القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عراب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وليد سعد الدين، في مكتب "يا صور"

عراب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وليد سعد الدين، في مكتب "يا صور"


الأربعاء، 17 تموز، 2013

سمعان هو، عراب الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة في مسلسل "قيامة البنادق"، هو عماد مسلسل "الغالبون" وأبو موسى "زمن الأوغاد"...هكذا نعرفه!

ولكنه يعرف عن نفسه ببساطة قائلا"، "وليد سعد الدين، فلسطيني من قرية الزيب، قضاء عكا، مواليد 1959... تربى وترعرع في المخيمات الفلسطينية في بلد اللجوء لبنان".

يحدثك بصوت جهوري نحتت معالمه صرخات لطالما أطلقها في وجه الظلم فيقول،"كثيرا" ما تقاذفتنا ويلات القذائف تنهال على رؤوسنا، فانتقلنا من مخيم برج البراجنة مرورا بجسر الباشا، تل الزعتر، صبرا وشاتيلا، وانتهاء بمخيم عين الحلوة. تسأله عن بداياته المسرحية، فتعلو ثغره بسمة غامضة تعود به ربما إلى كثرة مدارس خاصة ارتادها وكانت تهتم بالفن وتعنى بالشق الغنائي للمسرح. "في الصف السادس والسابع، مع نهاية كل عام دراسي، كنت أقدم مسرحيات قصيرة (اسكتشات)، بدأت أشعر معها بنمو الوعي لنفسي كفلسطيني في المنفى! نضجت الفكرة مسؤولية" والشكر الكبير بذلك للوالد الذي أشربنا حب العمل الوطني، فصحيح أن أرقى أشكال الجهاد الفلسطيني هو العمل العسكري، ولكن لا بد من أوجه فنية للجهاد كالرسم والتصوير لتعميم الواقع الفلسطيني... وهكذا، تطورت فكرة المسرح من هواية إلى مهنة؛ خدمة للقضية الفلسطينية الإستثنائية بشقيها السياسي والإنساني، ونشرا" لأهمية النضال الفلسطيني والتحريض عليه من خلال المسرح".

ثم تتجاذبه الذكريات ويروي لك رواية الأب عن مغامرات طفله البكر،" في فترة السبعينات، كان المسرح الفلسطيني مباشرا" يطرح القضية كما هي، نظرا" لغياب وسائل دعم الفكرة من ديكور، اكسسوار، موسيقى تصويرية، تأثيرات بصرية... كانت تصل الأمور بنا أحيانا" إلى حد ضرب الممثل نفسه في بعض المشاهد التي تستدعي ذلك، فالعنصر الأهم والأقوى حينها كان الكلمة. أما الآن، فقد تغير الحال كثيرا": دخلت الفلسفة إلى عمق العمل المسرحي، فقوله: الحجر الواحد يا عبد الله لا يبني بيتا" للثورة، يشير بطريقة منمقة إلى ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية. كما ويتوج العمل المسرحي اليوم بتطور الديكور ووسائل الايضاح". وهنا يدب الشغف في كلماته وتنطق يداه تعبيرا" عن ما يختلج في صدره من شغف، "المسرح يا عزيزي حركة واسعة: تؤمّن علاقة مباشرة بين الممثل والجمهور فتتيح له تلقي تقييمهم لعمله بشكل مباشر وهذا هو أجمل ما في العمل المسرحي". ويصمت...

تستشعر في ثنايا حديثه هياما" بغبار خشبة المسرح، ثم تسعفك الذاكرة بكثرة إنجازاته التلفزيونية، السينمائية، والإذاعية، وهو الذي في رصيده أكثر من 22 فيلما" سينمائيا" تراوحت أدواره فيها بين أدوار أولية أو ثانوية وإدارة إنتاج ( منها غصن الزيتون المكسور، كناري، ليلة الغائرات الشرائعية، جنين، فارس عودة، كتاب القانون، جرح الزيتون، فيلم يحيى عياش ، عز الدين القسام...) إضافة إلى ما يزيد عن 35 مسلسلا" (أهمها صور ضائعة، رجل من الماضي، زمن الأوغاد، الغالبون، قيامة البنادق الذي يعرض حاليا" على قناة المنار عند التاسعة والنصف مساء)، ثم تسأله، " بين المسرح، التلفاز، السينما، أو الإذاعة، أين تجد نفسك؟" ويأتيك الجواب بريئا" من عناء التردد، "طبعا" في المسرح... صحيح أن المسرح في لبنان يتلاشى، كي لا نقر بواقع مرير يؤكد أنه قد تلاشى فعلا"، نظرا" لغياب جمهوره بوجود الطفرة في وسائل التواصل والاتصالات (تلفاز، DVD، youtube) والتي جعلت من ارتياد المسرح أمرا" مكلفا" بنظر البعض، لكن المسرح يظل أرقى هذه الفنون وأروعها؛ لذا نحافظ أقله على عمل مسرحي سنوي للأطفال (مسرح تربوي ثقافي)، حيث تكون تأديتها بمثابة عيد لكل العاملين فيها...حتى أننا نعمل حاليا" على مسرحية "أنا ومرتي والحرامي" مع فرقة أبي سليم الشهيرة (شكري، زغلول، بدور فهمان). فالمسرحيات التي قدمناها هي التي حفرت في وجداننا أروع الذكريات منها: القبعة والنبي (لغسان كنفاني)، ثورة الزنج، جاكيت يامجبور، سقوط الهوية، الطرشان، مجلس العدل (لتوفيق الحكيم)... كما كان لمسرح الأطفال دورا" هاما" في مسيرتي الفنية بالأخص مسرحية "النملة والصرصور" التي عرضت لأكثر من 10 سنوات ونالت عدة جوائز محلية وعربية، تنويها" من وزارة الثقافة اللبنانية، رسالة شكر من المركز التربوي للبحوث والإنماء الذي قام بتوجيهها نحو جميع مدارس لبنان. ولعلنا هنا نستذكر قصة العالم الذي كلما دخل دولة ما، أول ما سأل عن قاعات المسرح فيها: فهي بنظره مقياس لمدى ثقافة الشعب. "

أما عن الرسالة التي حاول جاهدا" إيصالها من خلال معظم أعماله الفنية فيؤكد، "فلسطين وحق المقاومة...ففلسطين هي أرضي التي حرمت منها والمقاومة وحدها هي الكفيلة بإحقاق الحق....لذا تجد النقد اللاذع في بعض مسرحياتي، وخاصة في "حقنا نعيش بكرامة" التي قدمناها مع نخبة من الطلاب الجامعيين في قصر الأونيسكو". وعن ضريبة إلتزامه بهذا الخط الفني الأصيل، يشرح الفنان،" طريق الفن الملتزم والنظيف توصل إلى قلة الإنتاج، ولكني راض عن هذا القليل من العمل النوعي الهادف ذي المستوى الثقافي والانساني والوطني الرفيع ، فأنا ارتأيت لنفسي طريقا" وطنيا" غير ربحي ماديا" ولكنه رابح ومربح وطنيا" ومعنويا" رغم كثرة الإغراءات؛ لم أكون ثروة لكني راض عن نفسي ومتصالح مع ذاتي ومع الآخرين....فأنا والحمد لله نائب رئيس الإتحاد العام للفنانين الفلسطينيين في لبنان، عضو النقابة اللبنانية لممثلي المسرح والتلفاز والسينما برتبة ممثل محترف، مدير إنتاج محترف، محاضر جامعي حول فنون المحادثة وأسلوب الإلقاء..".

وفي ختام اللقاء، توجه الفنان وليد سعد الدين بالشكر " للإهتمام الجميل النبيل" من قبل يا صورالذي أكد،" أنا من المتابعين لموقع يا صور؛ تعجبني نشاطاته الإنسانية والإجتماعية المميزة وبالأخص حملة التصوير تحت الماء... نتمنى عليكم مهما واجهتم من ظروف صعبة المضي قدما" ، فالفائدة بالاستمرار والذي ينسحب، لو مهما خلّف من إنجازات، هو الخاسر...فبحر الحياة في حركة دائمة لا مكان للوقوف أوالتراجع..".

المصدر: ياصور