية في لبنان ويتم الترتيب لعدة فعاليات أخرى في قابل الأيا

ويأتي الدور الفلسطيني الرائد في التضامن مع أهلنا من لبنان -حسب أبو شقرا- انطلاقا من التاريخ المشترك، ومن المصير المشترك بين الشعبين، ورسالة محبة وأخوة من الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن لبيروت مكانة وقيمة مميزة في الوجدان الوطني الفلسطيني؛ فهي التي احتضنت الوجود الفلسطيني على مدار عشرات السنوات، وهي التي دافع عنها الفلسطيني بوجه الاحتلال الصهيوني إبان الاجتياح.

وأضاف "هذه العلاقة الممهورة بدماء الشهداء، هي دافع أساسي للقيام بالواجب الديني والوطني والإنساني تجاه الشعب اللبناني، بالإضافة إلى أن الدم الفلسطيني واللبناني امتزج ببعضه بعضًا في هذا الحادث؛ إذ ارتقى أحد اللاجئين الفلسطينيين شهيداً وجرح 13 آخرون، إضافة لـ 3 مفقودين من اللاجئين، وبالتالي فإن هذا الامتزاج بين الدم الفلسطيني واللبناني يعبر عن المصير المشترك بينهم".

وقال: "مرّ في تاريخ العلاقة الفلسطينية اللبنانية صفحة سوداء في ظل الحرب الأهلية، ومؤخراً كان هناك بعض الأصوات اللبنانية العنصرية تجاه الوجود الفلسطيني في لبنان، والتي رافقها بعض القرارات الرسمية كقرار وزير العمل في الحكومة السابقة".

وبيّن أن اللاجئين الفلسطينيين أرادوا من خلال موقفهم هذا توجيه رسالة واضحة أن صفحة الماضي قد طويت، وأن اللاجئين لا يحملون إلا كل الخير للبنان، وهم أوفياء لهذا البلد وشعبه الذي احتضنهم لحين تحقيق حلمهم بالعودة إلى وطنهم، وبالتالي فإنهم جزء من نسيج هذا البلد، ويتحملون آلامه وأحزانه أسوة بأشقائهم في لبنان.