القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

ماذا تعني أزمة «الأونروا» للاجئين الفلسطينيين خارج غزة؟


السبت، 10 شباط، 2024

يزيد احتمالُ أن تضطر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إلى وقف خدماتها بنهاية فبراير (شباط)، حالة اليأس بمخيمات اللاجئين في أنحاء الشرق الأوسط، حيث مثّلت الوكالة شريان حياة للملايين لفترة طويلة.

ويثير هذا الاحتمال أيضاً قلقاً في دول عربية تستضيف لاجئين ولا تملك الموارد اللازمة لسدّ الفجوة وتخشى أن يؤدي أي وقف لخدمات «الأونروا» إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتعيش «الأونروا»، التي تقدم الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات، أزمة كبيرة منذ أن قالت "إسرائيل” إن 12 من موظفي الوكالة البالغ عددهم 13 ألفاً في غزة شاركوا في الهجوم الذي قادته «حماس» على "إسرائيل” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مما تسبَّب في اندلاع الحرب بالقطاع. ودفع ذلك مانحين لتعليق تمويل الوكالة.

وتأمل «الأونروا» أن يراجع هؤلاء المانحون قرارهم بمجرد نشر تقرير أولي حول هذه المزاعم في الأسابيع القليلة المقبلة.

وتتجاوز أهمية «الأونروا» بالنسبة للفلسطينيين مجرد الحصول على الخدمات الحيوية، فهم ينظرون إلى وجودها على أنه يرتبط بالحفاظ على حقوقهم بصفتهم لاجئين، وخصوصاً أملهم في العودة إلى ديارهم التي فرّوا أو طُردوا منها هم أو أسلافهم خلال الحرب التي صاحبت قيام "إسرائيل” في عام 1948.

وفي مخيم برج البراجنة على مشارف بيروت، قالت رغدة العربجي إنها تعتمد على «الأونروا» في تعليم اثنين من أطفالها وتغطية الفواتير الطبية لطفل ثالث يعاني مشكلة في العين.

وقالت رغدة (44 عاماً): «عندي مثلاً ولدان بالمدرسة، أنا لا بادفع كتب، ما بادفع قرطاسية، وما بادفع رسم تسجيل وقسط مدرسة ما بادفع. وباستفيد من الأونروا كطبابة... هلا إذا ما في أونروا هذا كله أنا ما باقدر عليه أعمله».

وأضافت أن الوكالة دفعت أيضاً تكاليف علاج السرطان لزوجها الراحل الذي تُوفي قبل خمسة أشهر.

وقالت رغدة إن برج البراجنة؛ وهو عبارة عن منطقة سكنية مكونة من مبان يُرثى لها وشوارع ضيقة، يعتمد على «الأونروا» بطرق شتى تشمل برامج تقدِّم 20 دولاراً يومياً للعمال، وهو دخل مهم للاجئين الممنوعين من الحصول على كثير من الوظائف في لبنان.

ووصفت الوضع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون في لبنان قائلة: «إحنا ميتين وإحنا عايشين».

وناشدت المانحين مواصلة تمويل «الأونروا»: «ما تقتلوا فينا الأمل، أنا في أشياء كتير باشوفها صعبة صعبة»

حق العودة

أُسست وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى «الأونروا» في عام 1949 لتقديم الخدمات الحيوية للاجئين.

وتقدِّم الوكالة الخدمات حالياً لنحو 5.9 مليون فلسطيني في جميع أنحاء المنطقة. ويلتحق بمدارسها أكثر من نصف مليون طفل، وتستقبل عياداتها أكثر من سبعة ملايين زيارة، كل عام، وفق موقع «الأونروا» الإلكتروني.

وقالت جولييت توما، مديرة التواصل بـ«الأونروا»، في مقابلة مع «رويترز»: «الدور الذي لعبته هذه الوكالة في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين أساسيّ».

وقالت «الأونروا» إنه إذا صحّت الاتهامات الموجّهة لموظفيها الاثني عشر، فإنها تمثل خيانة لقيم الأمم المتحدة والأشخاص الذين تخدمهم.

وأسفر الهجوم الذي قادته «حماس» عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز 240 آخرين، وفقاً لإحصائيات إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، أدى هجوم إسرائيلي إلى مقتل أكثر من 27 ألف شخص في غزة، وفق مسؤولي الصحة في قطاع غزة الذي تديره «حماس».

وتريد "إسرائيل” وقف عمل «الأونروا».

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوم 31 يناير (كانون الثاني): «إنها تسعى إلى الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين. يجب أن نستبدل بالأونروا وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، ووكالات مساعدات أخرى، إذا أردنا حل مشكلة غزة وفق ما نخطط».

وفي الأردن، نظّم فلسطينيون احتجاجات ضد أي خطوة من هذا القبيل، ورُفعت لافتات خلال احتجاج نُظّم في الثاني من فبراير (شباط) في عمان عليها شعار «تدمير الأونروا لن يمرّ... نعم لحقّ العودة».

وقال حلمي عقل؛ وهو لاجئ وُلد في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين على مسافة 20 كيلومتراً شمال عمان، إن بطاقته التموينية لدى «الأونروا»، «تثبت أنني وأولادي لاجئون... تحفظ حقي».

«وضع كارثي»

لطالما أيّدت دول عربية تستضيف اللاجئين حق الفلسطينيين في العودة، رافضة أي اقتراح بضرورة إعادة توطينهم في البلدان التي فرّوا إليها عام 1948.

وتثير هذه القضية في لبنان مخاوف قديمة بشأن الطريقة التي يؤثر بها وجود هؤلاء اللاجئين ذوي الأغلبية السنية على التوازن الطائفي في لبنان.

وتقدِّر الأونروا عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بما يصل إلى 250 ألف لاجئ.

وقال هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، إن قرارات دول مانحة بتعليق المساعدات غير عادلة وذات دوافع سياسية، وستكون تداعياتها «كارثية» على الفلسطينيين.

وأضاف، في مقابلة مع «رويترز»: «إذا حدا شاف المخيمات بأي أوضاع، بأوضاع مزرية... إذا منعنا الفلسطيني شو عم بنقوله يعمل، عم بنقوله يروح إلى الموت أو يروح إلى التطرف».

وأضاف أن القرار سيزعزع استقرار اللبنانيين، والفلسطينيين أيضاً، واللاجئين الفارّين من الحرب في سوريا المجاورة.

وفي الأردن، سلّطت أزمة الأونروا الضوء على المخاوف القائمة منذ وقت طويل. ويستضيف الأردن نحو مليونيْ لاجئ فلسطيني مسجل يحمل معظمهم الجنسية الأردنية. ويخشى مسؤولون من أن يؤدي أي تحرك لتفكيك «الأونروا» إلى إضعاف حقهم في العودة، مما ينقل العبء إلى الأردن.

وقالت النرويج؛ وهي إحدى الجهات المانحة التي لم تقطع تمويلها عن الوكالة، إنها متفائلة إلى حد ما بأن بعض البلدان التي أوقفت تمويلها مؤقتاً ستستأنفه، مشيرة إلى أن الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً.

وقالت الولايات المتحدة إن «الأونروا» تحتاج إلى إجراء «تغييرات جوهرية»، قبل أن يستأنف تقديم التمويل إليها.

وعبّر موسى إبراهيم ديراوي؛ وهو لاجئ في برج البراجنة ببيروت، عن خوفه على الأطفال الفلسطينيين إذا اضطرت مدارس «الأونروا» إلى إغلاق أبوابها.

وأضاف: «إنت عم بتساعد بتجهيل جيل كامل. لما انت ما قادر تحط ابنك بمدرسة، بدك تتركه بالشارع، الشارع شو بيربي؟».