القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عين الحلوة: عائلة صالح ترفض "ذلّ المساعدات".. وتعود إلى درعا

غياب الحد الأدنى من الإغاثة عن الفلسطينيين النازحين إلى المخيمات
عين الحلوة: عائلة صالح ترفض "ذلّ المساعدات".. وتعود إلى درعا
 

الأربعاء، 19 أيلول، 2012

فضلت عائلة صالح الفلسطينية، الهاربة من جحيم الاقتتال من منطقة درعا السورية، العودة مجددا إليها، بالرغم من الظروف المأساوية هناك، على العيش بمذلة في مخيم عين الحلوة، حيث نزحت بسبب التقصير والإهمال الذي عانته، وعدم مد يد العون والمساعدة لها لتعيش بكرامة. وعائلة صالح المؤلفة من ستة أفراد تعتبر من العائلات الأولى، التي عادت إلى سوريا من مخيمات لبنان، رافضة النزوح وشكله ومرارته. وقد أجرت تلك العائلة اتصالات هاتفية من درعا بـ "اللجان الشعبية"، وبأقاربها في مخيم عين الحلوة أمس، اعلنت عن وصولها سالمة إلى منازلها.

ويبدو أن الظروف الحياتية الصعبة التي يعيش تحت وطأتها النازحون الفلسطينيون من سوريا إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، باتت تهدد بعودة العديد من العائلات الفلسطينية النازحة إلى سوريا. والسبب دائما ضعف إمكانيات العائلات المضيفة، وعدم قدرة الفصائل الفلسطينية، وهيئات المجتمع المدني في المخيمات على تأمين مقومات العيش بكل تفاصيلها للعائلات النازحة، والبطالة المستشرية في المخيمات، ناهيك عن تقصير "الأونروا"، و"منظمة التحرير الفلسطينية" بصفتها ممثلة الشعب الفلسطيني، وعجز الدولة المضيفة.

مصادر اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، أكدت أن أكثر من عائلة تفكر بالعودة إلى سوريا كما فعلت عائلة صالح، بالرغم من الأحداث الدائرة فيها، على أن تعيش في لبنان نازحة، لا تمتلك الحد الأدنى من مقومات الحياة اللائقة، وحتى في ظل غياب الحد الأدنى من المساعدات اللازمة للعيش. وهناك خشية لدى تلك العائلات من أن تتحول إلى متسولة على أبواب المنازل لإطعام أفراد أسرها. تضيف المصادر "حتى وكالة الغوث، التي تعتبر مسؤولة عن إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، ومنهم النازحون، لم تقدم لهم الحد الأدنى من المساعدة لتسهم في تخفيف معاناتهم كما هي منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اللبنانية. وأمام كل هذه التعقيدات باتت العائلة النازحة تشعر بالإهانة والمذلة ووضعت نفسها أمام خيارين احلاهما مر فاختارت المجازفة والعودة إلى سوريا والعيش فيها بكرامة، ولا العيش في لبنان تحت نار ذل وإهانة التسول رغم وجود الأمان".

عائلة صالح المكونة من الزوج أحمد، والزوجة انيسة، وأربعة أطفال، كانت قد وصلت إلى لبنان في بداية آب الماضي. وقصدت عين الحلوة، حيث يقطن أقرباء لها. وتؤكد أنيسة أن "أهلنا هنا، استقبلونا بكل محبة وعاطفة. وكنا نتأمل ألا تطول إقامتنا في عين الحلوة. وعشنا على أمل أن نعود بعد أيام قليلة وأن تنتهي الأحداث في سوريا". تضيف "نحن نعلم أن الجميع في عين الحلوة يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة، وبالرغم من ذلك لم يشعرني أحد من عائلتي هنا في المخيم بتلك الأوضاع. لكننا بتنا نعيش كفاف يومنا مع أولادي وزوجي وعلى أمل أن تقدم لنا الأونروا والجهات المعنية المساعدات اللازمة لنعيش حياة لائقة لحين عودتنا. لكن بكل أسف الجميع تخلى عنا، فقد قدمت لنا بعض المساعدات الفردية وليست من جهات رسمية". وتسأل: "لماذا أهملونا إلى هذا الحد، ويجري التمييز بين النازح الفلسطيني من سوريا والنازح السوري بالرغم من أننا جميعاً هاربون من الأحداث؟". وتتابع "أمام هذا الواقع بدأنا نشعر بالذل والإهانة هنا، فلا طعام يكفي ولا مسكن لأننا ننام عند أهلي والبيت غرفة واحدة ولا يتسع لنا جميعا، فماذا نفعل مع حلول فصل الشتاء فهل سنبقى على السطح؟". واتخذت العائلة القرار الصعب "لأجل كرامتي لأعيش أنا وأولادي في سوريا بعدما تخلى عنا الجميع ولم يساعدنا أحد حتى نبقى هنا".

مسؤول الشؤون الاجتماعية في اللجان الشعبية في مخيمات صيدا، ومسؤول ملف النازحين الفلسطينيين فؤاد عثمان، يشير إلى أنه طرح على عائلة صالح تأجيل المغادرة لحين استقرار الوضع في سوريا. فكان الرد من أنيسة "هل أنتم قادرون على مساعدتنا بالحد الأدنى للعيش بكرامة دون التسول؟". يقول: "أجبتها بكل صراحة لا أستطيع التعهد لك بذلك. وابلغتها أن القضية ليست قضية عائلة واحدة فهناك مئات العائلات النازحة، والعديد منهم بات يعمل من أجل تهيئة ظروف المغادرة والعودة إلى سوريا بسبب إهمال وتقصير الأونروا، أولاً، ومنظمة التحرير الفلسطينية ثانيا، والدولة اللبنانية ثالثاً".

ويشدد عثمان على أن "الإهمال والتقصير لم يطل تلك العائلة فقط، بل طال معظم العائلات النازحة من سوريا إلى المخيمات، ونحن كلجان شعبية نحمل الأونروا المسؤولية الكاملة عن التقصير بحق النازحين الفلسطينيين. بالرغم من ملاحقتنا الدائمة للأونروا لتأمين المساعدات اللازمة لكنها غير آبهة بنا وبالنازحين ضاربة بعرض الحائط كل المطالب المحقة والعادلة لهم وحتى أنها لم تكلف نفسها عناء البحث عن إيجاد الموارد المالية من الدول المانحة والاتحاد الأوروبي بهدف مساعدتهم".

ويلفت عثمان إلى أن "منظمة التحرير الفلسطينية تعتبر نفسها أيضا غير معنية بأوضاع النازحين الفلسطينيين من سوريا، لذلك لم تكلف نفسها الحد الأدنى من القيام بواجبها، حتى الدولة اللبنانية باتت تزيد الظلم عليهم من خلال فرض التكاليف المالية على الإقامة والمغادرة. لذلك قررنا في اللجان الشعبية تصعيد التحرك الجماهيري ضد الأونروا إلى الذروة، حتى تقوم بواجبها الإنساني. كما أننا سنتحرك مطالبين منظمة التحرير بالقيام بواجبها وعدم تخليها عن أهلنا النازحين من سوريا". وأعلن عثمان أن "اللجان الشعبية رفعت مطالبها إلى الجهات المعنية بإغاثة النازحين، والتي تتلخص بإيجاد سكن لائق لهم بأقصى سرعة، واعتماد توزيع المساعدات بشكل دائم واعتماد تعميم واضح وصريح حول الاستشفاء من دون الالتفاف على القوانين ومعالجتهم أسوة بالفلسطينيين في لبنان"، محذراً من أنه "مع بدء فصل الشتاء فإن الأوضاع لن تعود محمولة وستصبح الأزمة أكبر بكثير مناشدا جميع المعنيين والأونروا، بشكل رئيسي، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والدولة اللبنانية، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني للقيام بواجبها الإنساني قبل فوات الأوان وتفاقم الأزمة".

المصدر: محمد صالح - السفير