صيدا تؤكد اعتدالها الديني..
والمخيمات بوصلتنا السياسية فلسطين

الثلاثاء، 26 تشرين الثاني، 2013
خيمت اجواء الصدمة والذهول على
مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة بعد تبين ان اللبناني الصيداوي الشاب معين عدنان ابو
ظهر والفلسطيني عدنان موسى محمد من سكان البيسارية هما الانتحاريان في الهجوم
المزدوج على السفارة الايرانية في بيروت وفق ما اثتبت نتائج الحمض النووي.. والخبر
الذي نزل كالصاعقة طرح تساؤلات كثيرة ابرزها هل بدأ الاعتدال الديني يتراجع في
المدينة ام ان ما جرى يدق ناقوس الخطر لتفادي الشرب المر من كأس الفتنة المذهبية.
اكد التحرك السياسي الصيداوي بعد
مواقف الادانة ان ما جرى، غريب عن اعراف المدينة السنية المنفتحة على شرقها
المسيحي وعمقها الجنوبي الشيعي، وهو حالة "استثنائية" وليس
"قاعدة"، اذ رجحت مصادر ان يكون ابو ظهر قد تأثر بالقتال الدائر بين
القوى الاسلامية المتشددة والنظام في سورية، وبعد معركة عبرا بين الجيش اللبناني
والشيخ احمد الاسير"، مستدلة على ذلك بـ "ان صفحته على الفايسبوك مليئة
بشعارات عن الجهاد والقتال، وبلقبه "مهاجر لله"، ناهيك عن العبارات التي
تشير بوضح تأييده الشيخ الاسير حيث وضع قبل ثلاثة ايام من عملية التفجير شريطا
مسجلا للشيخ الأسير وكتب "خذلوك يا شيخ ولكن ابشر والذي وضع الروح في جسدي
لننتقم لكم".
وفيما حرصت كل القوى الصيداوية
على تأكيد التزامها بتوابث المدينة السياسية في الانفتاح والتلاقي والعيش المشترك
والوحدة الوطنية وان اختلفت الاراء والمواقف، رصدت "صدى البلد" حصيلة
الحراك السياسي بالادانة واضحة، التمسك بخيار الدولة ومؤسساتها، والحفاظ علىالامن والاستقرار
ورفض العودة الى زمن الفوضى والحرب البغيضة، الدعوة الى مراجعة الحسابات والتلاقي
على كيفية حماية المدينة ولبنان من البراكين الملتهبة حوله.
التشاوري وسعد
وادان "اللقاء التشاوري
الصيداوي" جريمة التفجير الارهابية التي استهدفت السفارة الايرانية، متوجها
بالتعازي الى السفارة الايرانية والشعب اللبناني بشهداء تفجيري الجناح.
وراى اللقاء الصيداوي الذي انعقد
في مجدليون بدعوة من النائب بهية الحريري ومشاركة الرئيس فؤاد السنيورة ان
لتفجيرات المتنقلة من الضاحية الى طرابلس الى الجناح تستهدف سيادة لبنان وامن
واستقرار الناس وسلامتهم"، معتبرا ان هذه الظواهر هي محاولة لزرع بيئة غريبة
عن عاداتنا وتقاليدنا"، معلنا رفضه الكلي لها ومؤكدا التمسك بالدولة ووجودها
وبإمساكها بالأمن على كل الأراضي اللبنانية دون استثناء.
واعتبرت النائب الحريري، ان
الأمور بالنسبة للوضع الحكومي لا تزال غير واضحة والمناخ حتى هذه اللحظة غير مسهل
لذلك وان هناك عجزا كاملا على صعيد مرافق الدولة، قائلة ان امن واستقرار وحياة
الناس هو العنوان الأساسي بالنسبة لنا.. آملة ان تكون المرحلة القادمة اكثر
اطمئنانا.
ودعا الامين العام للتنظيم
الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد إلى وقفة وطنية جامعة تتصدى لكل أشكال التعصب
الطائفي والمذهبي والمناطقي"، قائلا "لا أرى كصيداوي أنني مضطر للدفاع
عن مدينة صيدا إذا كان أحد أبنائها قد شارك بهذا العمل، لست مضطرا لذلك، كما أن
صيدا غير مضطرة لذلك، صيدا فيها من الأصالة والتاريخ والمخزون الثوري العربي
القومي ما يكفيها لكي تثبت أنها مدينة وطنية متمسكة بالمقاومة والوحدة الوطنية،
وأنها جزء أساسي من هذا الوطن، وانها مدينة عربية منفتحة ونحن ندعو الى نبذ
العصبيات والى ممارسة هذه الوطنية ونرفض كل أشكال الاصطفافات الطائفية والمذهبية.
المستقبل والجماعة
وعقدت قيادتا الجماعة الاسلامية
ومنسقية تيار المستقبل في الجنوب اجتماعا مشتركا في مقر الجماعة في صيدا، اكد في
ختامه منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود ان ما فعله معين ابو
ضهر لا يمثل الا شخصه وأنه حالة لا تعبر عن مزاج عائلته ولا عن مزاج صيدا المعتدلة
والمحافظة، آملا "ان لا تنتقل تفاعلات هذه الحادثة الى صيدا"، بينما
اعتبر المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود "ان
لبنان دخل مرحلة شديدة الخطورة تتطلب من الجميع مراجعات دقيقة لكل الحسابات وتغليب
المصلحة العامة والبحث في كيفية تأمين الاستقرار والامن داخل لبنان وسريعا".
وبينهما شجب رئيس بلدية صيدا
المهندس محمد السعودي، العمل الارهابي، قائلا "ان صيدا وكل من يسكن فيها
يشجبون هذا العمل وبلدية صيدا شجبت هذا العمل الارهابي منذ البداية وتبين ان الشخص
من المدينة ولكن اذا كان واحد من ابنائها فهذا لا يعني انه موقفها، هذا شخص
و"انتحر" وليس "استشهد"، لانه "المنتحر" يذهب الى
النار و"الشهيد" الى الجنة، وفي لبنان في كثر مثله وفي عملاء لـ
"اسرائيل".
واضاف السعودي، ان صيدا لا تمثل
هذا الاتجاه، واهل ابو ظهر تبرأوا من هذا العمل، لان صيدا تمثل الاعتدال والولاء
للدولة والقيم والتعايش بين الجميع سواء كان مسلما او مسيحيا وبين جميع المذاهب
السنة والشيعة، ولا يمكن ان تكون ثقافتها الارهاب ونحن اول ناس تاذينا منه من خلال
اعمال الاسير وقطع الطريق اي من وراء التطرف".
واعتبر امام مسجد القدس في صيدا
الشيخ ماهر حمود، ان "اكتشاف ان احد الانتحاريين اللذين نفذا تفجيري الجناح
امام السفارة الايرانية "معين ابو ظهر"، انه من مدينة صيدا هو نتيجة
فيروس اصاب جسد الصيداويين، والمطلوب اسعاف المدينة باللقاح"، مشيرا الى ان
"بالتعاون والوعي نستطيع ان نتجاوز هذه المرحلة".
جولة صيداوية
وفي جولة ميدانية لـ "صدى
البلد"، في الحي الذي تقطن فيه عائلة ابو ظهر في البستان الكبير في المدينة،
تسود حالة من الترقب بعدما اتخذت القوى الامنية اجراءات لحفظ الامن بعد سيل من
الشائعات، وبدأت بسلسلة من الاستدعاءات لجمع كافة المعلومات عنه، فيما لازمت
العائلة المنزل الكائن في الطابق الخامس فوق "سوبر ماركت" النميري،
والتزمت الصمت ولم تجر اي حديث صحفي، فيما والدة معين كلثوم عمورة المفجوعة اصيبت
بانهيار عصبي، فيما دموع الوالد عدنان لا تكفكف حزنا على ما جرى.
وقد تبرات عائلة أبو ظهر من
معين، واصفة ما جرى بأنه "جريمة شنيعة نكراء"، قائلة نحن اسرة محافظة
نشأت وتربت على الاسلام، الدين الحنيف، الذي يحرم ايذاء الآخرين، اسلام المودة
والرحمة، ونشأنا على طاولة الرسول الكريم "ان كل مؤمن على مؤمن حرام دمه
وماله وعرضه.. ولقد آلمنا ابلغ الالم وأحزننا أيما حزن، ان يخرج من بيننا من يتهم
بالجريمة، وهي جريمة شنيعة نكراء بكل المقاييس، جريمة اذهلتنا، ونحن لا نملك من
الكلام ما يكفي لوصفها بما تستحق من ادانة واستنكار وشجب واستهجان".
جولة البيسارية
وفي جولة مماثلة، في بلدة
البيسارية في قضاء الزهراني حيث تقطن عائلة الانتحاري الثاني عدنان، فقد عم الذهول
البلدة والعائلة واقاربها المقيمين فيها منذ اربعة عقود ونيف، وسط تأكيد ان عدنان
اختفى من منزله قبل نحو ستة اشهر وتحديدا في شهر ايار الماضي ولم تعرف عنه شيئا،
ما دفع بوالده موسى بعد شهرين تقريبا لتقديم بلاغ باختفائه لدى مخفر عدلون، فيما
اكد جيرانه انه كان قليل الكلام ذو ميول اسلامية متشددة.
واصدرت العائلة بيانا دانت فيه
بأشد العبارات العمل الأجرامي الذي قام به، معلنة البراءة منه تبرئنا منذ
زمن"، موكدة "ان هذا العمل الأجرامي الذي لا يخدم سوى العدو
الصهيوني"، معتبرة "أن هذا العمل الفردي الذي لا يمت باي صلة للعائلة
وتاريخها الوطني وشهدائها في مقاومة العدو الصهيوني"، شاكرة القيادة
السياسية، والاجتماعية في البيسارية، وعلى راسهم رئيس بلدية البيسارية فؤاد مشورب
على وعيهم وتفهمهم لهذا العمل البعيد عن اخلاقنا ونؤكد للمرة الف ان اتجاه نضالنا
هو فلسطين وان عدو وعدو الامة هي اسرائيل وخيارنا خيار المقاومة، كما نؤكد على عمق
التلاحم اللبناني المعمد بالدم.
ادانة فلسطينية
وامتدادا الى مخيم عين الحلوة،
فان ابناء المخيم عاشوا يوما طبيعيا وسط ادانة سياسية فلسطينية لما جرى، وقد كشفت
مصادر، ان عدنان كان قليل التردد الى المخيم وهو غير معروف فيه، لان أغلب اقاربه
يقيمون في البيسارية، واعتبرت القيادة الفلسطينية ان مشاركة شاب فلسطيني في الهجوم
على السفارة الايرانية في لبنان هو عمل فردي لا يخدم سوى اعداء قضيتنا، بينما قال
امين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العردات، في
اول تعليق رسمي، ان اي متورط فلسطيني في الارهاب نتبرأ منه"، مضيفا "ان
الارهاب لا دين ولا جنسية ولا انتماء له، واي شخص فلسطيني متورط نتبرا منه ونرفع
الغطاء السياسي عنه"، مؤكدا حرص كل القوى الفلسطينية على امن واستقرار
المخيمات والجوار اللبناني، نحن مع السلم الاهلي والوقوف في وحجه الفتنة".
المصدر: البلد | محمد دهشة