صداقة صارت برنامجاً لاكتشاف الآخر: طلاب أجانب يعاينون المخيمات
الثلاثاء، 19 حزيران، 2012
يبادر طفل في السابعة من عمره، في مخيم برج البراجنة، إلى إلقاء التحية باللغة الانكليزية على زائرة أجنبية. سرعان ما يعبّر عن دهشته حين تردّ له السلام بالعربية. لكن الزائرة ليست الوحيدة التي تتحدث العربية وتفهمها، هناك أكثر من خمسة عشر زائراً أجنبياً حضروا معها أمس إلى المخيم، وعلى أكتافهم وشاح فلسطيني، تعبيراً عن تضامنهم مع القضية.
كوّن أهالي المخيم فكرة سلبية عن زيارة الوفود الأجنبية، إذ يعتبرون أنها تتخذ من المخيمات معالم سياحية، لالتقاط الصور فيها، وهي صورة المأساة التي يصعب على أحد تصديقها، إلا بعد لمسها عن قرب.
إلا أن مهمة الوفد الأجنبي الذي زار المخيم أمس، ضمن برنامج "Exchange Beirut"، الذي تنظمه مجموعة "Mideastwire"، تعريف الطلاب الأجانب إلى الشرق الأوسط و"كسر الصورة النمطية المشوّهة عن الشرق". وقد ولدت فكرة البرنامج منذ أربع سنوات، من صداقة جمعت المصوّر اللبناني يامن سكرية، وهو منتج البرنامج، والصحافي الأميركي نيكولاس نوي. وبعد انطلاقه كتجربة أولى في لبنان، امتدّ البرنامج ليصل الى بلدان عربية أخرى في الشرق الاوسط.
ويشرح سكرية لـ"السفير" أنه في كل عام "يستقبل البرنامج مجموعتين في بيروت، ومجموعات أخرى تسافر إلى دول عربية مختلفة، للغاية نفسها". ويشير إلى أن "معظم المشاركين يهتمون بقضايا الشرق الاوسط التي تفيدهم في اختصاصاتهم الجامعية"، لافتاً إلى أن "البرنامج يستمرّ خمسة عشر يوماً، وتتخلله مقابلات مع مسؤولين سياسيين وصحافيين وأساتذة جامعات، إضافة إلى المشاركة في صفوف لتعلم اللغة العربية".
لا يستطيع المشاركون التفريق بين قوى "المعارضة" و "الموالاة" في لبنان، ولا يدركون لعبة التحالفات السياسية ودهاليزها. من هنا، يرى سكرية أن أهمية البرنامج "تكمن في دعوة المشاركين إلى تشكيل صورة مغايرة عن التي تظهرها حكومات بلادهم".
لا تنسى نجوى، فلسطينية تشارك في البرنامج، بالرغم من حصولها على الجنسية الاميركية، جذورها الفلسطينية التي تدفعها إلى زيارة فلسطين من فترة إلى خرى. تخصّصت في مجال "العدالة الجنائية"، التي من خلالها ستتقصى الجرائم التي تُرتكب بحق شعبها. إنها المرة الاولى التي تزور فيها لبنان، والمرة الاولى التي تستطلع فيها حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.
هنا، يكتشف أعضاء الوفد أموراً جديدة عن الفلسطينيين، وهي الأمور التي لا يتطرّق إليها الإعلام في بلادهم. وهنا، يتعرفون إلى معنى أن يعاني شخص مرضاً مستعصياً. وأن يلاقي آخر حتفه نتيجة تشابك أسلاك الكهرباء مع أحد قساطل المياه. وهنا أيضاً، يشهدون على مأساة عائلة انهار المنزل فوق رؤوس أفرادها.
تحاول فيرونيكا التقاط أكبر عدد من الصور. وفيرونيكا هي صحافية فيليبينية تعيش في بانكوك، وكانت تراسل لفترة طويلة "الجزيرة" الانكليزية. تهتم بقضايا الشرق الاوسط، لكنها لم
تنخرط يوماً في السياسة اللبنانية وهمومها. وتعتبر أن زيارتها لبنان ستساعدها في التعرّف أكثر إلى أوضاع هذا البلد.
ويؤكد تايب، أميركي تخصّص في الدراسات الدولية وتعلّم العربية في "جامعة أوكلاهوما"، أنه لا يجد في إعلام بلاده ما يجعله يطلع على أوضاع الشرق الاوسط.
يطرح هؤلاء العديد من الأسئلة. عن عدد الوفيات والولادات في المخيم، عن العلاقة السياسية بين الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، وعن البنى التحتية وبيئة المخيم.
تولّى أمين سر قيادة إقليم "حركة فتح" رفعت شناعة الإجابة عنها، وتناول أمين سر اللجان الشعبية في بيروت أحمد مصطفى الوضع الصحي في المخيمات، متوقفاً عند مسألة "الأمراض المستعصية"، وعدم توفير كلفة علاج هذه الحالات.
المصدر: زينة برجاوي - السفير