القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

“مسيرات العودة” تُعيد قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى الأجندة الدولية

"مسيرات العودة” تُعيد قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى الأجندة الدولية


الإثنين، 02 نيسان، 2018

يعتقد محللون سياسيون فلسطينيون أن مسيرات "العودة وكسر الحصار” السلمية التي انطلقت، الجمعة الماضية، على طول المناطق الشرقية الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل، تُعيد طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق "عودتهم” إلى الأراضي التي هُجّروا منها عام 1948، على أجندة السياسة "الدولية والإقليمية والمحلية”.

وفي الوقت الذي تحاول فيه المقاربة الأمريكية الجديدة للقضية الفلسطينية، والتي أطلق عليها بعض المراقبين الدوليين اسم "صفقة القرن”، تصفية قضية اللاجئين ومحاولة تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا”، إلا أن مسيرات العودة قد تمنع ذلك، كما قال المحللون.

ويرى المحللون أن تهميش الأطراف الدولية لقضية اللاجئين الفلسطينيين في الوقت الحالي، يبدو أمراً صعباً؛ في ظل ما يعتقدون أنه نجاح لتلك المسيرات بتوجيه الأنظار الدولية والإقليمية لقضيتهم.

كما أعادت تلك المسيرات، بطرحها قضية "اللاجئين” وحق العودة، فتح أبواب المراحل الأولى من الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي، والتي اعتقدت إسرائيل أنها شارفت على إغلاقها وأنها ستنجح في إنهاء عمل "أونروا”؛ الشاهد الدولي على هجرة الفلسطينيين.

واستقطبت مسيرة العودة، التي انطلقت الجمعة الماضية، أنظار الأطراف الإقليمية العربية والإسلامية، والأطراف الدولية، تجاه قطاع غزة، وقضية "اللاجئين”.

ونددت تلك الأطراف باستهداف الجيش الإسرائيلي بالرصاص الحي، للمتظاهرين الفلسطينيين السلميين الذين شاركوا في تلك المسيرات، لإحياء ذكرى "يوم الأرض” على حدود غزة؛ ما أسفر عن استشهاد 17 فلسطينياً وإصابة المئات.

وقال عدنان أبو عامر، مدرس العلوم السياسية بجامعة الأمة (خاصة) بمدينة غزة، والباحث في الشؤون الإسرائيلية:” لا شك أن مسيرات العودة لديها العديد من الإيجابيات السياسية والميدانية حتى على المدى البعيد، الاستراتيجية”.

وتابع:” أهم تلك الإيجابيات هي إعادة طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين على أجندة السياسة الدولية والإقليمية والمحلية”، خاصة في ظل ما تحضّر له "صفقة القرن”، من إلغاء لقضية اللاجئين، وإعادة طرحها لتوطين اللاجئين وتعويضهم”.

وأعاد مصطلح "العودة”، الذي حملته اسم المسيرات السلمية، تذكير العالم بوجود لاجئين فلسطينيين يُطالبون بالعودة إلى أراضيهم التي هُجّروا منها عام 1948، بحسب أبو عامر.

وظهر مصطلح "حق العودة”، للمرة الأولى عقب "النكبة” التي حلت بالفلسطينيين عام 1948، بعد أن أسفرت سلسلة مذابح ارتكبها العصابات الصهيونية بحق عشرات القرى والمدن الفلسطينية إلى نزوح نحو 800 ألف فلسطيني.

ويعتبر، أبو عامر، تلك المسيرات إعادة طرح لقضية اللاجئين الفلسطينيين على صناع القرار الدوليين، سواء حققت المسيرة الهدف العام منها وهو "تحقيق حق العودة” أو لا.

ما يعني أن الحديث عن إلغاء "أونروا” أو تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين قد يكون صعباً في الفترة الحالية، كما قال.

وتفنّد تلك المسيرات، وفق أبو عامر، الرواية الإسرائيلية الخاصة بها بأن الفلسطينيين قد نسوا قضيتهم، كما تضع إسرائيل في زاوية صعبة، على مستوى الإعلام الدولي.

وأضاف:” المسيرة تؤكد أن القضية الفلسطينية لا زالت حية، وأنها ليست مجرد حصار اقتصادي معيشي، أو مطالب بتوفير الطعام والشراب”.

وعن السلوك الإسرائيلي في تعامله مع المسيرة، يقول أبو عامر إن "هناك تعليمات صارمة للجيش الإسرائيلي بعدم السماح لأي فلسطيني بالاقتراب من خط الهدنة (السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل) أو محاولة اجتيازه”.

في نفس الوقت، نصّت التعليمات على عدم إيقاع خسائر بشرية كبيرة لعدم السماح بإشعال الأوضاع الأمنية والميدانية، على حد قول أبو عامر.

وأضاف:” الهدف الأول تحقق، لكن الثاني لم يتحقق بدليل سقوط ضحايا بشرية كثر لم يشكلوا خطرا على حياة الجنود”.

وتتخوف إسرائيل، وفق أبو عامر، من إمكانية استمرار مسيرات العودة خاصة في ظل احتمالية تصاعدها في المناسبات الوطنية؛ كيوم الأسير الفلسطيني الذي يوافق 17 من الشهر الجاري، أو في ذكرى "النكبة الفلسطينية” في 15 مايو/ أيار المقبل.

يتفق معه، حمزة أبو شنب، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، قائلاً:” إن تلك المسيرات أعادت طرح القضية الجوهرية في الصراع العربي –الإسرائيلي، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهي قضية اللاجئين الذين تم تهجيرهم من أراضيهم عام 1948″.

كما يتزامن توقيت خروج تلك المسيرات، بحسب أبو شنب، مع القرار الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونصّ على نقل السفارة من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، منتصف مايو/ أيار المقبل.

وأضاف:” كما يأتي في ظل الاستعداد لشطب حق العودة من طاولة المفاوضات أو من أي مبادرة قد تطرح للسلام (بين إسرائيل والفلسطينيين)”.

إلى جانب اقتراب موعد الاحتفالات المزمع عقدها في إسرائيل، بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيسها، ورغبتها في توجيه دعوات لعدة رؤساء للمشاركة بالاحتفال.

ويرى أبو شنب أن مسيرات العودة، وتأكيد المشاركين على تمسّكهم بحقهم، ووصول صوتهم للأطراف الدولية والإقليمية، سيشكّل عائقاً لدى إسرائيل في دعوة الرؤساء للاحتفال بتأسيسها.

في ذات السياق، تؤكد تلك المسيرات، بحسب أبو شنب، على أن كافة المشاريع "الوهمية لتوطين اللاجئين” غير مقبولة ومرفوضة.

ورغم مرور 70 عاماً على تهجيرهم من أراضيهم، تخرج مسيرات العودة للاجئين اليوم، لتؤكد أن القرارات التي تجاوزت، أو ستتجاوز حقهم بالعودة، لن يقبلها الشعب الفلسطيني، وفق أبو شنب.

ويستدل أبو شنب بذلك على انتفاضة الفلسطينيين عام 1955 بقيادة "فتحي البلعاوي، ومعين بسيسو”، ضد مشروع التوطين في سيناء والذي طرحته الإدارة الأمريكية عام 1953؛ لإلغاء حق العودة.

وتابع:” الفلسطينيون نجحوا في إسقاط ذلك المشروع، وسينجحون في إسقاط مشاريع شطب قضية اللاجئين، فهم قادرين على تغيير المعادلات”.

يتفق معهما مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، حيث يقول إن مسيرات العودة "أعادت طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين على أجندة السياسة الدولية”.

وأضاف:” التحرك الشعبي الأخير فاجأ الجميع، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته”.

ويرى إبراهيم ان تلك المسيرات "ستضع العالم أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية كما أنها ستعيد الوعي بالقضية الفلسطينية”.

ويتوقع إبراهيم وجود "تفاعلات دولية في حال استمرت التحركات الشعبية قرب حدود غزة بهذا الزخم”.

كما قد تضع تلك التفاعلات الدولية، الجميع أمام مسؤولياته خاصة فيما يتعلق بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (194).

وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 1948، قرار رقم (194) القاضي "بوجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم”، وفق البند 11 من القرار.

وشكّلت تلك المسيرات صدمة للأطراف العربية والدولية التي اعتقدت أن "الفلسطينيين سيتساوقون مع صفقة القرن”، كما قال إبراهيم.

ويرى أن تلك التحركات الشعبية من شأنها أن تخدم النظام السياسي الفلسطيني؛ الذي عليه أن يلتقط المبادرة ويتحرك بشكل أقوى من ذي قبل.

(الأناضول)