القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

ظلام عين الحلوة: الكهرباء ترفٌ باشتراكات باهظة تُغرق الفقراء


الجمعة، 27 حزيران، 2025

يغرق مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان في أزمة كهرباء حادة تتفاقم يومًا بعد يوم، لتلقي بظلالها على حياة آلاف العائلات. فمع التراجع الكبير في ساعات التغذية الحكومية، والارتفاع الباهظ لتكاليف الاشتراكات الخاصة أو تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، يجد الكثيرون أنفسهم في ظلام دامس، مما يهدد أبسط مقومات الحياة اليومية داخل المخيم.

كهرباء حكومية شحيحة وحلول باهظة

تشير إفادات اللاجئين إلى أن أساس الأزمة يكمن في ضعف التغذية الحكومية، التي لا تتجاوز أربع ساعات خلال 24 ساعة. هذا الواقع يجبر السكان على الاعتماد بشكل شبه كلي على المولدات الكهربائية الخاصة أو اللجوء إلى أنظمة الطاقة الشمسية. لكن هذه الحلول تعتبر رفاهية لا يقوى عليها معظم اللاجئين، خاصةً في ظل نسب فقر تتجاوز 90% وفقًا لتقارير "الأونروا"، وضعف في التقديمات الإغاثية من الوكالة الدولية ذاتها.

يقول أحد مسؤولي اللجان الشعبية في المخيم إن السبب الرئيسي هو تقنين الدولة للكهرباء بسبب نقص الوقود، مؤكدًا أن هذا النقص تتحمله الدولة. ويضيف: "هذا الأمر يثقل كاهلنا كثيرًا، فنحن كشعب فلسطيني نعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك البطالة وقلة فرص العمل، ولا يوجد ما يكفي من دخلٍ يوفر احتياجات أرباب الأسر".

معاناة يومية: لا ثلاجة ولا غسيل

يعبر العديد من اللاجئين عن عجزهم عن تركيب أي نظام طاقة بديل. يقول أحد سكان المخيم: "لا أملك تكاليف تركيب الطاقة الشمسية، فماذا أفعل؟ كل دقيقة أطفئ الثلاجة وأشغلها، لأنني لا أستطيع تغطية النفقات. كثيرون في المخيم لا يجدون كهرباء".

الأزمة لم تعد تقتصر على انقطاع الكهرباء فحسب، بل تشمل أيضًا جشع بعض أصحاب المولدات. يشير لاجئ آخر إلى أن "انقطاع الكهرباء في مخيم عين الحلوة يتم بشكل متقطع، وحتى عندما تأتي، تكون تكاليف الاشتراك باهظة جدًّا". ويتابع: "للأسف، بعض مشغلي المولدات لا يلتزمون بالأسعار الرسمية، مما يزيد العبء على أصحاب المحال والمرضى داخل المخيم".

أحد اللاجئات توضح حجم الأعباء اليومية قائلة: "أمر الكهرباء سيء جدًّا! حالنا كحال لبنان كله. الكهرباء تأتي ساعتين فقط نهارًا فنقضي حاجتنا خلالهما. لكن الاشتراكات تصل إلى 60 أو 70 دولارًا شهريًا حسب النفقات. نريد الغسيل وتشغيل الماء، وتحتاج إلى أعمال كهربائية... لا يمكن الاستغناء عنها!". وتشير لاجئة أخرى إلى أن الأزمة لم تعد في التكاليف فقط، بل في فقدان القدرة على الحفاظ على أساسيات الحياة: "أشعر أن وضعي لا يسمح لي بدفع اشتراك الكهرباء. عندي ثلاجتان، وإذا لم أضع الخضروات فيهما تفسد".

أصحاب المولدات: ارتفاع التكاليف يبرر التسعيرة

في المقابل، يبرر أصحاب المولدات ارتفاع الأسعار بتكاليف التشغيل الباهظة. يقول أحد أصحاب المولدات: "نحن نأخذ تسعيرة متفق عليها، فلا نظلم الناس ولا نظلم أنفسنا. لدينا مصاريف شهرية، فالمحروقات اليوم ارتفعت أسعارها بسبب الأحداث في الشرق الأوسط، ولدينا رواتب موظفين وقطع غيار... كل هذا لا يحسبه الناس". ويضيف: "نتمنى أن تزودنا الدولة بالكهرباء أساسًا، فليس هناك نظام كهربائي مستقر. ونطالب الجهات المعنية وأصحاب القرار بإصلاح كهرباء مخيم عين الحلوة".

دعوات للتحرك وتوقعات بصيف قاسٍ

دعا أحد اللاجئين الفعاليات الفلسطينية إلى تحرك جدي، مؤكدًا أنه يجب "على الفعاليات والفصائل واللجان الموجودة هنا أن تطالب بزيادة ساعات الكهرباء. بدلاً من أن تصلنا ساعتان خلال 24 ساعة، مقسّمة إلى 45 دقيقة في كل مرة، يجب أن تصل 12 ساعة متواصلة، فهذا معقول".

مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد معاناة أهالي مخيم عين الحلوة تحت وطأة انقطاع الكهرباء وغلاء الاشتراكات، في ظل غياب الحلول الجذرية وتقصير الجهات الرسمية الفلسطينية والمعنية. أزمة تمسّ كل تفاصيل الحياة اليومية، من حفظ الطعام وتشغيل المراوح والمياه، ما يجعل من توفير الكهرباء أولوية إنسانية ملحة لا تحتمل التأجيل.