عين الحلوة وإرث 2015 الأمني
الخميس، 31 كانون الأول، 2015
بقيت ساعة مخيم عين الحلوة في سنة
2015 مضبوطة على التوقيت الأمني فكان له خلال العام اكثر من محطة أمنية مع تفجير
من هنا واغتيال من هناك واشتباك من هنالك.. واذا كانت جولتا الاشتباكات اللتين
شهدهما المخيم خلال شهر آب كانتا الأعنف والأكثر دموية فيه منذ سنوات، فان العام
2015 اجمالا كان عام الاغتيالات بامتياز والتي كادت ان تسقط بها خطوط حمر داخل
المخيم او مع الجوار، وبقيت معالجة تداعيات تلك الأحداث معلقة لعدم تمكن الأطر
الفلسطينية المشتركة ولجان التحقيق المنبثقة عنها من استكمال التحقيقات حتى
النهاية.
اغتيالات
ورث كانون الثاني من الشهر الذي سبقه
تداعيات قضية لجوء المطلوبين شادي المولوي واسامة منصور الى مخيم عين الحلوة مع
ترافق ذلك من معلومات عن ارتباط تفجيري جبل محسن بمطلوبين متوارين داخل المخيم،
الذي شهد بالتوازي ومنذ مطلع العام ايضا سلسلة اغتيالات طالت مسؤولين وعناصر في
فتح وتنظيمات اخرى من بينهم عناصر في سرايا المقاومة التابعة لحزب الله او
متعاونين معها. فسجل في كانون الثاني اغتيال الفلسطيني السوري ابراهيم الجنداوي ثم
الفلسطيني عيسى فارس. وفي آذار تصفية الفتحاوي خالد رحال الشهير بـ"خالد
السوري". وكاد اغتيال اللبناني مروان عيسى في نيسان ان يشعل فتنة بين المخيم
وجواره لولا مسارعة القوة الأمنية المشتركة وبغطاء سياسي من كافة الأفرقاء في
المخيم لكشف وتوقيف تاجري سلاح بارزين ثبت تورطهما في هذه الجريمة تم تسليمهما الى
السلطات اللبنانية. واستمرت الاغتيالات فصولا في ايار باغتيال الفلسطيني مجاهد
بلعوس.
احداث طيطبا والزيب
وفي اول ايام شهر رمضان المبارك،
اشعل اشكال فردي صغير اشتباكات عنيفة بين ما سمي بـ» مجموعة المقدسي "وبين
احدى مجموعات "فتح" وهو ما اطلق عليه لاحقا اسم احداث حي طيطبا. موقعة
قتيلين وعددا كبيرا من الجرحى وحركة نزوح واضرار جسيمة. لتنتقل عدوى هذه الأحداث
لاحقا الى حي الزيب بمزيد من الاصابات. وفي تموز عاد مسلسل الاغتيالات بقوة
مستهدفا هذه المرة وفي وضح النهار قائد كتيبة شهداء شاتيلا في حركة "فتح"
العقيد طلال البلاونة الشهير بـ»الأردني» وابن شقيقه في محاولة جديدة لإشعال فتيل
التفجير في المخيم. ولم تمض ايام على هذه الجريمة حتى شهد المخيم تبادلا كثيفا
لإطلاق النار بين "فتح" و"جند الشام" اسفر عن قتل فلسطينيين
واصابة سبعة آخرين، وهو ما سمي بعملية "رد الاعتبار" انتقاما لمقتل
الأردني.
اشتباكات الصيف
في آب شهد المخيم اشتباكات عنيفة بين
"فتح" و"جند الشام" اسفرت عن سقوط قتيلين وجرح 18 آخرين وذلك
على اثر تعرض المسؤول الفتحاوي العميد سعيد العرموشي (قائد كتيبة أبو حسن سلامة)
لمحاولة اغتيال. واتسعت رقعة الاشتباكات لأول مرة منذ سنوات لتشمل معظم احياء
المخيم وتلامس منطقة التعمير اللبنانية، وتلحق اضرارا جسيمة في الممتلكات وتدفع
بمئات العائلات الى جوار المخيم وصيدا لتمضي ليالي خارجه. ولم يصمد وقف لإطلاق
النار بمساع فلسطينية ولبنانية، فتجددت الاشتباكات حاصدة في جولتها الثانية 3 قتلى
ونحو 30 جريحا الى ان نجحت المساعي الفلسطينية واللبنانية مدعومة بضغط شعبي
فلسطيني في فرض وقف دائم لإطلاق النار، عززه لاحقا الانشغال الفلسطيني بمتابعة
ومؤازرة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في القدس بتحركات ولقاءات اعادت تصويب وجهة
البوصلة نحو القضية المركزية.
حاضر في ملفات!
طوال العام 2015، ورد اسم مخيم عين الحلوة
في العديد من الأحداث والملفات الأمنية والقضائية التي شهدتها الساحة اللبنانية
بدءا من قضية المولوي ومنصور، مرورا برصد وملاحقة وتوقيف بعض مناصري احمد الأسير
وانتهاء بتداعيات توقيفه شخصيا، وكذلك في تداعيات توقيف بعض المطلوبين في قضايا
ارهابية كان ابرزهم توقيف المديرية العامة للأمن العام في تشرين الأول الماضي
ثلاثة فلسطينيين أحدهم المسؤول الشرعي لتنظيم "داعش" في "عين
الحلوة "ويدعى "ج. ك.».وما رافق هذا التوقيف من اعترافات خطيرة.
وتقدمت الى الواجهة خلال العام اكثر
من مبادرة فلسطينية انطلقت من القوى الاسلامية في المخيم من اجل التوصل الى اتفاق
مبادئ يحرّم الاقتتال الداخلي وعمليات الاغتيال بكل اشكالها وتولت "عصبة
الأنصار" تسويق هذه المبادرة مرتين بلقاءات مع "تجمع الشباب المسلم"،
لكن هذه المبادرة بقيت في مربعها الأول ولم تترجم الى ميثاق شرف مكتوب وموقّع من
الجميع.
نموذج لباقي المخيمات!
بعد تفجيري برج البراجنة وما اظهرته
التحقيقات عن مرور بعض المنفذين بمخيم البرج، شكل مخيم عين الحلوة نموذجا قابلا
لأن يحتذى به في باقي المخيمات لجهة امكانية تعميم تجربة القوة الأمنية الفلسطينية
المشتركة لمنع أي اختراق للمخيمات او عبرها للداخل اللبناني.. وترى اوساط فلسطينية
ان مخيم عين الحلوة سيبقى خلال العام 2016 تحت تأثير الارث الأمني الثقيل لسلفه
2015 هذا اذا لم تطرأ وتستجد احداث امنية جديدة تغطي على سابقاتها، او تتفرع
منها.. الى جانب استمرار الهم المعيشي الذي تمثل خلال العام المنتهي بتداعيات
الأزمة المالية التي عصفت بوكالة "الأونروا" وانعكست على عمل وتقديمات
الوكالة ولا سيما في المجال التربوي وكادت تعطل العام الدراسي في مدراسها، وعلى
مساعداتها للنازحين الفلسطينيين من سوريا. ودفع الهمان الأمني والمعيشي والقلق على
المصير بكثير من الأفراد والعائلات من ابناء المخيم وقاطنيه لطلب الحياة الكريمة
ولو في اقاصي الأرض فلجأوا الى الهجرة غير الشرعية الى اوروبا عبر اجتياز اعالي
البحار مجازفين بحياتهم وحياة اسرهم.
المصدر: رأفت نعيم - المستقبل