فتح «فتحان» في عين الحلوة: دحلان vs أبو مازن

الثلاثاء،
30 كانون الأول، 2014
تُعِدّ حركة «فتح» و«اللينو»، كل على حدة، لإضاءة
شعلتين في احتفالين متزامنين يقامان في مخيم عين الحلوة غداً في ذكرى انطلاقة
الحركة. احتفالان يخشى أهالي المخيم تداعياتهما، في ظل التجاذب المستمر بين الحركة
الفلسطينية وضابطها المجمدة عضويته..
المسافة ليست بعيدة بين البراكسات وصفوريه في
مخيم عين الحلوة الذي لا تزيد مساحته على كيلومتر واحد. لكن الدعوتين المنفصلتين
لاحتفالين متزامنين، غداً، لإضاءة الشعلة في ذكرى انطلاقة فتح، ستجعلان من الحيين
ولايتين مستقلتين بل معاديتين، رغم أنهما سيرفعان معاً رايات الحركة وصور الرئيس
ياسر عرفات.
في مقر قوات الأمن الوطني الفلسطيني في البراكسات
عند المدخل الشمالي للمخيم، لا يحتاج الفتحاويون إلى كثير من التدريب والإعداد
للاحتفال المركزي الذي تدعو إليه الحركة ومنظمة التحرير والسفارة الفلسطينية في
المناسبة كل عام. البرنامج بات عادة فولكلورية؛ خطابات لممثلي الحركة وفصائل
المنظمة ثم إضاءة الشعلة. لكن التحضيرات في صفوريه تختلف. الرايات الصفراء ترتفع
على جانبي الشارع المؤدي إلى مقر العميد محمود عيسى «اللينو» في الحي. الضابط
المجمدة عضويته منذ أكثر من عام، دعا الى إضاءة شعلة فتحاوية خاصة به، على غرار
دعوته الأولى العام الفائت التي أعقبت بيانه الانقلابي ضد سياسة الرئيس محمود
عباس. زحمة شبان واتصالات وزوار تكشف عن احتفال مغاير.
أصرّ «اللينو» على
إلقاء خطاب لن يخلو من مهاجمة أبو مازن لا ينوي
«اللينو» إضاءة شعلة «فتح»، بل قوات العاصفة التي يرفض تصنيفها حركة تمرد وانشقاق،
لكنها «حركة اعتراضية إصلاحية مقاومة ضد التفاوض مع العدو الإسرائيلي». لكن من
يرضى بالشعلة الاعتراضية؟
انقلبت المرجعيات اللبنانية المعنية بالملف
الفلسطيني على «اللينو» بعد بيانه الانقلابي. قبل عام، سلّت أيديها من احتفال
العاصفة الذي نظمه في وجه «الشرعية» وتبرّأت من المئتي عنصر الذين ساروا في
استعراض عسكري ببزاتهم وسلاحهم الكامل. هذا العام، جهّز خمسمئة عسكري يؤلفون قوات
وشبيبة العاصفة سيسيرون غداً في استعراض صفوريه. هؤلاء، بحسب قائدهم، ليسوا عناصر
فتحاوية انشقت، بل «شبان تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً تمت تعبئتهم وتدريبهم
وتسليحهم». ويتوقع مشاركة عشرات المناصرين من المخيمات ومن إقليم الحركة في
الأردن.
خلال الأشهر الماضية، كان «اللينو» يشكّل جيشه
الخاص في المخيم المنشغل بـ»فوبيا» الإرهابيين. فهل استطاع فعل ذلك من دون رضى أو
تنسيق مع المرجعيات اللبنانية، خصوصاً أن هؤلاء لن ينتهي دورهم بانتهاء الاحتفال؟
إذ يؤكد «اللينو» أنهم «سيتوزعون على أنحاء المخيم ويصبحون عاملاً مساعداً للقوة
الأمنية المشتركة في ضبط الأمن الاجتماعي ومكافحة المخدرات والجريمة وجمع
المعلومات الأمنية». ولكن، هل توافق قيادة القوة على التعاون مع عناصر مؤتمرين من
ضابط مفصول؟ يؤكد أن التعاون والتنسيق «قائمان بالفعل لأننا نريد قوة أمنية قوية».
في مكتب «اللينو»، اجتمع مسؤولون في الفصائل
الفلسطينية ومشايخ في القوى الإسلامية. جزم أحد المشايخ بأن ما يحكى عن استهداف
للاحتفالين من المجموعات المتشددة في المخيم هو لبثّ الفتنة داخل الحركة و»ليس
أكثر من شائعات يروّج لها المتضررون من احتفال اللينو».
لا يخفي الأخير ثأراً شخصياً في مشروعه. منذ
أشهر، ينتظر يوم غد ليردّ على اتهام «أبو مازن» له، على الهواء مباشرة، بالتجسس
على المقاومة في لبنان لمصلحة إسرائيل ثم تجميد عضويته. بعيداً عن الثأر، يلمّح
إلى مباركة ضمنية من المرجعيات اللبنانية التي استفادت من قوته في وجه الإسلاميين
والمتشددين في وقت سابق، وتحتاج إليها حالياً. تلك القوة والحاضنة الشعبية
والعسكرية وإقامته مع عائلته في المخيم، يجدها حصانة تسمح له على سبيل المثال برفض
عرض قائد قوات الأمن الوطني اللواء صبحي أبو عرب بتوحيد الاحتفالين والدعوة الى
احتفال واحد في البراكسات يضيء خلاله «اللينو» الشعلة، فيما تكون الكلمة لأمين سر
الحركة فتحي أبو العردات. أصرّ «اللينو» على إلقاء خطاب لن يخلو من مهاجمة أبو
مازن.
لم تكن معاندته مفاجئة، إذ يتهمه كثيرون
بالارتباط بالقيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان وليس بقيادتها في لبنان، ما درّ
عليه أموالاً طائلة استخدمها في تنفيذ مشاريع خدماتية وتوزيع مساعدات وأدوية في
عين الحلوة وسواه بالتعاون مع زوجة دحلان، جليلة، التي تزور مخيمات لبنان مطلع
الشهر المقبل. لا يبدو «اللينو» مضطراً إلى الدفاع عن ارتباطه هذا، إذ إن احتساب
دحلان على الحلف الإماراتي ضد الإخوان المسلمين، وما يتردد عن تقاربه مع النظام
السوري وتنسيقه مع النظام المصري وتواصله مع حركة حماس، يوفر على «اللينو» الكثير
من التبريرات.
لكن تلك الحسابات الإقليمية لا تعني قيادة فتح في
لبنان. أبو العردات المتكلم الوحيد في احتفال البراكسات، يختصر موقفه من شعلة
«اللينو» في حديثه إلى «الأخبار» بأن «هناك برنامج احتفالات واحداً ومركزياً، ولا
يوجد بالنسبة إلينا شيء اسمه انطلاقتان أو إضاءة شعلتين. فتح واحدة وقرارها مركزي
واحد. اللينو ضابط مفصول من الحركة، والاحتفال الذي سيلتزم به أبناء فتح وأجهزتها
وكافة الفصائل ومنظمة التحرير هو إضاءة الشعلة المركزية».
المصدر: آمال خليل - الأخبار