صيدا تتحرّك سياسياً لوقف «فتنة عين
الحلوة»

الأربعاء، 12 آذار، 2014
تحرّكت القوى السياسية في صيدا، أمس،
للحدّ من تداعيات الصراع الفلسطيني الدموي الدائر عند تخوم المدينة وفي خاصرتها
عين الحلوة، استدراكا منها لخطورة الفتنة التي تهدد المخيم وانعكاساتها الأمنية
والسياسية والاقتصادية على المدينة.
وتؤكد مصادر لبنانية أن عين الحلوة
يتعرّض منذ مدّة لاستنزاف دموي خطير يهدّد بنيته السياسية والاجتماعية وقواه
العسكرية بفتنة داخلية فلسطينية ـ فلسطينية يجري تنفيذها على مرأى ومسمع من كل
القوى في المخيم، من دون اتخاذ اية اجرءات رادعة او محاسبة أي مرتكب ولا حتى
اعتقال أي متهم او مجرد توجيه الاتهام لأية مجموعة أو أفراد بالقيام بهذا العمل.
وتشير إلى أن كلّ ذلك يجري على حساب
الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين وحق العودة، من دون أن يتحرك أحد لوقف هذا المسلسل
الخطير الذي يريد تحويل المخيم الى بؤرة أمنية.
في المقابل، ترى مصادر فلسطينية أنّ
عين الحلوة بات أشبه بغابة، وباستطاعة اي كان فعل ما يريد من دون حسيب او رقيب،
حتى أن استهداف الكوادر العسكرية والأمنية بات أمراً سهلاً، فكيف اذا كان هذا
النزيف الدموي والاغتيالات وعمليات القتل تستهدف حركة «فتح» في المخيّم؟ وتعتبر أن
هذه الاغتيالات «عادية» في الجسم «الفتحاوي» وحتى من دون أي ردة فعل محسوبة، وكأن
هذا التنظيم أضحى كالرجل المريض او الكهل الذي يسهل استهدافه واستنزافه، ومن يقوم
بهذه الاغتيالات يدرك أن بندقية «فتح» لم تعد تجيد اطلاق النار... وتعرّضت للصدأ.
وتذكّر أن أكثر من سبع أو ثماني
عمليات اغتيال وقعت في المخيم خلال أشهر قليلة ما بين نهاية العام الماضي ومطلع
العام الحالي، ومعظمها استهدفت قيادات وكوادر «فتح»، وآخرها اغتيال العقيد جميل
زيدان وفرار الجاني من دون عمليات ملاحقة، بالرغم من أنّ زيدان هو كادر عسكري مقرب
جدا من قائد «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» اللواء صبحي أبو عرب.
وتلفت المصادر الانتباه إلى أن ما
حصل بعد عملية الاغتيال اقتصر على اجتماعات للجنة المتابعة واللجنة السياسية للقوى
والفصائل في المخيم وإصدار بيانات إدانة واستنكار والتعهد بملاحقة المجرمين، إضافة
الى تقديم واجب العزاء لأهل المغدور وتنظيم مراسم الجنازة. في حين أن واقعة
الاغتيال كان لها صدى سياسيا أكبر في صيدا، حيث برزت مواقف تدعو الى التصدي
لمحاولات إشعال الساحة الفلسطينية بالفتنة الداخلية. وهذا ما برز خلال اللقاءات
التي عقدها وفد مركزي من «حركة الجهاد الإسلامي» ضم كلاً من مسؤول «الحركة» في
لبنان أبو عماد الرفاعي ومسؤولها السياسي في لبنان شكيب العينا الذي قصد المدينة
على عجل، والتقى كلاً من الامين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد
والنائبة بهية الحريري ورئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري.
وجرى خلال هذه الاجتماعات عرض الوضع
في مخيم عين الحلوة من كل الجوانب، وانعكاسات ما يحصل من اغتيالات وصراعات دموية
على القضيّة الفلسطينية وعلى صيدا والجنوب.
وأكد الرفاعي «ضرورة حفظ أمن
المخيمات واستقرارها، بخاصة عين الحلوة، لأن ذلك ينعكس بشكل كامل على أمن واستقرار
الجوار، ولا سيما صيدا». وقال: «لدينا مخاوف كبيرة من استهداف واضح للمخيمات،
وإدخال الواقع الفسطيني في أتون الصراعات في المنطقة»، مشدّداً على «ضرورة أن يبقى
الوضع الفلسطيني في منأى عن كل التجاذبات حفاظاً على القضية الفلسطينية، وعلى أمن لبنان
واستقراره».
ولفت الرفاعي الانتباه إلى أنّه «على
الفصائل الفلسطينية أن تتحمل المسؤولية، وأن تبحث عن آليات لمنع العابثين بأمن
المخيم، وضبط الوضع الداخلي من خلال تشكيل مرجعية سياسية»، مشيراً إلى أنّ
«أوليتنا هي السعي كقوى وفصائل فلسطينية لإيجاد صيغ للخروج من هذا الاستنزاف
الأمني داخل المخيمات، كما أكّدنا ضرورة أن يكون هناك جهد لبناني يدعم التوجهات
الفلسطينية».
من جهته، حذّر أسامة سعد من أن «هناك
محاولات حثيثة من جهات معادية تعمل لإشعال الساحة الفلسطينية والساحة الوطنية
المقاومة في لبنان وإدخالها في صراعات داخلية خدمة للمشروع الإسرائيلي».
واعتبر أن «عين الحلوة يتعرّض
لاهتزازات أمنية خطيرة كل يوم، وهذا يفرض على الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية
اللبنانية وعلى كل المقاومين والمعنيين بدعم النضال الفلسطيني، أن يتعاونوا جميعاً
من أجل حماية أمن المخيمات واستقرارها».
أما الحريري، فرأت أنّ «هناك اياد
تريد الفتنة والخراب للمخيم تقف وراء هذه الجريمة وما سبقها من اغتيالات»، مثمّنة
«الدرجة العالية من الوعي الذي ابدته عائلة المغدور زيدان والقيادة الفتحاوية واهل
المخيم عموما».
وأضافت: «إنّ هذا الوعي يقطع الطريق
على ما ترمي اليه هذه الجريمة من اهداف في تفجير الوضع الأمني في المخيم، ومن
خلاله صيدا، لأنهما جسم واحد لا يتجزأ».
في حين دعا البزري إلى «الحفاظ على
الهدوء داخل المخيمات الفلسطينية وحمايتها من مخططات الفتنة التي تُحاك ضدها وتعمل
على توريط الشعب الفلسطيني في محاولة لتصفية قضيته وحقوقه»، مشيراً إلى أن «عملية
الاغتيال تأتي في سياق توتير الأجواء وجر الفلسطينيين للإقتتال في ما بينهم وفي
ذلك خدمة للعدو الإسرائيلي».
وكان مخيم عين الحلوة قد شهد، أمس،
هدوءا حذرا بعد جريمة اغتيال زيدان ولم تقفل المحال والمؤسسات التربوية، كما لم يعلن
الإضراب العام الذي كان مقررا من قبل لجنة المتابعة، فصدر قرار بدفن جثة زيدان بعد
صلاة عصر اليوم الاربعاء.
المصدر: محمد صالح - السفير