«كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»
الخميس، 20 أيلول، 2012
في العام 1999، طرح الراحل ستيفانو كاريني (إيطاليا) فكرة تخليد ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا. خاف كاريني، الذي عمل لفترة طويلة مراسلاً في الشرق الأوسط لجريدة «منافستو» الإيطالية اليسارية، وأثناء تجواله في مخيم شاتيلا، أن تختفي المجزرة، مع مرور الزمن، من ذاكرة الناس، فلاحت فكرة القيام سنوياً بإحياء الذكرى. حينها قام بالتنسيق مع رئيس تحرير «السفــير» الزميل طلال سلمان ورئيس «المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية» قاسم عينا، بتفعيل هذه الفكرة على أرض الواقع، فأبصرت لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» النور.
في العام 2000 جاء أول وفد من إيطاليا في ذكرى المجزرة، ضم عشرات الناشطين والصحافيين. كان ستيفانو يترأس الوفد ويجول به المخيمات الفلسطينية. في العام 2007، توقف قلب كاريني وهو في العقد الخامس من العمر. إلا أن القلب الذي يضخ في شرايين العالم كله أجمل المشاعر في حب فلسطين المحتلة لم يمت. فاللجنة ما زالت مستمرة، والمشروع يتواصل. كل هذا بسبب وجود امراة مناضلة قررت أن لا تقتل الحلم الفلسطيني، والامل الذي زرعه كاريني في قلوب أهالي الضحايا المنسيين. إنها المناضلة أنطونيتا كاريني. ومعها أخذ المشروع يحظى بشهرة بين المدافعين عن القضية الفلسطينية، وانضم إلى الوفد ناشطون من دول الاتحاد الأوروبي والأمريكيتين وآسيا، وكانت المشاركة قبل ذلك تقتصر على الإيطاليين.
ربما يتساءل البعض كيف يمكن لصاحبة هذا الشعر الأبيض أن تستمر حتى الساعة بمشروع شقيقها؟ تضحك أمام السؤال وهي جالسة في كرسي مدولب، اضطرت إلى استعماله لأيام بعدما تعرضت لوعكة صحية. فالمرأة ما زالت قوية وقادرة على تحمل المسؤولية.
أبصرت كاريني النور في روما، لعائلة متواضعة. وبعد عشرين عاماً ولد شقيقها ستيفانو. كان الفتى المدلل بالنسبة إليها. ولطالما كان صديق دربها. وأحبت فلسطين من خلال كتاباته. آمنت بالشعب الفلسطيني وقضيته من خلال دفاعه عنهما.
تخرجت انطونيتا من جامعة روما، وعملت لفترة طويلة مدرّسة في إحدى المدارس الإيطالية. لكن المعلمة اضطرت إلى التخلي عن مهنتها ووظيفتها بعد رحيل شقيقها ستيفانو.
في العام 2007، برز اسم أنطونيتا بعدما زارت لبنان. جاءت لتطمئن اللاجئين إلى أنها ستكمل المشوار. وهي التي وعدت شقيقها بمتابعة المسيرة الإنسانية التي أطلقها. وتؤكد أنها تملك الحماسة ذاتها التي كان يشعر بها شقيقها تجاه القضية الفلسطينية. أما أمنيتها فهي التمتع بالقدرة على حل الخلافات الفلسطينية. وتلك كانت أمنية ستيفانو.
لم تتعب أنطونيتا بعد. وتجزم أنها لن تتعب «ما دام الجرح ينزف في صبرا وشاتيلا وفلسطين ولبنان، وفي قلب كل إنسان يحلم بتحقيق العدالة في أكبر جريمة في حق الإنسانية». وتؤكد أنها لن تستريح إذا لم تحضر كل عام إلى لبنان في ذكرى المجزرة مع الوفد، لـ«تعبئة الرأي العام الايطالي تضامناً مع الشعب الفلسطيني». ببساطة، تستمدّ أنطونيتا قوتها من الكوفية الفلسطينية التي تمسكها بيدها ولا تتخلى عنها. هي الكوفية التي كانت رفيقة ستيفانو طوال حياته. وهي الكوفية التي ستدافع عنها أنطونيتا من خلال الوفد الذي يكبر ويزيد مشاركةً سنة بعد أخرى.
المؤتمر الصحافي
في اليوم الثالث لزيارة وفد «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» وإحياء الذكرى في لبنان، عقد الوفد مؤتمراً صحافياً أمس في «نقابة الصحافة»، بحضور نقيب الصحافة محمد البعلبكي، والزميل سلمان، إضافة إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني.
اعتبر بعلبكي أن «المجزرة تاريخ لا يمكن أن يغيب عن الذاكرة، لا سيما بالنسبة إلى الظروف التي وقعت بها وعدد الشهداء الذين استشهدوا على مذبح العدوان الإسرائيلي في تلك الأيام».
وأثنت منسقة الحملة ستيفاني ليمتي على ما دعا إليه بعلبكي، وهو «وحدة الفلسطينيين». وقالت: «هذا ما نعتبره جزءا من نضالنا كمتضامنين، نحتاج إلى وحدة الشعب الفلسطيني وهي أمر مهم جداً ومطلبنا جميعاً». وطالبت ليمتي الحكومة اللبنانية بإقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتأمين حياة كريمة لهم، كأي إنسان عادي يملك حقوق المواطنية.
وتوجه سلمان إلى الوفود الاجنبية بالقول: «نشعر بالعز، كلما جئتمونا ولكننا في الوقت نفسه نشعر بشيء من الخجل، أنكم تتركون حياتكم وأعمالكم وعائلاتكم وتأتون إلينا لتحيوا بالنيابة عنا ذكرى المجزرة». وأسف لأن «أهل السياسة في لبنان مشغولون بقضايا أهم بكثير من قضية فلسطين، ومنها التحايل على ميزانية الدولة ليزيدوا من مرتباتهم».
المصدر: زينة برجاوي – السفير
مفكرة
- تزور حملة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» اليوم ضريح شهداء مجزرة قانا، وتضع إكليلاً من الورد.
- تلبي دعوة «مؤسسة أطفال بيت الصمود» إلى الغداء في مخيم البص، وتزور مخيم البرج الشمالي (صور).
- تشارك في حفل فني تقيمه «فرقة الصمــود للفنون الشعبية». |