عين الحلوة: أمن هشّ وحذَر
الأربعاء، 20 حزيران، 2012
شهد الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة هدوءاً حذراً أمس، وسط حال من الترقب وشد الأعصاب عاشها الأهالي بعد الأحداث التي أسفرت عن مصرع الفلسطيني خالد محمد اليوسف (20 عاما) وإصابة ستة آخرين، بجراح إضافة إلى إصابة ثلاثة جنود من الجيش اللبناني بجراح مختلفة. وعمَّ الإضراب العام أرجاء المخيم، بما فيها المؤسسات التابعة لـ«الأونروا»، وذلك بدعوة من لجنة المتابعة للقوى والفصائل الفلسطينية استنكارا لما جرى. وعمدت مجموعات فلسطينية إلى إحراق الإطارات المطاطية عند مداخل المخيم، وبالقرب من حواجز قوات الأمن الفلسطينية. وواصل الجيش اللبناني المنتشر على مداخل المخيم تسيير أمور الفلسطينيين الذين حاولوا الخروج من المخيم كالمعتاد، في حين أعاد الجيش ترميم الدشمة التي تم إحراقها من قبل مجموعات شبابية فلسطينية غاضبة عند الحاجز التحتاني، في محلة التعمير.
وما زال إطلاق النار الغزير الذي استخدم في حادثة عين الحلوة أمس الأول، والذي سمع صداه في أرجاء صيدا محور تساؤلات أمنية لبنانية وفلسطينية، بعدما تنصلت منه جميع القوى في المخيم التي نفت مسؤولياتها عن إطلاق النار، وكذلك الأمر بالنسبة للجيش اللبناني الذي نفى بشكل قاطع ذلك، حيث يؤكد مصدر عسكري أن «الجيش لم يطلق رصاصة واحدة، بالرغم مما تعرض له من استفزازات قاسية وهجمات بالحجارة، وإحراق إحدى الدشم العائدة له وبقي محافظاً على عدم الرد». وتؤكد مصادر فلسطينية في المخيم أن «طرفاً ثالثاً دخل على خط الإشكال في عين الحلوة. وهو من أطلق النار على الجيش وعلى المخيم من أجل جرّ المخيم والجيش إلى اشتباكات عنيفة»، مؤكدة أن ذلك الطرف هو الذي «تسبب بمقتل الشاب الفلسطيني خالد محمد اليوسف وليس الجيش اللبناني، ولا مخيم عين الحلوة». وحذرت المصادر من «وجود مخطط للإيقاع بين الجيش وعين الحلوة. وأن ما حصل قد يكون سيناريو لما هو آت على المنطقة».
إلى ذلك أكد مصدر لبناني نجاة «المخيم وصيدا من فتنة لبنانية فلسطينية أعد لها بإتقان، وذلك من خلال ما حصل على حاجز الجيش اللبناني الموجود عند مدخل المخيم التحتاني لجهة محلة التعمير حيث تقيم عائلات لبنانية في معظمها من صيدا. وذلك عندما انتصرت مجموعات شبابية لبنانية للجيش اللبناني، لا سيما بعد إحراق الدشمة وراحت تضرب المجموعات الفلسطينية التي تقدمت باتجاه الحاجز بالحجارة من أجل ردعها، ومنع تقدمها إلى الحاجز. كما أن الفلسطينيين ردوا على اللبنانيين بالمثل. وكادت المواجهات تتطور لتصبح لبنانية فلسطينية بين أبناء المخيم، ومحلة التعمير، وحتى أن عددا من الاصوات في المخيم اتهم شباناً من التعمير بإطلاق الرصاص من بيوتهم باتجاه عين الحلوة، وهذا ما نفاه بشدة أهالي التعمير».
وقد شيّع اليوسف عصر أمس، من «مسجد الفاروق» في المخيم، ودفن في مقبرة درب السيم. وتخلل التشييع سد بشري قوي من قبل «لجنة المتابعة» و«قوات الأمن الوطني»، بين حاجز الجيش عند مدخل المخيم في درب السيم وبين المقبرة في آخر المخيم. وذلك لمنع أي اقتراب لأي فلسطيني خلال التشييع من حاجز الجيش. وتمنى والد اليوسف «أن تأخذ العدالة مجراها». وقال: «إبني قتل بإطلاق نار، وليس في مشكل فردي ولا بآلة حادة. ولم يكن يحمل سلاحاً، ذنبه أنه أراد التضامن مع البارد»، مضيفاً «من أطلق النار على ابني ليس الجيش، بل أناس مشبوهون من خارج الجيش من أجل توريطه بقتال مع المخيم».
وفي المواقف، رأى الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد أن «هناك من يريد الإيقاع بين الجيش اللبناني ومخيم عين الحلوة، ويخطط لإحداث فتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين»، مشدداً على أن «المخطط يهدف إلى نشر الفوضى وإثارة الفتن وترعاه الدول الاستعمارية والأنظمة العربية التابعة لها، ويهدف إلى تعميم ما يجري في سوريا على لبنان تسهيلاً للتدخل الدولي المباشر في أوضاع البلدين». وأجرى سعد سلسلة من الاتصالات بهدف تطويق ذيول الأحداث في عين الحلوة، وتداول في الأوضاع مع الرئيس نبيه بري عبر اتصال هاتفي.
بدورها، تابعت النائبة بهية الحريري التطورات، وأجرت اتصالات بجهات لبنانية وفلسطينية. ودعت إلى «إعادة ترتيب وتحصين العلاقة بين المخيمات والجيش اللبناني منعاً لاختراق وضرب هذه العلاقة». وناشد رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري «الفلسطينيين وجوب توخي الحذر وعدم الانجرار وراء عمليات التحريض التي يقوم بها البعض، وعدم معالجة نتائج أحداث نهر البارد بأسلوبٍ انفعالي». ودعا المسؤول السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» في الجنوب بسام حمود «الجميع إلى التعاطي بمسؤولية عالية مع ما يجري من أحداث حرصاً على العلاقات اللبنانية الفلسطينية».
المصدر: محمد صالح - السفير