صبرا وشاتيلا: 30 عاما على مجزرة بشعة بحق 2000 فلسطيني
الأربعاء، 19 أيلول، 2012
قبل 30 عاما اكتشف العالم مذهولا صور جثث مئات من النساء والأطفال والمسنين الذي قتلوا في صبرا وشاتيلا ونكل بجثثهم في المخيمين الواقعين جنوب العاصمة بيروت.
ففي 14 أيلول (سبتمبر) 1982، اغتيل الرئيس المنتخب بشير الجميل الذي كان قائد "القوات اللبنانية" المسيحية اليمينية. وكان الجميل قد انتخب في آب (اغسطس) تحت ضغوط اسرائيل التي اجتاحت لبنان قبل شهرين، واغتيل في تفجير مقر حزب الكتائب في منطقة الأشرفية الواقعة ضمن بيروت الشرقية ذات الغالبية المسيحية.
وتبنى الحزب السوري القومي الاجتماعي القريب من سورية، عملية التفجير التي أودت بالرئيس المنتخب وعشرات آخرين.
وتذرعت القوات الاسرائيلية بعملية الاغتيال لتجتاح بيروت الغربية (ذات الغالبية الإسلامية) خلافا لبنود الاتفاق الذي بموجبه تم ترحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات عن بيروت في آخر آب (اغسطس) من العام نفسه بوساطة أميركية.
وكانت المنظمة تتمتع بحضور عسكري ونفوذ سياسي في لبنان منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، متحالفة مع منظمات يسارية لبنانية منها الحركة الوطنية وعلى رأسها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وغيرهما.
وبررت اسرائيل دخولها هذه المنطقة بأنها أرادت "منع هدر الدم وأعمال ثأرية" ومحاربة "ألفي إرهابي" ما يزالون مختبئين فيها.
لكن الميليشيات المسيحية الموالية لاسرائيل وبمساعدة الجيش الاسرائيلي الذي أضاء ليل المخيمين، دخلت مساء 16 أيلول (اغسطس) الى صبرا وشاتيلا.
واستمرت المجزرة ثلاثة أيام بلياليها بدون أن يتدخل الجيش الاسرائيلي المنتشر حول المخيم لوقفها ووسط تعتيم تام. ولم تعلم بها وسائل الإعلام الا بعد انتهائها.
وفي 19 أيلول(سبتمبر) تصدرت وسائل الإعلام صور مذهلة أثارت الرأي العام العالمي، أظهرت جثثا مقطعة وبطونا مبقورة وأطفالا تم سحقهم.
وتفيد التقديرات أن المجزرة حصدت ما بين 800 وألفي مدني فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال قتلوا بالرصاص او السلاح الأبيض وتم التمثيل بجثثهم.
كما قتل فيها نحو 100 لبناني وعدد من السوريين.
ومنذ ذلك الحين تقلص تدريجيا عدد المقيمين في مخيم شاتيلا ليقتصر حاليا على نحو 5800 لاجئ وفق منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيما تحول مخيم صبرا الى حي مكتظ بالعمال الاجانب وعائلاتهم وبلبنانيين من الطائفة الشيعية خصوصا.
ومنذ سنوات يتم إحياء ذكرى المجزرة في مخيم شاتيلا بحضور وفد من لجنة دولية يضم عشرات الناشطين من بلدان عدة.
وحملت لجنة تقصي الحقائق الاسرائيلية (لجنة كاهانا) التي حققت العام 1983 بالمذبحة ارييل شارون، وزير الدفاع حينها، مسؤولية شخصية إنما غير مباشرة لأنه لم يتوقع حدوث المجزرة ولم يقم بأي عمل للحؤول دونها ما اضطره الى الاستقالة.
وحملت اللجنة المسؤولية المباشرة الى إيلي حبيقة مسؤول الأمن السابق في القوات حينها، والذي أكد قبل اغتياله أنه يملك وثائق تبرئ هذا الطرف المسيحي من ارتكاب المجزرة.
يذكر ان ايلي حبيقة الذي أصبح لاحقا مواليا لسورية ووزيرا في الحكومة اللبنانية ونائبا، اغتيل في 24 كانون الثاني (يناير) العام 2002 بانفجار سيارة مفخخة بعيد مغاردته منزله في الحازمية (شرق بيروت).
وواجه شارون وهو يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء شكوى، لم تثمر، رفعها ضده 23 فلسطينيا من الناجين العام 2001 أمام القضاء البلجيكي.
لكن المحكمة البلجيكية أوقفت العام 2003 الملاحقات بعد إلغاء القانون الخاص الذي أقيمت بموجبه الدعوى.
وفي 4 كانون الثاني (يناير) العام 2006 دخل شارون في غيبوبة تامة لم يخرج منها حتى الآن.
وقد عادت مجددا الى الواجهة قضية حماية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الخارجة عن سلطة الدولة اللبنانية منذ عقود والتي لا يدخلها الجيش، وذلك بسبب المعارك التي استمرت اكثر من ثلاثة اشهر في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بين الجيش ومجموعة فتح الإسلام المتطرفة العام 2007.
وبعد سقوط المخيم في 2 أيلول (سبتمبر) بيد الجيش أعلن رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك فؤاد السنيورة ان المخيم الواقع في شمال لبنان سيكون بعد إعماره خاضعا لسلطة الدولة اللبنانية، مما يؤذن بإطلاق عملية استعادة الدولة أمن المخيمات.
(ا ف ب)