مخيم البداوي: ابتعدوا عنا... نحن ممنونون
الجمعة، 24 آب، 2012
وجد فلسطينيّو مخيم البداوي الشمالي أنفسهم أمام عطلة قسرية مددوا فيها عطلة عيد الفطر. فطريقهم نحو طرابلس مقطوعة قبل جسر الملولة، والمداخل الأخرى مسدودة بالنيران على محاور المنكوبين والريفا وصولاً إلى القبة، الأمر الذي جعلهم يندفعون إلى تشديد الحصار على أنفسهم، سواء عبر تعزيز حضور الفصائل الأمني على حاجزي المخيم الرئيسيين، بالإضافة إلى نشر عناصر مراقبة على أي مدخل يمكن أن يعبر من خلاله ولو شخص واحد إلى داخل المخيم.
تكاد عبارة النأي بالنفس لا تجد لها ترجمة حقيقية بالمقدار الذي تلقاه في مخيم البداوي. لم تر الفصائل الفلسطينية في المخيم حاجة إلى تخصيص اجتماع لمناقشة الأوضاع على خلفية الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن فاكتفت الفصائل في اجتماعها الدوري أمس بتأكيد الإجراءات التقليدية المتخذة على مداخل المخيم أسوة بما كان يحدث على مدى جولات الاشتباكات السابقة. وهي «إجراءات احترازية لعدم الزج بالمخيم في ما لا مصلحة لنا به، ويكفي الفلسطينيين ما دفعوه من أثمان وفواتير وضرائب في صراعات لا شأن لهم بها، في مخيمي البارد والبداوي على السواء»، يقول مسؤول الجبهة الديمقراطية في الشمال أركان بدر، الذي تمنى أن «تنتهي المعارك قريباً»، معتبراً أن «وحدة الصف مصدر قوة للبنانيين».
بدوره وصف مسؤول حركة حماس في الشمال جمال شهاب الأوضاع في المخيم بالهادئة رغم بعض «الطراطيش التي أصابت المخيم»، وهي «طبيعية ولا تمثل استهدافاً للمخيم». وأكد نأي المخيم عن الأحداث المندلعة في جواره، وأن بعض الإشاعات التي أثيرت حول المخيم «لا تعدو كونها مجرد صدى للتمحور السياسي المتعلق بأطراف النزاع».وفي السياق نفسه، أوضح مسؤول الإعلام في حركة فتح، مصطفى أبو حرب، أن الفلسطينيين في لبنان اختاروا منذ عام 2008 جانب النأي بالنفس والتزموا عدم التدخل في التجاذبات اللبنانية. وأضاف أبو حرب أنه «كما في كل جولة نقفل مداخل المخيم ونرصد الحركة في داخله، منعاً لزجه تحت لواء أي عصبية طائفية أو مذهبية». ورأى أبو حرب أن المخيم يمثل الطائفة التاسعة عشرة في لبنان، و«نحن لسنا سنّة مع السنّة، ولا شيعة مع الشيعة، ولا علويين مع العلويين»، علماً بأنه في جولات سابقة لحق بالمخيم بعض العتب من جانب أهالي باب التبانة، سواء «باعتبارنا سنّة، أو باعتبار أن أهالي باب التبانة كانوا من مناصري الثورة الفلسطينية في ما مضى». لكن لاحقاً «تفهّم الجميع موقفنا وعدم جهوزيتنا للدخول في أتون الصراع المذهبي اللبناني».
وبينما تزداد المعارك بين التبانة وجبل محسن تماهياً مع الأحداث السورية، وإذا كان الفاصل الزمني بين جولة الاشتباكات الحالية والجولة السابقة قد تخلله نزوح بعض العائلات الفلسطينية هرباً من جحيم المعارك السورية باتجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان ومنها مخيم البداوي، فإن هذا النزوح عزّز مقولة نأي الفلسطيني بنفسه عمّا يجري من أحداث في سوريا كما في لبنان. وأشار المسؤول الإعلامي الفلسطيني إلى أن بعض وسائل الإعلام، مثل سكاي نيوز والمستقبل وغيرهما، حاولت اللعب على وتر النزوح الفلسطيني من سوريا، لكنها لم تجد مرادها، بل وجدت إصراراً من العائلات النازحة على عدم الخوض في ما يجري في سوريا، خصوصاً أن تلك العائلات أدركت كم هي «مغلوبة على أمرها، فلا الهيئة العليا للإغاثة أولتها أي اهتمام ولا الأونروا قدمت لها أي مساعدة». لذلك رأى أبو حرب أن أكثر ما يمكن أن يفعله أبناء المخيم هو استقبال الجرحى، «وإذا لم يأتِ أحد نكون ممنونين». ثم ختم بقوله «إنني رغم اختلافي السياسي مع النظام السوري، لكنني أدرك حجم المؤامرة التي تتعرض لها سوريا».
المصدر: روبير عبد الله - جريدة الأخبار اللبنانية