مشاركون في ذكرى يوم الأرض حاولوا التوجه إلى الحدود فمنعهم الجيش اللبناني
السبت، 31 آذار، 2012
على الأرض، بدا يوم الارض، على شاكلة اهل الارض، فلسطينيون ولبنانيون ذهبوا شتاتا الى قلعة الشقيف التي لم يتذكر احد، في تلك اللحظة، ان الصليبيين هم الذين بنوها، والتي منها يمكن ان تشاهد اجزاء من الجليل. العيون فقط هي التي تطأ ارض فلسطين، الاقدام لا. من زمان رسم ناجي العلي القضية وهي على كرسي متحرك. مقعدة، واقعدها اهلها، الى اشعار اخر، اخر جدا.
رسالة إسرائيلية: لا تقتربوا
الذكرى السادسة والثلاثون ليوم الارض، في السنوات الاولى لاحياء هذا اليوم، كان هناك من يدعو الى ان يسير كل فلسطينيي لبنان، سيرا على الاقدام، الى الشريط الشائك، ولم يكن قد استحدث بعد الخط الازرق، ولا ذلك الجدار من القبعات الزرق، على ان تخترق المسيرة العارية الشريط ليدخلوا الى ارضهم، فكان ان تل ابيب بعثت برسالة واضحة: كل من يمس الشريط سيقتل.
لم تستنفر البنادق فقط آنذاك، ولا الرشاشات، ولا حتى المدافع بل الدبابات والقاذفات ايضا، هذه فرصة ذهبية للتخلص من كل الفلسطينيين دفعة واحدة، وفي نهاية المطاف، يعلن في العواصم الكبرى ان الاسرائيليين واجهوا، ببطولة، مئات الآلاف «من قبائل ياجوج وماجوج»، الذين حاولوا اجتياح بلادهم..
القلعة - المقهى
قيل ان قلعة الشقيف اختيرت لانها رمز للمقاومة الفلسطينية، كانت رمزا، وما لبثت ان تحولت الى مقهى لتناول الشاي. وكانت القبس قد اجرت تحقيقا من داخل القلعة. المصور وانا نجونا باعجوبة من القذائف الاسرائيلية التي راحت تتساقط على الطريق لدى رؤية السيارة، ولدى الوصول الى القلعة كان «الفدائيون» يحتسون الشاي، وراحوا يطلعوننا، حينا بالعين المجردة، وحينا بالمنظار، على المواقع الاسرائيلية..
وقال لنا المسؤول عن القلعة ان وجودهم هنا، في ذلك الموقع الاستراتيجي، اثار الهلع لدى الجنود الاسرائيليين الذين شاهدناهم من دون الحاجة الى المنظار. وحين سألنا المسؤول لماذا لا تطلقون النار عليهم، قال «ان التعليمات تقتضي بالا نفعل ذلك في الوقت الحاضر». ولم يكن هذا بالمظهر الوحيد من «الكوميديا الفلسطينية» في لبنان.
الثورة.. بقرة
اكثر من ذلك، وبعدما تحولت الثورة الى «بقرة»، بالحرف الواحد قال ماجد ابو شرار لــ القبس، يتندر المقاتلون الفلسطينيون الذين هرب قادتهم من مخيم عين الحلوة وصيدا ابان الاجتياح الاسرائيلي في يونيو 1982، فيما بقوا هم يواجهون دبابات ارييل شارون، ان رصاصة واحدة لم تطلق من قلعة الشقيف ضد الاسرائيليين، بل ان القائئد العسكري هناك امر بالانسحاب التكتيكي، ماذا لو علمنا ان الانسحاب التكتيكي كان الى البقاع، حيث هرب كل اولئلك الذين كانوا يحملون اسماء هائلة (ابو الهول، وابو الجماجم، وابو الزعيم، وابو الليل، وابو شاكوش وابو ساطور..).
من تذكر امس اي كوميديا (اي تراجيديا) عاشتها قلعة الشقيف ايام منظمة التحرير، والتي اقام فيها المتظاهرون صلاة الجمعة امس، ازدادوا يقينا بان النفاق يقود الى مكان باستثناء فلسطين.
نواطير القرى
الهيئة المنظمة مربكة. الظاهرة الفولكلورية اللافتة كانت استقدام 6 حاخامات من جماعة ناطوري كارتا (اي نواطير القرى) الذين يناصبون الصهيونية العداء، ولا يعترفون بان اسرائيل قامت لان وقت الوعد الالهي لم يحن بعد، حاخامات لا حول ولا قوة لهم، ولا شعبية، ثم انهم حالة لا هوتية، او توراتية، اكثر منهم حالة سياسية.
وكان الكثيرون يسألون عن مدى تأثير هؤلاء اما في الرأي العام الاسرائيلي واما في الرأي العام العالمي... لا شيء، بعدما اوحت تل ابيب بانها قد تتعرض للاعتداء من قبل المتظاهرين، مع ان القلعة تبعد نحو 10 كيلومترات كخط مستقيم عن الحدود.
منذ اشهر كان هناك ما يتحدث عن عشرات الآلاف الذين سيزحفون في يوم الارض. في الاسبوع الاخير راح العدد يتقلص الى بضعة آلاف،لا باصات لأنه لا مال، ثم ان الفصائل الفلسطينية اختلفت في ما بينها والاحزاب اللبنانية اختلفت ايضاً، ثمة من قال ان الوصول الى قلعة الشقيف فقط لا يحمل اي معنى والمسيرة تحصل على صدقيتها عندما تصل الى الحدود، وربما الى ما بعد الحدود، وثمة من حذر من ان مثل هذه الخطوة تعني اعطاء الاسرائيليين الذريعة لتفجير الوضع.
قرع الطبول
فناء القلعة محدود جغرافيا، والحشد كان محدودا للغاية واللافت كان «فرقة الطبول» مجموعات من الفتيان الصغار الذين اعتمروا الكوفية الفلسطينية، فضلا عن الزي الفلوكلوري، وراحوا يقرعون الطبول فيما كان هناك من يعزف على المزمار مردداً المواويل والاغاني الفلسطينية.
اللافت اكثر هو حضور وفود من الهند واندونيسيا وباكستان وايران، وجنوب افريقيا، الذين اختطلوا مع الآلاف الثلاثة الذين احتشدوا في المكان، وقد انشغلت الوفود الاجنبية في طرح الاسئلة حول الحدود، ومن تلك التلة المرتفعة التي تشرف على جانب من هذه الحدود.
وعلى الرغم من الانتشار الأمني والعسكري لمنع حصول اي اختراقات فقد اندفع عدد من المشاركين نزولاً نحو وادي نهر الخردلي، لكن الجيش سارع الى اعادتهم الى المنطقة شمال نهر الليطاني وفقاً للاتفاق بينه وبين الفصائل الفلسطينية وقد اوقف هؤلاء لنحو ربع ساعة ثم أطلقوا بعدما اكدوا اعتزامهم التوجه الى الحدود.
المصدر: جريدة القبس الكويتية