لاجئ فلسطيني ينجح في خلق منظومة تسمح بالتحكم بجرافة عن طريق الهاتف الذكي
عامر درويش: إبداع من قلب معاناة مخيمات اللجوء في لبنان
الأربعاء، 06 كانون الأول، 2017
تقرير وجدان الربيعي: لم يمنع ضعف الإمكانيات الإرادة التي مكنت الشاب الفلسطيني عامر درويش
من تحويل موهبته إلى إنجاز علمي هو الأول من نوعه على مستوى العالم. عامر درويش الحاصل
على ماجستير في إدارة الأعمال، من مخيم «البداوي» للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومنذ
صغره كان يستهويه تعديل وفك وتركيب الألعاب، تطورت هذه الهواية خلال المرحلة الثانوية
حتى صار مغرما بتركيب الأجهزة.
وبعد ان تخرج من جامعة الجنان في طرابلس، وبسبب صعوبة إيجاد فرص عمل للاجئ
الفلسطيني في لبنان، حاول ان يستثمر اهتمامه بالتوجه نحو عمل حر، ومن هنا بدأت فكرة
الاختراع ومشوار النجاح.
يقول لـ«القدس العربي»: «اشتريت جرافتين مع معدات حفر وتكسير وخلال مدة
العمل لاحظت وجود بعض الصعوبات التي تواجه السائقين ومنها مخاطر تتمثل في هدم المباني
وتعرضهم إلى الأذى، ففكرت أن هناك حاجة لإيجاد جهاز يحمي السائق من هذه المخاطر عن
بعد.
الفكرة بدأت عندما تعرضت لحادث عمل وصرت عاجزا عن قيادة الجرافة. خطرت
في بالي امكانية السياقة بالأصابع وعن بعد ليستمر العمل فتواصلت مع شركة أمريكية مكتبها
في لبنان، طلبت منهم الجهاز الذي يتحكم بالجرافة عن بعد «الريموت كونترول» فقالوا لي
ان هذا الجهاز لم يصل إلى لبنان بعد ونوع الجرافة التي أملك لا يعمل الجهاز عليها».
وتابع: «قررت ان لا أنتظر وان أعمل بطريقة تسمح باستخدام الجرافة من غير
سائق والتحكم فيها عن بعد من خلال الهاتف الذكي. هذه الاضافة المعرفية من خلال البحث
العلمي كانت ملفتة للجميع وكانت الأولى من نوعها والمشروع شكل مفاجأة كبيرة للمهندسين
وخاصة انني لست مهندسا كل ما أملك هو الهواية والمطالعات وإجراء الأبحاث».
الحاجة أم الاختراع
وعن الاختراع يقول: «الجرافة هي الأولى في العالم التي تعمل بواسطة الهاتف
الذكي وذلك باستخدام جهاز (BlueDrive 48)
وقد صممته ونفذته لقيادة الآليات عن بعد باستخدام الهاتف الذكي، بحيث يصبح
بإمكان أي شخص أن يتحكم بأنظمة الآليات الثقيلة. أخذ المشروع شهرا من العمل المضني
من تأمين المستلزمات وبرمجة وتركيب أحدث البرامج واللوحات الإلكترونية القابلة للتعديل
والتطوير، والأجهزة الميكانيكية المستخرجة من بقايا السيارات المنتهية الاستعمال.
والمشروع حصيلة أعوام طويلة من الدراسات الأكاديمية في مجالات متنوعة،
ومن الخبرة العملية في مجال الجرافات، وبجهد فردي بحت، ولم استعن بأي مهندس.
وبمجرد تثبيت هذا الجهاز على معظم أنواع الجرافات والحفارات والآليات الثقيلة،
سيحول قيادتها المعقدة والتي تحتاج إلى مهارات وخبرات خاصة إلى قيادة مبسطة سهلة جدا
وكأنها لعبة على الهاتف».
موضحا ان استخدامه على الآليات الثقيلة والجرافات يمكن السائقين من تفادي
الحوادث الكثيرة التي عادة ما تحصل بسبب طبيعة عملهم والمخاطر التي يواجهونها وبالتالي
سيساهم في حفظ الأرواح، وسيتيح لمن عجز عن قيادة الآليات بسبب إعاقة جسدية أن يمارس
أعماله بلمسات على شاشة هاتفه الذكي. وقد قام المخترع بتزويد الجهاز بكاميرا تبث صورة
مباشرة عبر تقنية «واي فاي» إلى شاشة الهاتف، بهدف إتاحة مجال رؤية بشكل واضح ومريح
خلال العمل والتحكم عن بعد.
وتم منح عامر أحمد درويش براءة اختراع لمدة 20 سنة من وزارة الاقتصاد والتجارة
في الجمهورية اللبنانية لجهاز «BlueDrive 48».
ويأمل درويش في طرح مشاريع هندسية غير مسبوقة في انتظار بعض الترتيبات
التي تطلب الآليات القانونية تضمن حقوق الملكية الفكرية. علماً أن شركات عدة من دول
مختلفة تواصلت معه بهدف الحصول على وكالة الجهاز بغية تحويله لمنتج تجاري متوفر في
الأسواق، لكنه اعتذر وطلب منهم التريث لعدم وجود براءة اختراع دولية تحمي الفكرة حتى
اللحظة.
ويأمل المخترع الفلسطيني أن تتضافر الجهود من قبل المعنيين لمساعدته على
تخطي العوائق القانونية الدولية التي تحول دون حصوله كلاجئ على براءة اختراع دولية،
وهو ما يعيق مسيرته العلمية والعملية في الوقت الحالي.