أصدرت مجلة العودة عددها الواحد والستون وهي مجلة فلسطينية شهرية تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، حيث جاء بافتتاحية العدد والذي حمل عنوان: « يقرعن جدران الخزّان!!»..

لم يعد هناك من إحصائيات دقيقة لما يجري للفلسطينيين في سورية نتيجة الأزمة الدائرة هناك منذ آذار / مارس 2011!!

الشهر الماضي الذي شهد إعدامات ميدانية طالت عدداً من الفلسطينيين، واعتقال العشرات منهم، وهجرة المئات إلى لبنان، وهجرات أخرى داخلية متنقلة من مخيم إلى مخيم، ومن منطقة إلى أخرى!! في مشهد مؤلم رأينا فيه منازل هُدّمت، ومحلات دمّرت!!

الأزمة التي يدخل الفلسطينيون بين مطرقتها والسندان رغماً عنهم، تطحن بعضهم، وتلقي بالآخرين مهشمين، فيما يحاول آخرون الابتعاد أو محاولة تأخير "الدور" الذين يرونه قادماً لا محالة عليهم!!

تستيقظ في أذهانهم ذكريات قريبة من الشتات الفلسطيني في العراق الذي غطى القارات الخمس، ويتحدثون عن أحمد وعامر وبلال وأسامة الذين قرروا الهجرة، وعن عائلة " أبو معروف " التي ركبت أهوال البحر مقابل الخروج من هذه الأزمة / الحرب إلى حيث المجهول الآمن حسب أمنياتهم!

تعود صبرا وشاتيلا لتطرق أبواب الهواجس في الذاكرة، والألسنة تلهج بالدعاء: اللهم سلِّم سلِّم، فلا الزمان ولا المكان ولا الظرف ولا حتى الرصاص يتشابه، لكنك لا تستطيع وأنت تستمع إلى مخاوفهم واضطرابات أفئدتهم أن تحجر على هذه الأفكار الآتية من كل حدب وصوب.

تعود قصص الهجرة لتكون حديث الشباب للخروج من هول الواقع المحاط بصدمات الصمت وكهرباء الفزع التي تلامس الحلم الفلسطيني...

تعود مفاتيح العودة لتطرق " الأواني " التي تحملها الفلسطينية حين تخرج من منزلها، تحتفظ بمفتاح العودة، وحصيرة أو بعض الصحون لأولادها الذين يلهثون من أجل ملاذ آمن.

في فضاء الشتات الجديد، أسمع صوت مفاتيح العودة، تطرقها النساء على جدران الخزان المثقوب من الرصاص المصبوب " بقصد وبدون قصد " كما يسمعن ونسمع!!

فمن يستمع إلى جدران الخزان وينتشلهن من بئر الأزمة التي تنهش الحلم وتلتهم الأخضر وتدوس على اليابس؟

المصدر: مجلة العودة، العدد الـ61