في موقف لافت ومثير،
طالعنا الوزير اللبناني السابق، سجعان قزي، في صحيفة "الجمهورية"
الصادرة صباح اليوم الإثنين، برد على دعوة الرئيس الأميركي بتوطين النازحين
"في الدول القريبة من بلدانهم"!..
في مقاله، دعا قزي الدولة اللبنانية
لمراجعة "كل سياساتها المتبعة حيال اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين
دون خجل وحرج".. مقترحاً على الدولة خطة من ثلاثة بنود هي: أولاً: إعلان
"حالة طواريء" ضد التوطينين، الفلسطيني والسوري...
ثانياً: أنْ يُقدِّمَ لبنان إلى
جامعةِ الدولِ العربيّة والأممِ المتّحدةِ ومجلسِ الأمنِ الدوليّ مشروعين: أحدُهما
يتعلّق بإعادةِ انتشارِ اللاجئين الفلسطينيّين على دولٍ عربيّةٍ وأجنبيّةٍ قادرةٍ
على استيعابِهم وتأمينِ الحياةِ الكريمةِ لهم. والآخَرُ يتعلّق بإرجاعِ النازحين
السوريّين فوراً إلى بلادهم.
ثالثاً: أنْ تُعطيَ الحكومةُ
اللبنانيّة المجتمعَ الدوليَّ مدّةَ ثلاثةِ أشهرٍ لتنظيمِ قوافلِ عودةِ السوريّين،
وإلا قامت هي بالمُهمّةِ، وقد تدرَّبت جيّداً على ذلك مع النُصرةِ وداعش. وواثقٌ
أن الحكومةُ السوريّةُ لن تردَّ شعبَها العائدَ والمُعاد.
اللافت أن الوزير قزي يتعامل مع
اللاجئين والنازحين بمنطقين متناقضين ومثيرين لعلامات استفهام كبرى.. فهو من جهة
يدعو ويصر على إرجاع "النازحين السوريين فوراً إلى بلادهم"... وينادي،
من جهة أخرى، بتشريد "اللاجئين الفلسطينيين"، باسم "الوطنية
والإنسانية"!!...
فلماذا لا يدعو قزي ويصر ويحدد سقفا
زمنياً لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم؟ كما فعل مع النازحين السوريين
(خلال ثلاثة أشهر)؟
ولماذا يتبرع الوزير بالدعوة
"لتشريد اللاجئين الفلسطينيين" على دولٍ عربيّةٍ وأجنبيّةٍ قادرةٍ على
استيعابِهم وتأمينِ الحياةِ الكريمةِ لهم؟
ألا يعتبر موقف قزي هذا خروجاً على
موقف الدولة اللبنانية، ومواقف رئيس الجمهورية، و"مبادرة بيروت العربية"
(2002) التي تربط رفض التوطين بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والتي
يجمع عليها اللبنانيون وجامعة الدول العربية التي يستنجد بها الوزير قزي؟
ولمصلحة من تاتي الدعوة لتشريد
الفلسطينيين بعيداً عن بلدهم الأصلي؟..
ألا يصب هذا الطرح في المصلحة
"الإسرائيلية" الخالصة لجهة تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وبالتالي
إسقاط حق عودة اللاجئين إلى ديارهم؟..
ولماذا لا يدعو الوزير قزي ويمارس كل
"ضغوطه" على أصدقائه في الإدارة الأميركية ودول الغرب "الذين يحبون
لبنان"، لإعادة اللاجئين الفلسطينيين، بنفس القوة التي يدعو فيها لعودة
النازحين؟
ألا يعيدنا هذا الطرح المسيء للبنان
وشعبه وحكومته وسلمه الأهلي إلى أوهام "العصر الإسرائيلي"، والعمل بوعي
أو "بدون وعي" لتصفية قضية اللاجئين، وإسقاط حق عودة اللاجئين
الفلسطينيين إلى ديارهم؟
ألم يحن الوقت للابتعاد عن تبني
المواقف "الإسرائيلية" ذاتها إزاء كل ما يتعلق بقضية اللاجئين؟!
والجدير بالذكر، أن دعوة قزي العلنية،
ومن على صفحات جريدة الجمهورية، تأتي في وقت أعلن فيه نتنياهو عن جهود يبذلها لشطب
وكالة "الأونروا"..!
رفض التوطين محل إجماع لبناني
وفلسطيني مشترك. لكنه لا يبرر الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين!
حبذا لو استخدم الوزير قزي المعيار
ذاته إزاء كل اللاجئين والنازحين... أن يعودوا إلى ديارهم.. أم أن الكلام لا
يستقيم إذا كان العدو الصهيوني طرفاً في المعادلة؟!