«مخيّم العائدين» في برج البراجنة: النازحون يشفقون على اللاجئين
الثلاثاء، 25 كانون الأول، 2012
يبدو أن موجات «الهرب من الموت» لم تعد متوقفة على فلسطينيي اليرموك، بل بدأت تطال مخيمات فلسطينية أخرى على الأراضي السورية. سلام نزحت أمس الأول من «مخيم العائدين» في حماه إلى مخيم برج البراجنة في بيروت. أفكارها مبعثرة وأزيز الرصاص والقتل ما زال يدوي في أذنيها. تقول: «في الفترة الأخيرة انفجرت عبوات ناسفة على تخوم المخيم (العائدين). خفت من تفاقم أعمال العنف مثلما حصل في اليرموك».
تقيم سلام وأولادها عند أقارب في برج البراجنة، و«لا نعرف ماذا سنفعل بالضبط»، تقولها بغصة وهي تأمل أن يزاول ابنها وظيفة مؤقتة. تعبّر عن هواجسها. وتنتظر وصول أقاربها في الأيام المقبلة من مخيم العائدين «عددهم 40 شخصاً، لا أعرف كيف وأين سنجد سقفاً يقيمون تحته».
تسعى الحاجة أم محمد، وهي صاحبة المنزل، إلى التخفيف من اضطراب سلام عبر توزيع البسمات وإطلاق النكات بين حين وآخر. «هذه نازحة من الطابق الثاني»، تضحك مشيرةً إلى جارتها. «الله ما يدوقها لحدا»، تتنهّد سلام. «كلنا عرفنا التهجير ياما» تُجيب ابنة النكبة. فتُستحضر ذكريات الأمس من رصاص وقصف وتهجير على ألسنة اللاجئين - النازحين.
من جهتها، استضافت صباح أربع عائلات وفدوا من اليرموك منذ أيام. «حكاياتهم لا تنتهي، حين أسمعهم أشعر أن ما رأيته من أعمال عنف كان مجرد لعب. لا شيء!». تروي قصص العائلات التي استضافتها. صباح امرأة عشرينية نزحت أيضاً من اليرموك إلى برج البراجنة منذ خمسة أشهر بعدما تراجع مدخول زوجها الذي يعمل حداداً.
«حمدالله» بهذه العبارة تجيب حين يتعذّر عليها التعبير عمّا تشعر به. المنزل المؤلف من غرفتين والذي استأجره زوجها لأسرة من ثلاثة أفراد مقابل 225 دولاراً أميركياً أصبح يأوي اليوم 22 شخصاً، بينهم 11 طفلاً، وشخصٌ واحد يزاول عملاً، زوجها.
تحاول متابعة أخبار مخيم اليرموك، ولكن بصعوبة، فلا أحد يسمع أحداً في منزل لم يعد ممكناً التنفس فيه. «لا أعرف شيئاً، لم نستيقظ بعد لنعرف ماذا سنفعل»، تقول والدتها بحرقة، مؤكدةً أنّ العودة إلى اليرموك حالياً أصبحت خارج نطاق التفكير.
صباح أبدت دهشتها ممّا رأته في مخيم برج البراجنة. «كنت أسمع أن ظروف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان صعبة، ولكن لم أتوقع كل هذه المأساة»، تقول مشيرةً إلى سوء البنية التحتية ومشاكل الصرف الصحي والحرمان من الحقوق الأساسية. تضحك مريم ابنة مخيم برج البراجنة وهي تعلّق على كلامها «لم تر شيئاً بعد».
في برج البراجنة وصل عدد العائلات الفلسطينية النازحة من سوريا في الفترة الأخيرة إلى نحو 395 عائلة، بينما مخيم شاتيلا استقبل 240 عائلة ومخيم مار الياس 105 عائلات، وفق أحمد مصطفى أمين سر «اللجان الشعبية» في بيروت. وقد وزعت أمس اللجنة، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات محلية مئتي حصة عينية في مخيم برج البراجنة، قدمتها «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، تحتوي على حرامات وأدوات مطبخية ومواد تنظيف.
مساعدات تضاف إلى أخرى وزعت أو ستوزع في الأيام المقبلة من جهات عدة. إلّا أنّ جهود الإغاثة ما زالت خجولة، وتسير ببطء في موازاة مأساة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم، بالنسبة إلى النازح ومضيفه اللاجئ.
المصدر: السفير - كارول كرباج