عمرها 18 سنة.. قصة محاكمة فاشلة لشارون بسبب
"صبرا وشاتيلا"

الجمعة، 04 تشرين الأول، 2019
شهدت محكمة الجنايات البلجيكية، في عام 2001 إحدى
محطات القضية الجنائية المرفوعة ضد رئيس وزراء "إسرائيل” الراحل أرييل شارون بتهمة
ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مخيمي صبرا وشاتيلا بلبنان
في 16 سبتمبر من عام 1982، لكن المحكة أجلت النظر في القضية.
تعود القضية لبداية عام 2001، حيث أقام أقارب ضحايا
مخيم صبرا وشاتيلا دعوى قضائية في بلجيكا ضد شارون لتورطه في أحداث المجزرة، إلا أن
محكمة الاستئناف البلجيكية أسقطت القضية لعدم اختصاص القضاء البلجيكي بالنظر فيها،
وذلك في يونيو 2002.
أبرز محطات القضية:
20 نوفمبر 2001
أصدر القضاء البلجيكي مذكرة استدعاء لرئيس وزراء
دولة الاحتلال الراحل أرييل شارون من أجل المثول أمام محكمة في بروكسل في 28 نوفمبر
لعام 2001 في إطار مقاضاته لمسؤوليته عن مجزرة صبرا وشاتيلا.
وقالت صحيفة "لوسوار" البلجيكية، إنه
كان من المفترض مبدئيا أن يقوم سفير بلجيكا في "إسرائيل” آنذاك، ولفريد جينز، بتسليم
مذكرة المثول أمام الغرفة الاتهامية في محكمة استئناف بروكسل إلى شارون الذي كان حين
ارتكاب المذابح وزيرا للحربية.
وأوضحت الصحيفة أن السفير أرجأ القيام بذلك بسبب
الزيارة التي قام بها الأحد وفد الاتحاد الأوروبي إلى "إسرائيل” برئاسة رئيس الوزراء
البلجيكي في ذلك الوقت، جي فرهوفشتات، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
26 ديسمبر 2001
استأنفت غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف ببروكسل
النظر في مسألة قبول الدعوى ضد شارون لمسؤوليته عن مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان عام
1982، وقررت الغرفة عقد جلسة جديدة للبت في ما إذا كانت الدعوى مقبولة وإذا كان التحقيق
ضد شارون يمكن أن يستأنف أم لا.
وحددت المحكمة البلجيكية موعد الجلسة الجديدة يوم
23 يناير المقبل، وسيتاح لمحامي شارون أدريان ماسيه خلال الجلسة، الدفاع عن مبرراته
بشأن تمتع شارون بحصانة رؤساء الدول وعدم إمكانية تطبيق القانون البلجيكي بأثر رجعي،
كما ستحدد المحكمة في الجلسة المقبلة موعد الإعلان عن قرارها النهائي، وتوقعت مصادر
قضائية صدور قرار غرفة الاتهام في فبراير المقبل.
27 يونيو 2002
رفض القضاء محاكمة أرييل شارون سفاح صبرا وشاتيلا،
بحجة حصانته وأنه لا يقيم على الأرض البلجيكية وهو ما أشادت به إسرائيل، ونددت به السلطة
الفلسطينية وسط إصرار محامي الضحايا على استئناف هذا الحكم والاستمرار في ملاحقة شارون،
حسب وكالة "رويترز" للأنباء.
مذبحة صبرا وشاتيلا
وقعت هذه المذبحة بمخيم صابرا وشاتيلا الفلسطيني
بعد دخول القوات الإسرائيلية الغازية إلى العاصمة اللبنانية بيروت وإحكام سيطرتها على
القطاع الغربي منها، وكان دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت في حد ذاته بمنزلة
انتهاك للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية والذي خرجت بمقتضاه المقاومة
الفلسطينية من المدينة.
وحسب كتاب "اليهود واليهودية" للدكتور
عبدالوهاب المسيري، هيأت القوات الإسرائيلية الأجواء بعناية لارتكاب مذبحة مروعة نفَّذها
مقاتلو الكتائب اللبنانية اليمينية انتقاماً من الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين، وقامت
المدفعية والطائرات الإسرائيلية بقصف صابرا وشاتيلا ـ رغم خلو المخيم من السلاح والمسلحين
ـ وأحكمت حصار مداخل المخيم الذي كان خالياً من الأسلحة تماماً ولا يشغله سوى اللاجئين
الفلسطينيين والمدنيين اللبنانيين العزل، وأدخلت هذه القوات مقاتلي الكتائب المتعطشين
لسفك الدماء بعد اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل، واستمر تنفيذ المذبحة على مدى
أكثر من يوم كامل تحت سمع وبصر القادة والجنود الإسرائيليين، وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلية
التي تحيط بالمخيم تعمل على توفير إمدادات الذخيرة والغذاء لمقاتلي الكتائب الذين نفَّذوا
المذبحة.
وبينما استمرت المذبحة طوال يوم الجمعة وصباح يوم
السبت أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي إرييل شارون وزير الدفاع في حكومة
مناحم بيجين، ليبلغه بوقوع المذبحة في صابرا وشاتيلا فأجابه شارون ببرود "عام
سعيد"، وفيما بعد وقف بيجين أمام الكنيست ليعلن باستهانة "جوييم قتلوا جوييم...
فماذا نفعل؟" أي "غرباء قتلوا غرباء... فماذا نفعل؟".
ولقد اعترف تقرير لجنة كاهان الإسرائيلية بمسؤولية
بيجين وأعضاء حكومته وقادة جيشه عن هذه المذبحة استناداً إلى اتخاذهم قرار دخول قوات
الكتائب إلى صبرا وشاتيلا ومساعدتهم هذه القوات على دخول المخيم، إلا أن اللجنة اكتفت
بتحميل النخبة الصهيونية الإسرائيلية المسؤولية غير المباشرة، واكتفت بطلب إقالة شارون
وعدم التمديد لروفائيل إيتان رئيس الأركان بعد انتهاء مدة خدمته في أبريل 1983.
ولكن مسؤولاً بالأسطول الأمريكي الذي كان راسياً
قبالة بيروت أكد (في تقرير مرفق إلى البنتاجون تسرب إلى خارجها) المسؤولية المباشرة
للنخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتساءل: "إذا لم تكن هذه هي جرائم الحرب،
فما الذي يكون؟"، وللأسف فإن هذا التقرير لم يحظ باهتمام مماثل لتقرير لجنة كاهان،
رغم أن الضابط الأمريكي ويُدعَى وستون بيرنيت قد سجل بدقة وساعة بساعة ملابسات وتفاصيل
المذبحة والاجتماعات المكثفة التي دارت بين قادة الكتائب المنفذين المباشرين لها (إيلي
حبيقة على نحو خاص) وكبار القادة والسياسيين الإسرائيليين للإعداد لها.
ولقد راح ضحية مذبحة صبرا وشاتيلا 1500 شهيد من
الفلسطينيين واللبنانيين العزل بينهم الأطفال والنساء، كما تركت قوات الكتائب وراءها
مئات من أشباه الأحياء، كما تعرَّضت بعض النساء للاغتصاب المتكرر، ووقعت المذبحة في
غيبة السلاح والمقاتلين عن المخيم وفي ظل الالتزامات الأمريكية المشددة بحماية الفلسطينيين
وحلفائهم اللبنانيين من المدنيين العزل بعد خروج المقاومة من لبنان.
وكانت مذبحة صبرا وشاتيلا تهدف إلى تحقيق هدفين:
الأول الإجهاز على معنويات الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين، والثاني المساهمة في تأجيج
نيران العداوات الطائفية بين اللبنانيين أنفسهم.
المصدر: ماريان سعيد - الوطن