عمالة الأحداث في
مخيم عين الحلوة من يحميها؟

أصدرت منظمة العمل
الدولية العديد من الاتفاقيات التي تعالج شؤون العمل المختلفة، والتي تمثل المعايير
الأساسية لحقوق الإنسان في العمل والتي كان آخرها الاتفاقيتين رقم 138 لسنة 1973 بشأن
الحد الأدنى لسن الاستخدام والاتفاقية رقم 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال،
حيث تعتبر الأحكام التي وردت فيها معايير أساسية لحقوق الإنسان في العمل تلتزم بها
الدول المنضمة إليها وتتم مساءلتها عن الإخلال في الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها
بموجبها، كما تلتزم الدول الأخرى أدبياً بأحكامها رغم مصادقتها عليها، وذلك بحكم عضويتها
في هذه المنظمة والتزامها بدستورها، وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الذي
صدر عنها.
وهذه الاتفاقيات
تهدف على المدى البعيد إلى القضاء الكامل على عمل الأطفال، حيث وضعت حداً أدنى لسن
العمل وهو سن إتمام التعليم الإلزامي، والتي اعتبرت أنه لا يجوز أن يقل عن الخامسة
عشرة، كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة في الأعمال التي يحتمل أن تعرض للخطر
صحة أو سلامة أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها.
والاتفاقية العربية
رقم18 لسنة 1996 بشأن عمل الأحداث التي عرفت الطفل بأنه( الشخص الذي أتم الثالثة عشرة
ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره سواء كان ذكراً أو أنثى) وحظرت عمل من لم يتم سن الثالثة
عشرة من عمره، ونصت على أن أحكامها تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية باستثناء الأعمال
الزراعية غير الخطرة وغير المضرة بالصحة ووفق ضوابط تحددها السلطة المختصة في الدولة
تراعي فيها الحد الأدنى لسن الأطفال.
وأوجبت الاتفاقية
أن لا يتعارض عمل الأطفال مع التعليم الإلزامي وأن لا يقل سن الالتحاق بالعمل الحد
الأدنى لسن إكمال مرحلة التعليم الإلزامي، وأن تقوم الدولة بإجراء الدراسات حول أسباب
عمل الأطفال فيها، وأن تعمل على التوعية بالأضرار المحتملة لعمل الأطفال، وفي الأعمال
الصناعية منع تشغيل الحدث قبل إتمام سن الخامسة عشرة وفي الأعمال الصناعية الخفيفة
التي تتولاها أسرته قبل إتمام سن الرابعة عشرة، وأن تتم في كل الأحوال مراقبة عمل الأطفال
وحمايتهم صحيّاً وأخلاقيّاً والتّأكّد من قدرتهم ولياقتهم الصحية للمهنة التي مارسها
كل منهم.
لكن هل تنطبق هذه
الاتفاقيّات على أحداث مخيم عين الحلوة؟
فأحمد قزموز وهو
حدث يبلغ من العمر أربعة عشرة عاماً يعمل في معمل أحجار يقول:” أنا أعمل في هذا المعمل
منذ فترة لمساعدة والدي في مصروف عائلتي، لأن أبي مريض وهو يعاني من أوجاع في الظهر،
ولا يستطيع العمل، والبيت يحتاج إلى مستلزمات ضرورية”.
"تركت المدرسة منذ أن اهيت الصف السادس الأساسي،
وكان مستواي جيداً، ولم أكن أكره المدرسة أبداً، لكنني اضطررت على تركها، وذلك كما
قلت سابقاً لمساعدة والدي في تأمين احتياجات البيت الأساسية، فأسرتنا تتألف من ثمانية
أشخاص، والداي وأربعة صبيان، وبنتين، وأنا وأخي نعمل لمساعدة والدي، في بادئ الأمر
عملت في فرن، واليوم أعمل في هذا المعمل.
وناصر ناصر البالغ
من العمر أربعة عشر عاماً، يعمل في محل كهرباء سيارات، ترك المدرسة لأنه لم يكن”شاطراً”
في المدرسة، وعلاماته متدنية جداّ، وفضل أن يتعلم مهنة للمستقبل، حتى لا تضيع أيامه
سدى.
وهو يعمل بهذه المهنة
منذ سنة ونصف، ويقول:” إنه قد اختار هذه المهنة كي يؤمن لنفسه مدخولاً جيداً، يستطيع
أن يدخره لبناء مستقبله، ويؤمن من خلاله عيشاً كريماً، فالأشخاص الذين يقضون أيامهم
في التعليم لا يستطيعون تأمين حياة كريمة لهم، وحتى يصعب أن يبنوا أسر.
المصدر: السفير
– انتصار الدنان