فتح متحمسة للحسم في عين الحلوة... والريبة
من حماس

الجمعة، 28 نيسان، 2017
مع الرشق الناري الاول الذي شرَّع الباب
لاشتباكات عنيفة استمرت لستة ايام، كان السؤال الذي طُرِح بقوة،.. «هل دقت ساعة الحسم»؟، من دون ان
يُسأل... على اي توقيت؟، في اشارة «خبيثة» الى لاعبين محليين واقليميين ودوليين في
معركة مخيم عين الحلوة، بين اندلعت التي مقاتلين من حركة «فتح» وبعض فصائل القوة الامنية الفلسطينية من جهة، ومقاتلين
من جماعات اسلامية متشددة متهمة بالتورط في عمليات ارهابية والوقوف وراء مسلسل طويل
من الاغتيالات التي استهدفت قياديين وكوادر في حركة «فتح» في السنوات العشر الماضية.
ما يجري اليوم في الملف الامني المتأزم
في مخيم عين الحلوة، اقرب الى السباق بين جهود التهدئة واستعادة الهدوء والاستقرار
الى المخيم، وبين المزيد من التعقيد الذي بات يهدد بالانفجار الكبير الذي جرى تأجيله
في معركة السابع من نيسان، وتتكرر معزوفة تفعيل دور القوة الامنية الفلسطينية المشتركة
وتعزيز انتشارها، علما ان بلال بدر الذي سبق لمجموعاته المسلحة ان اجهضت خطة انتشار
القوة الامنية، والتي على اثره اندلعت الاشتباكات الواسعة، عاد واشترط، بعد توقف الاشتباكات،
بان يقتصر الانتشار على عناصر القوى الاسلامية التي تنتمي الى «عصبة الانصار الاسلامية»
و«الحركة الاسلامية المجاهدة» وحركة «حماس»، وهو ما تم في خطة الانتشار.
نار تحت الرماد ..أو فوقها
«نار فوق الرماد»، هو الوصف الذي يمكن ان
يطلق على مخيم عين الحلوة، بعد ان اعادت المجموعات الاسلامية المتطرفة التي يقودها
بلال بدر، تعزيز مربعها الامني في حي حطين، فيما عمدت الجماعات والتنظيمات الاسلامية
المتطرفة الاخرى اخذ الاجراءات التي تقيها ضربات عسكرية مفاجئة، وتجربة حي حطين لجهة
عدم نية القوى والفصائل الفلسطينية الحسم العسكري معه، وبالتالي، فقد عملت على تعزيز
وجودها في بعض النقاط داخل مربعاتها الامنية، ليكون وجودها داخل المربع محصنا..فلا
بلال بدر غادر المخيم، ولا الجماعات المتطرفة في الاحياء الاخرى انكفأت، فيما طغى ملف
الخسائر المادية الجسيمة التي الحقتها الاشتباكات بالمنازل والمؤسسات والمتاجر والمؤسسات
التربوية والصحية، على ما عداه من اهتمامات، من دون ان تتوضح الصورة التي سيرسو عليها
المخيم من الناحية الامنية.
سكان المخيم الذين غزتهم موجات الهلع والخوف
والقلق، واصابت النيران بعضهم، ودفعت بالبعض الآخر للنزوح، ما زالوا قلقين من جولة
جديدة من المعارك، طالما انهم لم يتلمسوا ما يدعو للاستقرار الامني داخل المخيم، فالمربعات
الامنية اقفلت اكثر ، وباحكام، والمجموعات
المسلحة تنتشر في بعض الاحياء، وحال الحذر والترقب والترصد تسود في مختلف الازقة
والزواريب، في حي حطين، المعروف بـ «المربع الامني» للجماعات الاسلامية المتطرفة، تنتشر فيه قوة امنية فلسطينية، تضم عناصر من حركة
«حماس» وعصبة الانصار الاسلامية، بناء لرغبة بلال بدر الذي اشترط عدم تواجد اي عنصر
لحركة «فتح»، وان يقتصر الانتشار على عناصر القوى الاسلامية في المخيم، ..لقد تحول
المخيم الى ساحة متفجرة، في حالة انتظار دائم،
لموعد جديد... لجولة جديدة.
الجمهور الفتحاوي... الى الحسم
الجمهور الفتحاوي في مخيم عين الحلوة، متحمس
للحسم العسكري، وهو لا يُخفي عتبه على القيادة السياسية التي دخلت في مفاوضات مع الجماعات
الارهابية في المخيم، واستجابت للضغوط التي مارستها قوى متعاطفة مع الجماعات المتطرفة،
فكانت «مهلة الساعات الست»، لكن «العصب الفتحاوي» ارتفع منسوب حماسه، بعد الاتهامات
التي طاولت قياداتها بـ «التقاعس والعجز» في المعركة العسكرية مع جماعة بلال بدر، في
وقت شهد الشارع الرئيسي للمخيم حركة اعتصامات متنقلة لـ «الفتحاويين»، وشاركهم فيها سكان حي البراكسات، دعما لمن اكد اصراره على الحسم
العسكري مع الجماعات المتطرفة المتمركزة في
حي الطيري ..والابتعاد عن المفاوضات، ..وهم قائد الامن الوطني الفلسطيني في المخيمات
الفلسطينية في لبنان اللواء صبحي ابو عرب، وأحد ابرز قادة حركة «فتح» «العرموشي» والقيادي
السابق في حركة «فتح» محمود عبد الحميد عيسى المقلب بـ «اللينو» وهو احد ابرز المنضوين
في الحركة «الاصلاحية» التي يقودها القيادي السابق في حركة «فتح» محمد دحلان.
يهمس بعض جمهور حركة «فتح» في المخيم، بما
يسميه «تعاطف» حركة «حماس» مع المجموعات الاسلامية المتطرفة في حي حطين، وينظر هؤلاء
بعين الريبة لاحدى مؤسساتها الاسعافية التي كانت تتحرك في احياء المخيم خلال الاشتباكات
المسلحة، ويقول احدهم ..تجربة «حماس» في مخيم اليرموك في سوريا كانت غير مشجعة، والحسابات
الاقليمية المتعلقة بالحرب على سوريا وصراع حكومتها في قطاع غزة، مع حركة «فتح» والسلطة
الفلسطينية في رام الله، وضغوطاتها مع قوى اخرى، لوقف الاشتباك التي كانت تميل عسكريا
لمصلحة حركة «فتح»، كلها مؤشرات تشير الى مصلحة «حماس» في اضعاف حركة «فتح»، لكن الاخطر،
بالمقابل، ان تنامي الجماعات التكفيرية داخل المخيم يحمل الكثير من التداعيات على الامن
اللبناني، وهو ما لا يمكن ان يتحمله المخيم ولا السلطة اللبنانية، في ظل ما يدور في
المنطقة من حروب و«غزوات» ارهابية، فجماعة بلال بدر هي جماعة ارهابية، وليست جماعة
«ارتكبت خطأ» في اطلاق النار على القوة المشتركة، وفق ما وصفت بيانات «حماس» خلال الاشتباكات.
سكان المخيم بين وجع الخسائر..و«تكاثر»
جمعيات «الاغاثة»
بعد الخروج من كوما الاشتباكات المسلحة
التي دارت على مدى ستة ايام، يغرق اللاجئون الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة، في «طوشة»
اعادة بناء المنازل التي دمرتها الاشتباكات دخل سكان المخيم، وسط «اسهال انساني» اصاب
بعض رجال الاعمال وكبار المتمولين الفلسطينيين، بالتزامن مع «تكاثر» الجمعيات والمؤسسات
«الانسانية» التي راحت تجمع التبرعات تحت لافتة التعويض على المتضررين»، ليطلوا على
جرح المخيم من خلال تقديم فتات لا تليق بشعب يتعرض كل هذه المعاناة المتنوعة، ويتوارثها
جيلا بعد جيل، على مرأى ومسمع العالم واممه المنشغلة برسم خارطة الحروب والمجازر التي
تطال البشرية في بقع كثيرة ملتهبة بالنار.
على وسائل التواصل الاجتماعي، ينشط فلسطينيون لاطلاق
«بشرى» عن نية احدهم بالتبرع بمبلغ مئتي دولار لكل بيت تضرر جراء الاشتباكات في المخيم،
ثم ينبري احد الفاعليات الصيداوية ليقول، وفي عز الاشتباكات، على الفلسطينيين ان ينتبهوا،
انه في حال استمر الاشتباك، فلم يعد هناك مكان لاستقبال النازحين من المخيم، حيث تشير
احصائية عن مسح اولي، اجرته مؤسسات تعنى بالمخيمات الفلسطينية في لبنان، عن تضرر
577منزلاً و141 متجراً ومؤسسة و 57 عائلة غير
قادرة على الرجوع الى منزلها، ويشكو سكان الاحياء المتضررة من الاشتباكات، من غياب
اي خطة لاي جهة كانت، لاعادة بناء المنازل التي تضررت او تدمرت، على الرغم من ان الهم
الاول عندهم، توفير الضمانات لعدم تكرار حصول اشتباكات، وبسبب هذا الهاجس... غابت المبادرات
المتعلقة باعادة الاعمار، يظن عدد من اصحاب المنازل المتضررة... «الناس هنا بحاجة لضمانات
بعدم عودة الاشتباكات... قبل الحديث عن الاعمار»، لان الخوف ما زال قائما لديهم...
في هذه الحال، لا احد سيعيد بناء منزله او متجره... بانتظار هذه الضمانات .
المصدر: جاد صعب - الديار