القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

«عين الحلوة».. سباق بين تثبيت التهدئة وعودة التفجير

«عين الحلوة».. سباق بين تثبيت التهدئة وعودة التفجير


الخميس، 27 آب، 2015

لم يخرج مخيم عين الحلوة بعد من دائرة احتمالات عودة التفجير اليه وان كانت هذه الاحتمالات تراجعت بعض الشيء جراء عوامل عدة طرأت وعززت اجواء التهدئة، انصبت جميعها في خانة تثبيت وقف اطلاق النار والمباشرة بمعالجة تداعيات الأحداث الأخيرة من مختلف جوانبها. واول هذه العوامل مرور قطوع تشييع ضحيتي الاشتباكات من دون تسجيل اية تفاعلات امنية ، وما سبق ورافق واعقب التشييع من حراك سياسي امني من قبل اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا التي حاولت قدر الامكان الاستفادة من الهدوء الذي اتاحه صمود وقف اطلاق النار من اجل تحديد ووضع الأسس التي يمكن ان يبنى عليها تثبيت هذا الهدوء وجعله دائما، فبدأت بخطوات عملية بهذا الاتجاه. ورفد ذلك حراك شعبي من قبل هيئات المجتمع المدني التي اطلقت صرخة وانذارا للمعنيين بأنها لن تسمح بتكرار ما جرى.

وعلمت «المستقبل« في هذا السياق، ان القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية في المخيم كانت خلال الساعات الأربع والعشرين التي اعقبت وقف اطلاق النار، في سباق مع احتمالات عودة التفجير، وذلك من اجل تحقيق اي تقدم باتجاه تعزيز الاستقرار وازالة اسباب التوتر، خاصة وان الوضع الأمني في المخيم بقي عرضة للإهتزاز في اية لحظة وبقي يسجل ظهور لمسلحين من الطرفين، فتح وجند الشام، خلف دشم وفي مواقعهم داخل بعض الأحياء ولا سيما في المحاور المتقابلة، ما دفع باللجنة الأمنية العليا الى المسارعة للطلب الى الطرفين سحب المسلحين .

وبحسب اوساط فلسطينية مواكبة لاجتماعات ما بعد وقف اطلاق النار، فان الخطوة التالية ستكون استحداث نقاط ثابتة للقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة عند المحاور الساخنة والتي تعتبر خطوط تماس ونقاط احتكاك بين الطرفين مثل «مفترق حي الصفصاف، عكبر، طيطبا، الطيري- مركز الصاعقة- مفرق السوق ومدخل الطوارئ «. على ان يلي ذلك تباعا بدء اعادة ترتيب وتنظيم للقوة الأمنية المشتركة تمهيدا لإعادة نشرها وتموضعها في معظم الأحياء في المخيم .

وعلم في هذا الاطار انه من بين الأمور التي طرحت لنزع اسباب التوتر من المخيم تحديد من هم الأشخاص الذين يفتعلون تلك التوترات من كل الأطراف ووضع تصور لكيفية التعاطي معهم ، وانه جرى في احد الاجتماعات التي عقدت امس استعراض لبعض الأسماء «الموتورة « لدى كل طرف وتعهد كل من هؤلاء الأطراف ضبط اصحاب هذه الأسماء وتوقيفه في حال اقدم على عمل من شأنه توتير الوضع .

وتضع الأوساط نفسها كل هذه التدابير والاجراءات في خانة العلاج لوضع المخيم الذي بات أشبه بمريض في غرفة العناية الفائقة ، وذلك لتجنب وصوله الى مرحلة لا ينفعه معها الا «آخر الدواء».

العلاقة بين فتح والعصبة

الى ذلك، وبعد الفتور الذي شاب العلاقة بين حركة فتح وعصبة الأنصار من جراء الاشتباكات الأخيرة واصطدام عناصر الطرفين ببعضهما في حي الطوارئ والصفصاف، علمت «المستقبل« ان هناك مساعي تبذل حاليا لعقد اجتماع مشترك محصور بقيادتي فتح والعصبة يكون بمثابة لقاء مصارحة تطرح خلاله كل القضايا بوضوح على الطاولة، لتحديد مكامن الخلل في العلاقة بين الجانبين ومعالجة ذيول الأحداث الأخيرة وانعكاسها عليهما، وللخروج بآلية مشتركة من شأنها تعزيز الاستقرار في المخيم .

وفي السياق نفسه، نفى مصدر مسؤول في حركة فتح ما تردد من معلومات عن استقدام فتح لتعزيزات بشرية من مخيمات اخرى الى مخيم عين الحلوة استعدادا لجولة جديدة من الاشتباكات. وقال هذا المصدر ان فتح ليست بحاجة لمزيد من المقاتلين في عين الحلوة، وانه بعد وقف اطلاق النار، نحن بحاجة اكثر الى تنظيم وترتيب وتقوية القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة لتمسك بزمام الأمن في المخيم.

صدمة وحسرة

كيف بدا الوضع في مخيم عين الحلوة غداة وقف اطلاق النار ؟

الهدوء الحذر الذي شهده المخيم بعد وقف اطلاق النار ظهر الثلاثاء ورغم بعض الخروقات الصغيرة التي سجلت ليلا وظهر الأربعاء ، اتاح للعديد من العائلات الخروج لتفقد الأضرار التي لحقت ببيوتهم وممتلكاتهم وبالأحياء التي كانت مسرحا للإشتباكات . فكانت صدمة ممزوجة بالحسرة من جراء ما فوجئوا به من حجم الأضرار والخراب ومن ضياع جنى العمر. منازل اخترقها الرصاص واحرقتها القنابل، وشوارع غطتها مظاريف الرصاص وشظايا القذائف بالاضافة الى احتراق عدد كبير من السيارات وتضرر شبكتي المياه والكهرباء.

الحركة في شوارع المخيم بدت مشلولة نسبيا حتى في الأحياء التي لم تطلها المعارك. والدشم التي تمترس خلفها المسلحون خلال الاشتباكات لا زالت على حالها ، والاستنفار مستمر لكن ضمن المراكز الأمنية التي انكفأوا اليها ضمن الأحياء. ثمة شعور لدى كثير ممن التقيناهم بأن الهدوء الذي يشهده المخيم حاليا هو هدوء ما قبل عاصفة امنية اكبر مقبلة عليه ، ذلك ان اسباب الاشتباكات التي اندلعت لم تعالج من اساسها وبالتالي احتمالات تجددها واردة في اي لحظة، بحسب هؤلاء .

هيئات المجتمع: العصيان المدني

يبدي أبناء المخيم امتعاضا كبيرا مما جرى ومما وصفوه بـ»مؤامرة تدمير المخيم وتهجيره« مطالبين القوى الفلسطينية بأن تضع مصلحة المخيم واهله ومصلحة قضية اللاجئين فوق كل اعتبار في اي قرار تتخذه بشأن الوضع الأمني في عين الحلوة .

هيئات المجتمع المدني بمن فيها الحراك الشبابي والمبادرة الشعبية وتجار السوق لوحوا باعلان العصيان المدني في حال لم تنجح القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية بفرض الامن والاستقرار في المخيم في وقت قصير. والتقى وفد من هؤلاء اعضاء اللجنة الامنية الفلسطينية العليا وقائد القوة الامنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح ، وابلغوهم رسالة حاسمة بأن صبرنا على الاشتباكات والتوتير قد نفد، محذرين من كارثة اقتصادية تحل بالمخيم جراء ما يجري.

وجرى الاتفاق على ان تتحمل اللجنة العليا مسؤولياتها الأمنية والوطنية، وان تتعاون معها هيئات المجتمع المدني بتشكيل لجان مشتركة منها في مختلف القواطع والأحياء لكشف اي مخل بالأمن وعزله ولفظه من قبل المجتمع المحلي .

وشيع عصر الأربعاء جثمانا ضحيتي الاشتباكات الأخيرة الضابط الفتحاوي فادي خضير والعنصر في فتح علاء عثمان من دون تسجيل اية اشكالات تذكر تزامنا مع التشييع حيث ووري جثمان خضير الثرى في مقبرة درب السيم جنوبي المخيم ودفن عثمان في مقبرة صيدا الجديدة في سيروب .

وليلاً تعرضت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة لاطلاق نار من قِبَل مسلحين مجهولين في محلة بستان القدس ما أدى إلى إصابة العنصر في القوة رضوان عبدالرحيم بجروح خطرة نقل على اثرها الى مركز لبيب الطبي وما لبث أن فارق الحياة.

وشهد المخيم على الاثر حالة استنفار في صفوف القوة الامنية، واطلاق نار في الهواء احتجاجاً.

الجماعة الاسلامية

الوضع في عين الحلوة كان محور جولة لوفد من الجماعة الاسلامية تقدمه مسؤولها السياسي في الجنوب بسام حمود على عدد من قادة الاجهزة الامنية والعسكرية حيث التقى رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي العميد سمير شحادة ومدير مكتب مخابرات الجيش في صيدا العميد ممدوح صعب ورئيس فرع معلومات الأمن العام في الجنوب المقدم علي حطيط ومدير مكتب شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في صيدا النقيب فؤاد رمضان .

وبحسب بيان صادر عن الجماعة فقد نوه بسام حمود بالالتزام التام بوقف اطلاق النار في المخيم، داعياً الجميع الى تغليب لغة العقل والحوار في مقاربة كل القضايا الخلافية ومعالجة كل التطورات السياسية والامنية بالتواصل وتقديم المصلحة الوطنية العليا على كل ما عداها في ظل اقرار الجميع ان هناك من يسعى لمشروع فتنة للمخيم للقضاء عليه وعلى رمزيته كعاصمة للشتات الفلسطيني وحق العودة.

وفي السياق نفسه، ترأس محافظ الجنوب منصور ضو في سراي صيدا الحكومي اجتماعا لهيئة ادارة الكوارث في الجنوب للبحث في سبل اتخاذ تدابير لوجستية واغاثية احترازية تحسبا لأي طارئ على صعيد الوضع في المخيم.

المصدر: المستقبل