صالح: "حرب الفرقان" مهدت
لانتصار المقاومة في "السجيل" وكانت درساً للأمة العربية والإسلامية

الإثنين، 30 كانون الأول، 2013
شدد رئيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في
العاصمة اللبنانية د. محسن صالح على أن "حرب الفرقان" كانت "علامة
فارقة" في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، ونقطة تحول هامة
صبت بوفرة في صالح قوى المقاومة المسلحة.
وقال صالح في حوار مع "فلسطين"،
بمناسبة الذكرى الخامسة لحرب الفرقان: "إن الحرب كانت درسا ليس للكيان
الإسرائيلي فقط، وإنما للشعب الفلسطيني بقواه المسلحة، وللأمة العربية
والإسلامية"، مشيرا إلى أنها كانت "اللبنة" التي ارتكز عليها
للتطور.
وأضاف أن الحرب حققت رؤية أن الإنسان الفلسطيني،
وابن قطاع غزة، يستطيع أن يكون عنصر بناء وفعالا بما يخدم القضية، ويعزز أواصر
الصمود، عوضا عن إفشال خطط الاحتلال الإسرائيلي وقيادة أركان جيشه.
وتابع: "كان هناك صمود أسطوري وبطولي من
مقاومتنا ومن خلفها شعبنا في قطاع غزة، و من حركة المقاومة الإسلامية حماس
والحركات التي سارت على نفس الخط، فقد قدموا نموذجاً للإنسان الفلسطيني المسلم في
قطاع غزة رغم حجم المصاب والألم الواقع".
ساحة نزهة
وأشار صالح إلى أن " العدو خاض الحرب وفي
ذهنه أنه يدخل إلى ساحة نزهة، أو ميدان هو السيد الأول فيه، وفقا لمقدراته
العسكرية، وتفوقه المدعوم من الغرب، إلا أنه تفاجأ بثبات وتضحية، ومقاومة شرسة
تفشل كل خططه وأهدافه التي خطط لها فترات طويلة".
وذكر أن الاحتلال بعد هذه الحرب بات "يفكر
ألف مرة" حينما يريد مهاجمة القطاع، وأن قناعة كبيرة باتت في مخيلته أيضا بأن
القطاع ليس ككثير من المناطق التي هي لقمة سائغة يسهل بلعها وهضمها واحتواؤها بما
يريد أعداؤها.
وأشار إلى أن حسابات الاحتلال اختلفت، وأنه لا
يواجه جيوشا وأنظمة فاسدة ديكتاتورية يسهل اختراقها وتمزيق وحدتها، بل قوى تنظيمية
فلسطينية ذات إرادة صلبة، وإمكانيات محدودة غير أنها مؤثرة ومؤلمة في جانبه.
ورأى صالح أن أبرز العوامل التي أفشلت مهام
الاحتلال وخطته، هي مفاجأته في تحضيرات المقاومة، وإرادة أفرادها العالية، ولاسيما
أن ذلك لم يحسب له حساب، وظن أن الموضوع ماديا مرتبط بالموازين العسكرية المجردة
فقط.
إرادة القتال
وأردف: "لم يحسب الاحتلال ما هو معروف في
الحسابات العسكرية معيار إرادة القتال، وقد كان لا يضع هذه الحسابات سابقا في
معياره كثيرا"، عوضا عن كون الجندي الإسرائيلي "جباناً" لا يقاتل
إلا وسط هالة من الحماية الجوية والبرية.
وقال إن الاحتلال أيضا تفاجأ بقصر المعلومات
الاستخبارية إلى حد كبير في التعامل مع النقاط والأهداف الحيوية للمقاومة، مع
الإقرار بأنه استطاع أن يصل إلى هذه النقاط وفقا لجهد سابق من عملائه ومعاونيه
المنتشرين على الأرض.
وأضاف صالح أن الاحتلال وضع ثلاثة أهداف مركزية
في هجومه وحربه التي أسماها "الرصاص المصبوب" فشل في تحقيقها جميعا،
وخاصة في تحقيق منطقة عازلة على الحدود المصرية الفلسطينية، وإسقاط حكومة
"حماس"، واستعادة الجندي "شاليط".
وشدد على أن الأمة العربية والإسلامية حينما رأت
مشهد الصمود الأسطوري للمقاومة، واستفحال العدو في المدنيين، ولد لديها حراكا
كبيرا، حيث خرجت في مظاهرات عارمة في الميادين والساحات، وأوجد مساحة للتضامن مع
الشعب الفلسطيني.
كشف إجرامه
وبين أن الحرب كشفت بعد أن وضعت أوزارها مدى قبح
آلة الحرب الإسرائيلية، وفاشيته في التعامل مع المناطق المدنية والسكان، عوضا عن
كشف إجرامه من قبل الأسرة الدولية ولاسيما الجهات الحقوقية المختصة والتي أدانته
لاحقا.
وذكر صالح أن الحرب أسقطت فورا حكومة اليميني
ايهود اولمرت التي قادت الهجوم على غزة، "بعد أن ظنت أن هجومها سيكون نزهة،
وكشف حساب يقدم للناخب الإسرائيلي حتى يعطيها ورقة اعتماد للفوز في الانتخابات
البرلمانية والرئاسية".
وأضاف: "عاقب الناخب داخل الكيان أولمرت
على فشله في صندوق الاقتراع، وأزاحه عن رئاسة الحكومة"، مشددا على أن ما جرى
داخل الاحتلال من إفرازات غاضبة على قادته نتيجة للحرب كانت ثمرة من ثمرات صمود
المقاومة وبسالتها.
ونوه صالح إلى أن الانتصار في "حرب
الفرقان"، لا يقاس بحجم الخسائر التي جرت بين الطرفين، ولكن بتحقيق الأهداف
المعلنة من أي طرف ما، لافتا إلى أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه، وقوى من شوكة
فصائل المقاومة.
بيئة جديدة
وفرض بحسب محسن صالح صمود المقاومة وانتصارها
بيئة جديدة داخل الدول العربية والإسلامية، حيث أصبح نموذج المقاوم الفلسطيني
والتمرد على الواقع الأليم، يحتذى فيه من قبل الشعوب، والتي كسرت حاجز الخوف،
وقامت بعدها بثورات ضد الأنظمة الفاسدة.
ورأى أن انتصار "حماس" وفصائل المقاومة
الآخر في حرب السجيل، يستمد من تجربتها في حرب "الفرقان"، ولاسيما أنها
أعدت للأمر من تجهيز البنى التحتية، والاستفادة من الثغرات ونقاط الضعف، ومعالجتها
ميدانيا على الأرض.
واستطرد: "الحرب الأخيرة انتهت في 6 أيام،
وكانت المفاجآت كثيرة، حيث وصلت الصواريخ إلى تل أبيت، ولم يستطع الاحتلال أن
يتغول عمليا كما كان سابقا، واعتمد على القصف بالطائرات"، مبينا أن المقاومة
تطورت إلى حد بعيد ما بين الحربين.
ودعا إلى ضرورة أن لا يتم استبعاد احتمال أي
اعتداء قادم على القطاع رغم حالة المقاومة وتطورها، إلا أن الظرف الموضوعي في
الأيام الحالية يستنتج منه انخفاض إمكانية شن اعتداءات على مستوى واسع على القطاع
وإسقاط الحكومة بغزة.
المصدر: فلسطين أون لاين