القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

محمود عباس يُسمع اللبنانيين ما يريدونه: النأي بالنفس

محمود عباس يُسمع اللبنانيين ما يريدونه: النأي بالنفس


الخميس، 04 تموز، 2013

وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان امس. هذه المرة، زيارته مختلفة عن سابقاتها. لم يأت ابو مازن ليطلب رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي لممثلية منظمة التحرير الى مرتبة سفارة، ولم يأتِ لاستجداء الحقوق المدنية للاجئين في المخيمات. ولم يحضر عباس إلى لبنان للطلب من الدولة اللبنانية التصويت لإعلان فلسطين دولة في مجلس الامن. جاء ابو مازن تلبية لدعوة كان قد وجهها اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في وقت سابق. ولأول مرة تصرفت الدولة اللبنانية مع زيارة ابو مازن على انها زيارة رئيس دولة. وبما ان هذه الزيارة على حساب الدولة اللبنانية، تغير مكان اقامة ابو مازن من الفندق الذي كان ينزل فيه عادة، الى فندق فينيسيا. سيبقى ابو مازن ثلاثة ايام في بيروت، يلتقي خلالها القيادات السياسية، والاحزاب اللبنانية، على ان يكون اليوم الثالث فلسطينياً بامتياز. تولى القصر الجمهوري وضع برنامج زيارة عباس، وتوفير حمايته من مسؤولية الحرس الجمهوري الذي رفض زيارة عباس للمخيمات خوفاً على أمنه!

من جهتها غابت السفارة الفلسطينية عن السمع، وعدد قليل من موظفيها يعرفون تفاصيل زيارة عباس. قبل مجيئه نشرت السفارة على الطرقات صوراً عملاقة لأبو مازن، تشدد على حق العودة وحفظ الأمن والاستقرار في لبنان. كذلك رفعت الأعلام الفلسطينية في محيط مجلس النواب. بالطبع، لم تُرفع تضامناً مع فلسطين، بل تأكيداً لأهمية الزيارة في وقتها الحالي بسبب الاوضاع الامنية التي يمر فيها لبنان وأهمية التزام المخيمات سياسة النأي بالنفس. بعض القيادات الفلسطينية وضعت الزيارة في خانة «قبض ابو مازن ثمن عدم مشاركة مخيم عين الحلوة في احداث صيدا سياسياً». وتقول بعض المصادر الفتحاوية إن الزيارة هدفها «إقليمي أكثر منه محلياً؛ فعباس أراد إطلاع الرئيس سليمان على نتيجة اللقاءات التي عقدها مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري». وقال أمين سر منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات، لـ«الأخبار» إن «الرئيس ابو مازن وضع السياسة العامة للمخيمات، وهي تأكيد النأي بالمخيمات عما يجري في لبنان، وجاءت الزيارة لتأكيد ذلك».

وفي مؤتمر صحافي عقده الرئيسان بعد اجتماعهما في قصر بعبدا، طلب الرئيس سليمان «عدم انزلاق الفلسطينيين الى المشاكل الداخلية اللبنانية، وعدم انزلاقهم الى الازمة السورية». اضاف أن «بعض الفلسطينيين يشتركون في الاشكالات التي تحصل، ولكن بشكل فردي وليس منظماً أو رسمياً». من جهته، اكد ابو مازن «رفض التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد». أما في ما يتعلق بالفزاعة التي تستعمل في لبنان، وهي مسألة التوطين، فقال عباس: «ليس فينا من يؤمن بالتوطين إطلاقاً، ونحن نعوّل على حماية الحكومة اللبنانية لهم ولأمنهم، فوحدة الأراضي اللبنانية وسيادتها هي مسألة مقدسة في نظرنا». أما في ما يتعلق بموضوع السلاح الفلسطيني، فقال: «قرار هذا السلاح بيد رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية. ونحن نطيع كل ما نؤمر به في هذا الموضوع وفي غيره، باعتبارنا ضيوفاً ومقيمين بشكل مؤقت».

بالطبع، يعرف عباس انه لا يستطيع نزع سلاح المخيمات. أكثر ما يمكن فعله هو تنظيمه داخل المخيمات فقط وجعل إمرته خاضعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

يعلم أبو مازن أن السلاح الثقيل موجود خارج المخيمات وخارج سيطرة فصائل منظمة التحرير، وهو في يد فصائل تحالف القوى الفلسطينية، وتحديداً في يد الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة. لذلك سيكون من الصعب على منظمة التحرير إقناع القيادة العامة تسليم سلاحها للدولة اللبنانية. هكذا، رمى ابو مازن كرة السلاح الفلسطيني في الملعب اللبناني، لإدراكه حساسية موضوع السلاح، مخرجاً نفسه من هذا المستنقع. ويقول احد قادة تحالف القوى الفلسطينية إن «قرار نزع السلاح الفلسطيني قرار اقليمي، وهو اكبر من فتح وابو مازن». يضيف: «لذلك، رمى عباس بهذه الكرة في الملعب اللبناني، وهو يعلم ان الرئيس سليمان والحكومة اللبنانية اضعف من اخذ قرار بنزعه». وقالت بعض القيادات الفتحاوية ان ابو مازن «سيبحث كيفية مساعدة النازحين الفلسطينيين الهاربين من سوريا، وتسهيل الدولة اللبنانية ادخالهم».

مساءً، أولم رئيس الجمهورية على شرف عباس، وأعاد الرئيسان تكرار الكلام نفسه الذي قالاه ظهراً. اكد سليمان منع مشاركة المخيمات في الاحداث التي تجري في لبنان، ورفض الدولة ان يكون الحل السلمي على حساب لبنان. ردّ عباس بالكلام نفسه الذي قاله. نحن ضد التوطين والفلسطينيون ضيوف في لبنان والسلاح في المخيمات تحت سلطة الدولة.

يشار الى ان عباس سيلتقي غداً مسؤولي الفصائل الفلسطينية، على ان يبحث معهم موضوع الأمن في المخيمات الفلسطينية والسعي الى تجنيبها الصدامات مع محيطها. اما مسؤولو الفصائل، فسيعيدون على مسامع عباس «تأكيد حق العودة، وخصوصاً أن زيارة كيري المتكررة هدفها الضغط على عباس للتنازل أكثر الى الجانب الاسرائيلي». كذلك سيحاول مسؤولو الفصائل تفعيل عمل الأمن الوطني الفلسطيني الذي قد يضم مختلف الاذرع العسكرية للفصائل.

هكذا، لا جديد في زيارة عباس للبنان. ربما كان توقيتها هو ما يعطيها اهمية، لناحية ضرورة إسماع اللبنانيين صوتاً فلسطينياً رسمياً يقول: «إننا لن نكون مع طرف ضد آخر في لبنان».

المصدر: قاسم قاسم - الأخبار