«كامبجي».. منصة
رقمية لنقل صوت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

الإثنين، 13 أيار، 2019
بمهارة وإتقان، تقف الصحفية الفلسطينية فاطمة عبد الجواد
وراء الكاميرا، تختار زاوية مناسبة للقطاتها، وتتأكد من الإعدادات والإضاءة والألوان،
وتبدأ طرح الأسئلة على ضيفها شاعر الزجل الفلسطيني محمد قادرية، لتنتج تقريرا مصورا
ليس لبثه على إحدى القنوات التلفزيونية، بل لنشره على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن
منصة تسمى "كامبجي".
تختار فاطمة صور تقريرها بعناية، وتحاول تعديل مستوى
الصوت ليتناسب مع الصورة، فهي تحرص على أن تنتج تقريرا يضاهي التقارير التي تبث على
القنوات التلفزيونية وبإمكانيات بسيطة. فاطمة تعمل مع "كامبجي"، وهي منصة
إعلامية مستقلة تدار من قبل صحافيين شباب في مخيمات اللاجئين في لبنان.
تصف فاطمة تجربتها بالجديدة والنوعية وبأنها فرصة لنقل
قصص اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان للناس من منظور مختلف، وتقول "من بين
مجموعة المنصات الرقمية التي تُعنى باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وجدت أن كامبجي
تقدم إضافة نوعية للخدمات الإعلامية المتحرّرة من القوالب التقليدية، وتستخدم قوالب
جديدة تتميز بقصر مدتها وحجم من الإبهار البصري في عرضها للمعلومة".
وتضيف "اخترت قصة الشاعر قادرية لأسلط الضوء على
التجارب الفنية الإيجابية في المخيمات، فقلّما نسمع زجلا فلسطينيا في هذه الأيام، ومن
الواضح أن شعراء الزجل الفلسطينيين لم يحظوا بالدعم المادي والمعنوي، وخوفا من اندثار
هذا الفن ارتأيت أن أنجز هذا التقرير".
يسعى الشباب الفلسطيني في مخيمات لبنان لاستخدام الإعلام
الرقمي من أجل تسليط الضوء على التجارب الإيجابية داخل المخيمات الفلسطينية، فكانت
منصة "كامبجي" (المستوحاة من الكلمة الإنجليزية
"Camp" أي المخيم) التي جاءت لتلون الفكرة
السوداوية المأخوذة عن المخيم الفلسطيني بحسب القائمين عليها، فمن خلال هذا المشروع،
صار للمخيم صوت ومنبر على مواقع التواصل الاجتماعي يعبر عن ذاته وأفكاره وأخباره.
تقول فاطمة "أن تكون صحافيا يعني أن تكون مخلصا
للناس، أن تكون حارسا لذاكرتهم، وأن تنقل قصصهم وعواطفهم الحقيقية بصدق، ليترك ذلك
أثرا في نفوس الناس، وأن تحدث تغييرا في مجتمع محدد من دون أن تكون مجردا من إنسانيتك
وألا تتخطى القيم الأخلاقية لمهنة الصحافة".
وتردف "أضع ذلك نصب عيني خلال تأدية دوري كمراسلة
صحافية في هذه المنصة، وأطمح لأن أحقق ذاتي بشكل متكامل، دون حدود وعوائق كالتي عرفتها
طوال 26 عاما من عمري، كلاجئة".
وتهدف المنصة إلى إعلاء صوت الشباب الفلسطيني وإظهار
مواهبه المدفونة بين أزقة المخيم، وتسعى أيضا إلى خلق منبر إعلامي للمخيمات الفلسطينية،
ليس فقط ليكون صوت المخيم للخارج، وإنما ليكون منبرا إعلاميا للمخيم بحد ذاته، يتناول
جميع مواضيعه ومشاكله بالإضافة إلى تغطية قصصه المختلفة، كما يعرض في ذات الوقت أحلامهم
ونجاحاتهم والتحديات التي يواجهونها يوميا.
يقول السينمائي هشام كايد -أحد القائمين على المنصة-
"كامبجي هي صوت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهي نقل لصوت الناس ومعاناتهم
وقضاياهم وقصصهم الإيجابية والملهمة للآخرين، وتغيير للصورة النمطية المأخوذة عن المخيمات
في لبنان".
ويضيف كايد "ما يميز هذه المنصة هو أنها أول منصة
رقمية تعنى بقضايا المخيمات في لبنان، وتتضمن فريقا شبابيا محترفا من مختلف الأعمار
والخلفيات".
وبشأن فريق العمل، فإنه يتألف من 17 شابا موزعين على
مختلف المخيمات الفلسطينية، ويعملون ضمن نظام عمل متقدم بحسب كايد. وتبث كامبجي موضوعات
متنوعة تتراوح بين البرامج الثقافية والفنية والاجتماعية والمقتطفات الترفيهية المصورة
والتقارير الإخبارية الطويلة والمقابلات حول موضوعات مختلفة.
ويشرف على المنصة مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية/الجنى
في بيروت، ويقدم له الدعم المادي والتدريب الصحفي، لكن ككل مشروع غير ربحي فإنه يواجه
بعض التحديات والصعوبات وأبرزها المادية، إذ يعتمد على الدعم المالي من بعض المؤسسات
التي تعنى باللاجئين.
يقول كايد "نسعى إلى تخطي الصعوبات التي تواجهنا،
كما نهدف إلى نقل تجربة كامبجي إلى جميع مخيمات لبنان وخارج لبنان مثل فلسطين والأردن
وسوريا، نحن نعمل على ذلك".
وتلقى المنصة تفاعلا كبيرا من قبل أهالي المخيمات الذين
يستقبلون فريق عمل "كامبجي" برحابة صدر، معبرين عن مدى أهمية هذه المنصات
في إظهار صوت المخيم الحقيقي للعالم.
المصدر : الجزيرة